بعد عامين من السابع من أكتوبر.. أين يقف النظام الإيراني؟

بعد عامين من هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، كان التأثير المباشر وغير المباشر لهذا الحدث على مصير النظام الإيراني وجماعاته الوكيلة كارثيًا.
بعد عامين من هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، كان التأثير المباشر وغير المباشر لهذا الحدث على مصير النظام الإيراني وجماعاته الوكيلة كارثيًا.
في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أسفرت العملية التي شنتها حماس ضد إسرائيل، وفقًا للتقارير، عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين. كان رد إسرائيل على هذا الهجوم واسع النطاق ومدمرًا؛ حيث أفادت مصادر فلسطينية أن عدد الضحايا الفلسطينيين تجاوز حتى الآن 67 ألف شخص.
خلال العامين الماضيين، تسبب هذا الهجوم الأولي في هزائم وضربات للنظام الإيراني وشبكاته الوكيلة لم تكن متخيلة من قبل، إلى درجة أن النظام الإيراني أصبح اليوم في أضعف عصوره، مما جعل الكثير من الإيرانيين يتطلعون بأمل أكبر إلى سقوطه السريع.
عندما وقع هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، رحب قادة النظام الإيراني، بما في ذلك المرشد علي خامنئي ومسؤولون كبار آخرون، بوضوح بهذه العملية وأشادوا بها. وعلى الرغم من أن المسؤولين الرسميين أعلنوا أن إيران لم تشارك في تصميم الهجوم أو تنفيذه، إلا أن الدعم والإشادة العلنية بالهجوم كانت واضحة.
وصف خامنئي هذه العملية في خطاباته بأنها تسببت في "هزيمة لا يمكن تعويضها" لإسرائيل، وأعرب عن إشادته بالمنفذين. في تلك الفترة، حاول بعض الشخصيات السياسية، مثل محمد جواد ظريف، تبرير عمل حماس، مدعين أن الضحايا لم يكونوا مدنيين، وهو موقف قوبل بانتقادات واسعة من قبل الإيرانيين الذين أدانوا قتل المدنيين.
في داخل إيران، كانت الردود متباينة: من جهة، رحب المسؤولون الرسميون وقادة الحرس الثوري بالعملية وأشادوا بها؛ ومن جهة أخرى، اعتبر جزء كبير من الشعب والناشطين السياسيين ذلك جريمة، وحذروا من أن توسع النار ودعم الجماعات الوكيلة قد يمتد ضرره إلى إيران.
كان السابع من أكتوبر في البداية ضربة لسمعة إسرائيل العسكرية والاستخباراتية، حيث أثارت المفاجأة والخسائر الكبيرة الأولية شكوكًا حول سمعة أجهزتها الاستخباراتية وجيشها.
في أعقاب هذه الصورة الأولية، أظهر بعض قادة الحرس الثوري والتيارات القريبة من النظام الإيراني تفاؤلًا وحتى ابتهاجًا بما اعتبروه "أفول" إسرائيل؛ لكن ما حدث خلال العامين التاليين كان عكس توقعاتهم تمامًا.
ردًا على ذلك، استهدفت إسرائيل حماس. وتم استهداف وقتل العديد من قادة وأمراء حماس في مواقع مثل الدوحة وطهران وبيروت وغزة، بما في ذلك أشخاص كانوا يُعتبرون قادة عسكريين ومتوسطي المستوى في الجماعة. أدت هذه الضربات إلى تقليص كبير في القدرة القتالية والقيادية لحماس، وتقييد بقايا قواتها في غزة.
في الوقت نفسه، تعرض حزب الله اللبناني، الذي بدأ تحركات عسكرية ضد إسرائيل في اليوم التالي لهجوم حماس، وتسبب وفقًا لبعض التقارير الإعلامية في تهجير ما يصل إلى 80 ألف إسرائيلي من شمال البلاد، لهزيمة كبيرة في مواجهة رد فعل إسرائيل القوي.
في البداية، دافع قادة النظام الإيراني والجماعات الوكيلة عن فتح جبهات متعددة ضد إسرائيل كجزء من "وحدة الساحات"، لكن عندما ردت إسرائيل بقوة على حزب الله، أظهرت الخسائر الكبيرة واستهداف قادته الكبار أن التقديرات بشأن قدرات حزب الله ومدى تهديداته كان مبالغًا فيها.
أدى الضغط العسكري الإسرائيلي في النهاية إلى هزيمة عسكرية ثم إلى إضعاف سياسي لحزب الله في لبنان، حيث لم يعد التنظيم قادرًا على الحفاظ على نفوذه في العمليات السياسية اللبنانية كما كان في السابق.
كان لهذه السلسلة من الهزائم تداعيات أبعد مدى. يعتقد العديد من المحللين أن إضعاف حزب الله مهد الطريق لتغييرات هيكلية في لبنان، وكذلك لإضعاف الدعم للأنظمة الحليفة للنظام الإيراني في المنطقة مثل سوريا.
بل إن البعض يربط سقوط نظام بشار الأسد في سوريا بشكل غير مباشر بإضعاف حزب الله وتقلص قدرات النظام الإيراني الوكيلة، حيث كان لحزب الله والحرس الثوري دور حاسم في دعم الأسد سابقًا، وأدى إضعافهما إلى تقليص قدرتهما على مواصلة هذا الدعم.
إضافة إلى ذلك، نفذت إسرائيل هجمات ضد الحوثيين في اليمن، وفي العراق، وتمكنت بالتعاون مع الولايات المتحدة من تقليص هجمات بعض الجماعات المسلحة والحشد الشعبي والسيطرة عليها.
بشكل عام، خلال العام الأول من الحرب، تمكنت إسرائيل من استهداف جزء كبير من شبكة ما يسمى "محور المقاومة"، ووجهت ضربات مهمة للقدرات العملياتية والهياكل الداعمة للنظام الإيراني، ثم توجهت نحو إيران نفسها.
يظهر تحليل سلوك الحرس الثوري وقادته الكبار أن حساباتهم بشأن الحرب مع إسرائيل كانت تستند إلى افتراضات فقدت فعاليتها في ميدان الواقع.
كان العديد من مناوراتهم العسكرية وتدريباتهم الافتراضية تركز على "حرب برية واسعة النطاق" أو تستند إلى افتراض أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيُنزلون قوات على السواحل الخليجية؛ وهي صور لم تتطابق مع واقع الحرب الأخيرة وسرعة وشدة رد إسرائيل.
نتيجة لذلك، قُتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري في المراحل الأولى من القتال، وهو ما كان رمزًا لهذه الحسابات الخاطئة.
باختصار، ما حدث خلال العامين الماضيين لم يغير مسار التطورات الإقليمية فحسب، بل أضعف بشدة مصداقية وكفاءة شبكة الوكلاء التابعة للنظام الإيراني.
يواجه النظام الإيراني الآن مجموعة معقدة من التحديات العسكرية والسياسية والدبلوماسية، التي جعلت أجزاء كبيرة من المجتمع الإيراني تأمل في تغيير أسرع وإسقاط النظام الإيراني في وقت أقرب.
تسبب هجوم السابع من أكتوبر في أن تغير إسرائيل وجه الشرق الأوسط، وأضعفت النظام الإيراني بطريقة تهدد بقاءه بشكل جدي.