وتأتي تصريحات عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، محمد رضا باهنر، في وقت تكافح فيه القيادة الإيرانية لاحتواء سخط الرأي العام في ظل تجدد عقوبات الأمم المتحدة.
ويبرز هذا الرد العنيف الانقسامات المتزايدة داخل المؤسسة المحافظة في إيران بشأن مدى تدخل الدولة في مراقبة الأخلاق والرموز الدينية.
وقال باهنر للصحفيين في 3 أكتوبر (تشرين الأول) إن قانون الحجاب والعفة، الذي أوقفه مجلس الأمن القومي الإيراني بهدوء في مايو (أيار)، "لم يعد قابلًا للتطبيق قانونيًا".
ومن المرجح أن يتم تعليق القانون بسبب المخاوف من إشعال التوترات بعد وفاة الشابة مهسا أميني في حجز شرطة الأخلاق عام 2022، ما أدى إلى احتجاجات واسعة قُمعت بالقوة المميتة.
وقال باهنر: "لا يوجد حاليًا أي قانون ملزم أو قابل للتطبيق بشأن الحجاب، القرار العام للنظام هو أنه لا يوجد قانون حجاب إلزامي ساري المفعول".
وانتقد "حزب اللهيين" المحافظ المخضرم أنصار النظام المتشددين لمحاولتهم فرض تفضيلاتهم على 90 بالمائة من المواطنين الإيرانيين الذين "يريدون العيش كما يختارون".
الغرب "الهمجي والعاري"
وفي جلسة البرلمان الساخنة يوم السبت، شن النواب المتشددون هجومًا منسقًا.
وقال النائب البارز أحمد رستينه مخاطبًا باهنر الغائب عن الجلسة: "أي مصالح يتم الدفاع عنها في مجلس تشخيص المصلحة؛ مصالح إيران أم مصالح النظام الغربي الهمجي والعاري؟".
وأضاف: "أولئك الذين يروجون للعري ويدعون أنه لا يوجد قانون حجاب لا يختلفون عن أولئك الذين يخيفون الأمة بظل الحرب. كلاهما يستهدف النظام الإسلامي".
واتهم النائب أمير حسين بانكي بور، رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف والرئيس مسعود بزشكیان بمنع تطبيق القانون، قائلاً على التلفزيون الرسمي إن كلا الرجلين "فشلا في نقل قرار البرلمان إلى الجهات التنفيذية".
وفي مقابلة حديثة مع "فوكس نيوز"، أعاد بزشكیان التأكيد على معارضته للإكراه، قائلاً إنه "لا يؤمن بإجبار النساء على ارتداء الحجاب".
واستشهد بانكي بور بموقف المرشد علي خامنئي، مؤكدًا: "لقد صرح المرشد عدة مرات- علنًا وبوضوح- بأنه لن يكون هناك تراجع في قضية العفة والحجاب".
وانتقد حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان المتشددة، مصطلحات باهنر، قائلًا إن "الحجاب الإجباري" عبارة "مفبركة من أعداء الإسلام والثورة".
وكتب شريعتمداري: "لم يوضح السيد باهنر ما يعنيه باستخدام مصطلح "الحجاب الإجباري". إذا كان الحجاب متطلبًا قانونيًا- وهو كذلك- فلماذا لا يُطبق؟".
تراجع هادئ
وكان خامنئي قد تناول القضية بقوة آخر مرة في أبريل (نيسان) 2023 عندما أعلن أن تجاهل الحجاب "حرام دينيًا وسياسيًا".
وفي الوقت نفسه، أفادت وسائل الإعلام الإصلاحية مثل "إنصاف نيوز" أن المشهد الحضري في إيران قد تجاوز النقاش القديم بالفعل.
ففي طهران وبعض المدن الأخرى، انخفض عدد النساء اللواتي يرتدين الحجاب بشكل ملحوظ، بينما ترتدي أخريات أوشحة فضفاضة على الأكتاف وخلف الشعر.
وقد اختفى تقريبًا المعطف الطويل (مانتو) الذي كان منتشرًا في السابق، واستُبدل بالبلوزات الطويلة والسراويل. كما أصبحت القمصان القصيرة والقمصان المفتوحة أكثر وضوحًا بين الشابات؛ وهو تحول هادئ لكنه لا يمكن إنكاره في الحياة اليومية.