وثائق سرية: شخصيتان رئيسيتان ترتبطان بالحرس الثوري الإيراني تعملان في تهريب النفط

حصلت "إيران إنترناشيونال" على وثائق تكشف أن مجيد أعظمي، الشخصية النفطية المقربة من الحرس الثوري الإيراني، والذي سبق أن فرضت عليه واشنطن عقوبات، حاول بمساعدة مسؤول رفيع من دولة أجنبية سحب 1.6 مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في لوكسمبورغ.
كما قام أعظمي، بمساعدة ذات المسؤول الرفيع، بتنظيم اجتماع سري في عاصمة خليجية لتمكين إيران من دفع رشوة وترتيب لقاء سري لتسوية خفية بين شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة "كريسنت" الإماراتية من خلال دفع تعويض.
وكان من المفترض أن يتم تحويل هذه الأموال عبر بنك "FIIB" المسجل في ماليزيا والمملوك لبابك زنجاني، المتهم الرئيسي في قضية فساد تتعلق ببيع النفط.
وثائق تعاون أعظمي مع الحرس الثوري
وتم الحصول على هذه الوثائق نتيجة اختراق خوادم شركة "سبهر انرجی جهان نمای بارس" من قبل مجموعة القرصنة "برانا"، وتم تسليمها إلى "إيران إنترناشيونال".
في ديسمبر (كانون الأول) 2023، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على أعظمي، المدير التنفيذي لهذه الشركة.
إلى جانبه، تم فرض عقوبات على الشركة نفسها وشخص يُدعى إلياس نيرومند توماج، وهو موظف رئيسي في الشركة.
ونيرومند توماج مهندس نفط وخريج جامعة شريف الصناعية. هذا المواطن الإيراني البالغ من العمر 35 عامًا، وهو من مدينة بندر تركمان، عضو في مجلس إدارة شركة "سبهر انرجی همتا بارس" ومفتش بديل في شركة "سبهر انرجی جهان نمای تابان".
كلا الشركتين تابعتان لشركة "سبهر انرجی جهان نمای بارس" ومملوكتان للقوات المسلحة الإيرانية، والتي تم فرض عقوبات عليهما في فبراير (شباط) الماضي، ضمن الجولة الأولى من عقوبات إدارة ترامب الجديدة ضد إيران.
ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، بعد شهر من فرض العقوبات، أرسل أعظمي ونيرومند توماج شكوى رسمية عبر البريد الإلكتروني إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) في وزارة الخزانة الأميركية، مدعين أنهما لا علاقة لهما بالقوات المسلحة، وأن العقوبات يجب أن تُرفع عنهما.
وزعما أنهما لم يوقعا أي عقود لبيع منتجات النفط والغاز الإيرانية. تم إرسال البريد الإلكتروني من حساب نيرومند توماج الشخصي.
لكن الوثائق التي حصلت عليها "إيران إنترناشيونال" تُظهر أنهما ليسا فقط يعملان لصالح القوات المسلحة والحرس الثوري، بل إن أنشطتهما في بيع النفط تحظى بدعم كامل من الأجهزة الأمنية.
إحدى هذه الوثائق هي رسالة من شركة النفط "ستاره خليج فارس" إلى شخص يُدعى إسحاقي، قائد مقر النفط والبتروكيماويات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، تتعلق بعقد بيع "LPG" (الغاز السائل)، كتبت بعد أيام من إرسال البريد الإلكتروني إلى (OFAC).
في الفقرة الأخيرة من الرسالة، تم التأكيد على أن تكلفة تأمين رصيف لم يُحدد اسمه سيتم دفعها إلى حساب القوات المسلحة أو شركة "سبهر انرجی جهان نمای پبرس" كممثل لهذا المقر.
في وثيقة أخرى، وهي مسودة عقد بيع الغاز السائل، تم تصنيف شركة "سبهر انرجی همتا بارس" صراحة كممثل لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة.
وفي وثيقة أخرى، وهي مسودة عقد تأجير السفينة المحظورة Downy المملوكة لشركة الناقلات النفطية الوطنية الإيرانية، يضمن مقر النفط والبتروكيماويات في هيئة الأركان العامة جميع التزامات ومسؤوليات شركة "سبهر انرجی جهان نمای بارس".
هذه الوثائق لا تترك مجالًا للشك في أن مجيد أعظمي وشركة "سبهر انرجی جهان نمای بارس" كانا في خدمة القوات المسلحة والحرس الثوري.
أعظمي، البالغ من العمر 42 عامًا ومن مواليد أصفهان، تولى خلال السنوات السبع الماضية إدارة العديد من الشركات شبه الحكومية في إيران. وهو أحد الشخصيات المؤثرة في تجارة القار في إيران، حيث اتهمته هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية والقضاء في عام 2019 بالفساد في بيع القار، وهو الاتهام الذي نفاه.
في طريق لوكسمبورغ
تحول أعظمي خلال السنوات الثلاث الماضية إلى إحدى الشخصيات الرئيسية في بيع النفط المهرب من إيران. في عهد حكومة إبراهيم رئيسي، كان يبيع النفط من خلال شركة "سبهر انرجی جهان نمای بارس" لشبكة أمنية عسكرية يديرها محمد جواد باوند، نائب رئيس دائرة الاقتصاد في جهاز استخبارات الحرس الثوري.
لم يعنِ انتهاء حكومة رئيسي نهاية مهمة أعظمي. في 10 مارس (آذار)، كشفت "إيران إنترناشيونال" في تقرير أن أعظمي كان يخطط للسفر إلى لوكسمبورغ لسحب مليار و600 مليون دولار من الأموال الإيرانية المجمدة التي كانت تحت سيطرة شركة Clearstream، إحدى الشركات التابعة لبورصة ألمانيا.
هذه الأموال جزء من خمسة مليارات دولار من عائدات بيع النفط الإيراني، التي تم تجميدها منذ عام 2008 بسبب تهديدات أميركية بالعقوبات.
في النهاية، لم ينجح أعظمي في تحقيق ذلك. لكن وفقًا لمعلومات قدمها مصدر مطلع لـ"إيران إنترناشيونال"، تواصل أعظمي في أواخر مارس (آذار) الماضي مع مسؤول رفيع المستوى من دولة أجنبية واتفق معه على تحرير الأموال الإيرانية من لوكسمبورغ عبر إحدى شركاته النفطية.
كان من المفترض أن يسلم المسؤول الرفيع الأموال إلى النظام الإيراني في شكل عملة رقمية أو ذهب، مقابل رشوة كبيرة على شكل عمولة.
اجتماع سري
في عام 2025، دخل مجيد أعظمي في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في إيران خلال العقدين الماضيين.
منذ حوالي 22 عامًا، وقّعت إيران عقدًا مع شركة "كريسنت" الإماراتية لبيع الغاز الحامض من حقل "سلمان الغازي" إلى الإمارات العربية المتحدة لمدة 20 عامًا.
لكن هذا العقد تحول إلى موضوع صراعات فئوية في إيران، وفي النهاية، ألغت هيئة التفتيش العامة العقد. رفعت شركة "كريسنت" دعوى قضائية ضد طهران في المحاكم الدولية.
بعد هزائم متكررة لشركة النفط الوطنية الإيرانية في النزاع القانوني مع "كريسنت"، ظهرت تقارير عديدة عن استيلاء "كريسنت" على أصول إيرانية بمليارات الدولارات في الخارج. حُكم على إيران في المرحلة الأولى بدفع ملياري دولار للشركة الإماراتية.
ووفقًا لمعلومات جديدة حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، قررت طهران التوصل إلى تسوية سرية مع كريسنت من خلال دفع تعويض بهدوء.
لهذا الغرض، سافر فريق إيراني في الأسابيع الأخيرة إلى الدوحة للمشاركة في اجتماع سري نظمه أعظمي.
في هذا الاجتماع، تم الاتفاق على دفع مستحقات كريسنت من ودائع إيران في بنك ماليزي يُعرف باسم البنك الإسلامي الأول للاستثمار (FIIB)، والذي يملكه بابك زنجاني.
وأكدت مصادر مطلعة لـ"إيران إنترناشيونال" أن شركة النفط الوطنية الإيرانية حصلت على إذن من محكمة ماليزية لسحب هذه الأموال، لكن بما أن بنك بابك زنجاني خاضع للعقوبات الأميركية، فإن وصول هذه الأموال إلى كريسنت سيعني أن الشركة الإماراتية انتهكت العقوبات.
وأضافت المصادر أن زنجاني، بمساعدة مسؤولين إيرانيين، يسعى للحصول على إذن من وزارة الخزانة الأميركية لدفع هذه الأموال من بنك (FIIB).
بنك بابك زنجاني مركز للأموال الملوثة للحرس الثوري
تؤكد المعلومات أعلاه أن زنجاني استأنف تعاونه مع وزارة النفط والحرس الثوري. لكن "إيران إنترناشيونال" حصلت على وثيقة سرية تُظهر أن بنك بابك زنجاني كان، منذ 13 عامًا على الأقل، مستودعًا للأموال التي جمعها الحرس الثوري من بيع النفط المهرب ومن عقود نفطية.
هذه الوثيقة هي محضر مفاوضات أجريت في عام 2012 في وزارة النفط حول مشاريع تطوير حقل "بارس" الجنوبي الغازي، قدمها أحمد قلعه باني، رئيس شركة النفط الوطنية آنذاك، إلى رستم قاسمي، وزير النفط آنذاك.
وتُشير الوثيقة صراحة إلى أنه بأمر من المرشد علي خامنئي، تم تخصيص مبلغ كبير من صندوق التنمية الوطنية لمقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري لتطوير عدة مراحل من حقل "بارس" الجنوبي.
في جزء آخر من الوثيقة المسربة، تم الكشف عن أن مقر خاتم الأنبياء، بصفته المقاول، قدم حسابًا في بنك "FIIB" في ماليزيا، وتم تحويل مليار و48 مليون دولار إلى هذا الحساب للمرحلة 13 من حقل بارس الجنوبي فقط.
في عام 2019، بعد انسحاب الشركات الدولية الكبرى العاملة في صناعة النفط من إيران، سلمت وزارة النفط تطوير خمس مراحل من حقل "بارس" الجنوبي الغازي إلى مقر خاتم الأنبياء، لكن الحرس الثوري تخلى لاحقًا عن إكمال هذه المراحل.
خلال فترة العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما بلغ نفوذ الحرس الثوري في وزارة النفط ذروته، كان زنجاني يبيع النفط الإيراني في السوق السوداء.
في مايو (أيار) 2013، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليه بتهمة التحايل على العقوبات. وكان قد خضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي قبل ذلك بخمسة أشهر.
في يناير (كانون الثاني) 2014، تم القبض على زنجاني واتُهم بعدم إعادة حوالي ملياري دولار من عائدات بيع النفط الإيراني إلى البلاد.
قبل تسع سنوات، وبعد عقد 26 جلسة محكمة، حُكم على زنجاني بالإعدام بتهمة الفساد و"الإفساد في الأرض".
في إحدى جلسات المحكمة، اعترف زنجاني بأنه وضع هذا المبلغ من عائدات بيع النفط في بنك "FIIB"، لكنه لا يستطيع سحب الأموال بسبب العقوبات المفروضة على البنك.
في مايو (أيار) 2024، أعلن القضاء الإيراني أنه تم تحديد أصول زنجاني وتسديد ديونه، وتم إلغاء حكم الإعدام بموافقة خامنئي وتحويله إلى 20 عامًا في السجن. وفي أواخر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، تم إطلاق سراحه.
في 20 أبريل (نيسان) 2025، عاد بابك زنجاني بشكل واضح إلى الاقتصاد الرسمي في إيران، حيث أُعلن أن وزارة النقل والتنمية العمرانية وقّعت عقدًا بقيمة 61 تريليون تومان مع شركة "آوان ویل"، إحدى الشركات التابعة لمجموعته القابضة الجديدة المسماة "وان"، لتوفير عربات قطار.
تُظهر الوثائق والمعلومات الجديدة أن زنجاني، الذي وصف نفسه ذات مرة في مقابلة بأنه "بسيجي اقتصادي"، عاد أيضًا إلى اقتصاد الظل في إيران، ويلعب دورًا بارزًا إلى جانب أعظمي في شبكة تهريب النفط التابعة للحرس الثوري.