فائزة هاشمي تتهم خامنئي: لم يستطيعوا إسكات رفسنجاني فقرّروا تصفيته

في تصريح غير مسبوق، وجّهت فائزة هاشمي، ابنة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، اتهامًا مباشرًا إلى علي خامنئي بالوقوف وراء مقتل والدها.

في تصريح غير مسبوق، وجّهت فائزة هاشمي، ابنة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، اتهامًا مباشرًا إلى علي خامنئي بالوقوف وراء مقتل والدها.
ومع تصاعد الجدل حول الخلافات بين الرئيس الأسبق حسن روحاني وخامنئي بشأن إدارة النظام الإيراني، عاد الحديث مجددًا عن ملف الوفاة المشبوهة لرفسنجاني.
تشير الشواهد والقرائن إلى أن وفاة رفسنجاني لم تكن طبيعية، بل عملية تصفية سياسية داخلية على أعلى مستويات السلطة في النظام الإيراني.
فائزة، الابنة الصغرى لرفسنجاني، قالت في حديثها الأخير: "لأنهم لم يتمكنوا من إسكات والدي أو سجنه، قرروا التخلص منه".
وعلى مدى السنوات الماضية، أكّد أفراد عائلة رفسنجاني مرارًا أن وفاته كانت غامضة. فبينما تحدث ابنه الأكبر محسن بحذر عن "وجود غموض"، التزم مهدي وياسر الصمت في الغالب. أما ابنتاه فاطمة وفائزة، فقد عبّرتا بوضوح عن اعتقادهما بأن خامنئي أمر بتصفيته، وإن تجنبتا ذكر اسمه صراحة.
ويرى كثيرون أن هذا الملف لن يُغلق قريبًا، بل قد تُكشف حقيقته فقط بعد سقوط النظام الإيراني، حين يُعرف ما الذي جرى تحديدًا في مساء 8 يناير (كانون الثاني) 2017، داخل ذلك المسبح الذي شهد وفاة رفسنجاني.
بعد تصريحات فائزة الأخيرة، أعدتُ مراجعة جميع الشواهد؛ من تاريخ الوفاة إلى خطاب خامنئي في صباح اليوم نفسه الذي ألقاه أمام حشد من أهالي قم. كنت أعلم أن خامنئي تحدث في ذلك الخطاب عن "الأعداء الخارجيين والداخليين"، لكنني أعدت قراءة النص الكامل لأفهم السياق العام الذي سبق وفاة رفسنجاني بساعات قليلة.
في خطابه آنذاك، أكد خامنئي مرارًا أن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل هم أعداء النظام الإيراني، قبل أن ينتقل فجأة إلى الحديث عن "العدو الداخلي".
في هذا السياق، وردت جملة لافتة يمكن أن تكون مفتاحًا لفهم ما جرى، إذ قال خامنئي بالحرف: "إذا أصبح بدلاً من الشيطان الأكبر الحقيقي، أحدُ إخواننا الفاسدين أو المنحرفين، شيطاننا الأكبر، فسنُصاب بضربة. فليكن واضحًا أن هذا أيضًا عدوّنا".
هذه العبارة، كما يقول الكاتب، قد تكون إشارة رمزية أو كلمة سر لتنفيذ قرار تم اتخاذه مسبقًا. فقد استخدم خامنئي كلمات محددة: "أكبر"، "أخ"، و"عدو"- وهي مصطلحات ترتبط مباشرة باسم أكبر هاشمي رفسنجاني.
ويرجّح الكاتب أن الأجهزة الأمنية كانت تنتظر صدور هذه الإشارة من فم خامنئي لتعتبرها الأمر النهائي بتنفيذ الاغتيال.
بعد ساعات قليلة من الخطاب، ذهب رفسنجاني إلى المسبح وفق جدول نشاطه اليومي، وهناك توفي في ظروف غامضة. وتشير تقارير إلى أن حراسه تأخروا في إخراجه من الماء ونقله إلى المستشفى، ما يزيد من الشكوك حول تورط رسمي في الحادثة.
ومن دون ضوء أخضر من خامنئي، من المستبعد أن يجرؤ أي جهاز- سواء وزارة الاستخبارات أو استخبارات الحرس الثوري- على تنفيذ مثل هذا العمل ضد شخصية بوزن رفسنجاني.
والاحتمال الأقرب هو أن القرار جاء مباشرة من خامنئي، وأن تلك العبارة في خطابه كانت بمثابة رمز تشفيرٍ لإعطاء الإذن بالتنفيذ.
النقطة الثالثة التي يكشفها تحليل الخطاب هي أن خامنئي اتهم "الأعداء الداخليين" بمحاولة إضعاف الحرس الثوري ومجلس صيانة الدستور.
في ذلك الوقت، كان رفسنجاني قد وجّه انتقادات علنية شديدة لهذين المؤسستين، خاصة بعد رفض مجلس صيانة الدستور ترشح حسن الخميني لعضوية مجلس الخبراء. تلك الانتقادات فُسرت حينها على أنها تحدٍ مباشر لخامنئي نفسه.
وقد يكون هذا التمرد العلني من رفسنجاني هو ما دفع خامنئي إلى اتخاذ قرار "الحذف النهائي".
اليوم، وبعد مرور أعوام على وفاته، يبدو أن خامنئي لم يعد قادراً على السيطرة على الصراعات الداخلية داخل النظام. فابتعاده عن المشهد العام وصعوبة الوصول إليه أدّيا إلى تصاعد حرب النفوذ بين أجنحة السلطة.
وإذا كانت هذه الفوضى موجودة وخامنئي لا يزال على قيد الحياة، فإن غيابه المحتمل سيُفجّر صراعًا أعنف قد يصل إلى عمليات تصفية جسدية متبادلة بين كبار المسؤولين مثل محمد باقر قاليباف، وحسن روحاني، ومحمد جواد ظريف، وقادة الحرس الثوري.
ومع أن هذه الصراعات تُضعف النظام، فإنها من جهة أخرى تكشف للشعب الإيراني زيف الخطاب الديني والأخلاقي للسلطة، وتوضح أن الصراع الحقيقي يدور حول المال والنفوذ، لا المبادئ ولا خدمة الناس.
كما أن الوفيات الغامضة لأشخاص مثل أحمد الخميني وهاشمي رفسنجاني تشير إلى أن التصفيات الداخلية قد تتكرر كلما اشتدت المنافسة على السلطة في قمة النظام الإيراني.