بالنسبة إلى دوائر الحكم الداخلية، تمثل انتخابات مايو (أيار) 2026 ساحة أخرى للصراع على النفوذ، ولا سيما في العاصمة طهران، حيث ينتخب المجلس البلدي رئيس البلدية، وهو أحد أقوى المسؤولين المحليين في إيران وغالباً ما يُعد منصباً تمهيدياً للوصول إلى مناصب أعلى.
كثير من أعضاء المجالس السابقين انتقلوا لاحقاً إلى البرلمان أو المناصب الوزارية؛ وكان محمود أحمدي نجاد قد صعد من منصب رئيس بلدية طهران إلى رئاسة الجمهورية عام 2005.
في آخر انتخابات للمجلس البلدي في طهران، بلغت نسبة المشاركة أقل بقليل من 25 في المائة، وحصل المرشح الأكثر تصويتاً، مهدي جمران، الذي يترأس حالياً مجلس العاصمة، على ما لا يزيد عن خمسة في المائة من مجموع الناخبين المؤهلين.
ورغم أن كثيرين في إيران يرون أن التصويت لا معنى له وأن القرارات تُتخذ في أماكن أخرى، فإن التيارات السياسية تواصل التنافس على مناصب قد لا تؤثر في السياسات الوطنية لكنها تتيح الوصول – بشكل قانوني أو غير قانوني – إلى النفوذ والموارد.
"عرضة للتزوير"
سارع المحافظون إلى التشكيك في جاهزية الحكومة ونواياها بشأن إدخال نموذج جديد للتصويت.
وحذر برويز سروري، نائب رئيس مجلس بلدية طهران البالغ من العمر سبعين عاماً، من "احتمال وقوع تزوير"، مشيراً إلى "عدم قدرة" وزارة الداخلية على إدارة نظام انتخابي "معقد".
ورغم انتقاداته، بدا سروري متفائلاً بشأن إمكانية تحقيق مزيد من تركّز السلطة في الانتخابات المحلية – حيث تكون عمليات التدقيق في المرشحين أقل صرامة، وقد يتمكن بعض المستقلين الطامحين من المرور.
وقال لموقع "ديده بان إيران": "النظام الجديد يمكن أن يُقصي الأحزاب السياسية عديمة الجدوى التي تنشأ بين ليلة وضحاها وتختفي بالسرعة نفسها".
وإذا نجح هذا النظام، فقد يحل تدريجياً محل النموذج التقليدي القائم على قاعدة "الفائز يحصد كل شيء"، بحيث تُخصَّص المقاعد وفقاً لنسبة الأصوات التي تحصل عليها الأحزاب، مما يجعل المجالس المحلية أكثر تمثيلاً.
الجائزة الكبرى: طهران
يبدو أن بعض المعتدلين، الذين همّشتهم عمليات الإقصاء وانخفاض نسب المشاركة، ينظرون إلى التغيير كنقطة انفتاح محتملة.
وقال سعيد نورمحمدي، المتحدث باسم حزب "ندای ایرانیان" (صوت الإيرانيين) الإصلاحي، لوكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) إن حزبه يستعد بالفعل للانتخابات، ويأمل أن تتوحد الأحزاب الإصلاحية في قائمة واحدة.
وأضاف: "يجب على الإصلاحيين إعلان مرشحهم لرئاسة بلدية طهران لجذب انتباه الناخبين"، لكنه أشار إلى أنه "لا يوجد حالياً مرشحون شباب؛ فكل من يستعدون للترشح هم في سن التقاعد تقريباً".
وتابع قائلاً: "الجيل الأول من الإصلاحيين في إيران لم يُخرّج كوادر جديدة لأنه لم يرغب في تقاسم السلطة مع الجيل الأصغر".
وأشار نورمحمدي إلى أن منصب رئيس البلدية يتمتع بـ"صلاحيات على مستوى الوزراء"، ويجب أن يكون "أولوية قصوى".
المشهد العام
مع اشتراط القانون على المرشحين المحتملين الاستقالة من مناصبهم الرسمية قبل نحو ستة أشهر من موعد الانتخابات، بدأت الصحافة في طهران تراقب باهتمام حالات الاستقالة المبكرة – وهي علامة تقليدية على أن المنافسة داخل النظام قد بدأت فعلاً.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان نظام التصويت الجديد سيساعد فعلاً القوى الإصلاحية، وما إذا كانت تجربة عام 2026 ستؤدي إلى توسيع المشاركة أم ستعيد فقط ترتيب الكتل المتنفذة القديمة.
وسيُحسم الكثير بناءً على ما إذا كان مجلس بلدية طهران سيُسمح له فعلاً بانتخاب رئيس بلديته بنفسه – أم إن القرار النهائي سيأتي، كما في السابق، من "الأعلى".