كما ترى مصادر عراقية مطلعة أن زيارة لاریجانی للعراق مرتبط بالقلق من استسلام بغداد لضغوط أميركا بشأن الحشد الشعبي.
وتصدرت عناوين الصحف اللبنانية يوم الثلاثاء 12 أغسطس (آب) زيارة مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي إلى بيروت، حيث وصفت صحيفة "نداء الوطن" هذه الزيارة بـ"استمداد حزب الله من لاریجانی".
وفي اليوم نفسه، قال لاریجانی إن لبنان والعراق "يقظان وشجاعان بما فيه الكفاية" ولا يحتاجان لتلقي أي توصيات أو أوامر من إيران.
ونفى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي تدخل النظام الإيراني في الانتخابات العراقية، واصفاً هذه التحليلات بأنها "غير دقيقة"، وأضاف: "حزب الله والتيارات المقاومة الأخرى وصلت إلى نضج فكري وسياسي كامل، ولا تحتاج لأي وصاية أو إشراف"
وكتبت وكالة "هنا لبنان"، إحدى وسائل الإعلام البارزة، في مقال أن على مسؤولّي النظام الإيراني أن يُوجه لهم تحذير "صارم" بشأن سياساتهم المدمرة في المنطقة.
وأضافت الوكالة أن سياسة النظام الإيراني تجاه لبنان "جلبت المصائب على جميع المستويات"، حيث إن دعم حزب الله دمّر الاقتصاد اللبناني، وأعاد لبنان إلى الوراء 100 عام، "دون أن تهدد حتى راحة إسرائيل".
وشددت على أنه يجب أن يعلم لاریجانی وعباس عراقجي وعلي أكبر ولايتي وإسماعيل بقائي، ومن خلالهم "كبار وصغار إيران"، أن السياسة المتبعة تجاه لبنان هي سياسة "يرفضها الغالبية الساحقة من اللبنانيين".
ونشرت صحيفة "الأنباء" تقريراً بعنوان "رسالة حازمة من لبنان سيسمعها لاریجانی"، نقلاً عن مصادر مطلعة، قالت فيه إن ميشال عون، رئيس الجمهورية اللبنانية، سيبلغ لاریجانی موقفه الواضح والحازم بشأن سلاح حزب الله خلال اللقاء المرتقب.
كما من المتوقع أن ينقل نواف سلام، رئيس وزراء لبنان، استياء بيروت من تدخل النظام الإيراني في الشؤون الداخلية اللبنانية إلى لاریجانی.
في الوقت نفسه، أكد وزير الزراعة اللبناني، في مقابلة إعلامية، احتمال استدعاء سفير النظام الإيراني في لبنان إذا استمرت التدخلات.
وفي 9 أغسطس (آب)، طالبت كتلة "التكتل الوطني اللبناني" باستدعاء السفير الإيراني في بيروت واعتباره "شخصاً غير مرغوب فيه"، رداً على تصريحات مسؤولي النظام الإيراني الرافضة لنزع سلاح حزب الله.
وبدأت الانتقادات لسفر لاریجانی في 11 أغسطس، حيث وصفه منتقدوه بأنه تدخل واضح من طهران في الشؤون الداخلية اللبنانية، ومحاولة لتشجيع حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه، واعتبروا الزيارة "وقاحة" و"جرأة".
تهديدات طهران
وقال سمير جعجع، رئيس حزب "القوات اللبنانية"، إن على الحكومة اللبنانية دعوة جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لعقد اجتماعات طارئة لمناقشة تهديدات النظام الإيراني للبنان.
وأكد أن لبنان يجب أن يقدم شكوى لمجلس الأمن الدولي يتهم فيها طهران بتهديده وربما بالتدخل العسكري المباشر.
وأشار جعجع إلى أن نزع سلاح حزب الله أصبح محوراً أساسياً ومؤثراً في السياسة اللبنانية خلال الأسابيع الماضية.
وشدد على أن وزارة الخارجية اللبنانية قد أدانت سابقاً تصريحات مسؤولي النظام الإيراني الرافضة لنزع سلاح حزب الله.
وأضاف جعجع: "لم نتدخل يوماً في الشؤون الداخلية لإيران، ولم نسأل لماذا هناك جيشان منفصلان في إيران، الجيش والحرس الثوري. لكننا لا نقبل استمرار تدخل النظام الإيراني في شؤوننا الداخلية، خصوصاً بعد أن دمر لبنان خلال 40 سنة وأعادنا عقوداً إلى الوراء".
وتساءل جعجع عن سبب إصرار نظام إيران على "تحطيم هذه العلاقات التاريخية" بين الشعبين اللبناني والإيراني.
نزع سلاح المليشيات
وفي الأيام الأخيرة، أثار ملف نزع سلاح الميليشيات التابعة للنظام الإيراني ردود فعل في لبنان والعراق والمنطقة.
فقد أعلن محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، في 9 أغسطس (آب) أنه "لا مبرر لوجود سلاح خارج إطار المؤسسات الحكومية" في العراق.
وفي 29 يوليو (تموز)، صرح بأنه استخدم ضغطاً سياسياً وعسكرياً لمنع ميليشيات النظام الإيراني في العراق من المشاركة في حرب الأيام الـ12.
في الوقت نفسه، قال عبد الرضا فرجي راد، السفير السابق للنظام الإيراني في النرويج والمجر، لصحيفة "بغداد اليوم" إن زيارة لاریجانی إلى العراق قد تؤثر مباشرة على احتمالية نشوب مواجهة جديدة مع إسرائيل.
وأضاف أن هناك خططاً لجولة جديدة من المحادثات بين إيران وأميركا بوساطة النرويج، رغم أن الموعد لم يُحدد بعد.
وأشار فرجي راد إلى أن الغالبية العظمى من الغارات الجوية الإسرائيلية خلال حرب الأيام الـ12 كانت عبر المجال الجوي العراقي، ولهذا السبب قام مسؤولون من النظام الإيراني، ومن ضمنهم عراقجي، بتقديم احتجاج رسمي لبغداد.
تصاعد المخاوف
وأكد أن زيارة لاریجانی تزامنت مع تصاعد المخاوف من تكرار هذا السيناريو في أي مواجهة قادمة مع إسرائيل، مما يتيح فرصة لمناقشة الأمر.
وبدأ لاریجانی في 11 أغسطس جولة إقليمية تستغرق ثلاثة أيام. وكشفت معلومات حصلت عليها "إيران إنترناشيونال" أن أحد أهداف الزيارة هو دفع التيارات الشيعية في العراق إلى الدفع بمشروع "تشريع قانون الحشد الشعبي" في البرلمان العراقي.
ووفقاً للتقارير، يرى مصدر مطلع في العراق أن الزيارة مرتبطة بـ"القلق من استسلام بغداد لضغوط أميركا بشأن الحشد الشعبي".
ونشرت صحيفة "المدى" تقريراً حصرياً نقلاً عن مصادر موثوقة يفيد بأن أميركا طلبت من بغداد حل الحشد الشعبي قبل أن تضطر لاستخدام القوة، بينما تحاول طهران منع خلع سلاح الجماعات العراقية.
وحذر مثنى أمين، عضو البرلمان العراقي عن الأكراد، من أن الحشد الشعبي بعد عشر سنوات من تدريب ضباطه في الكليات العسكرية وحصوله على أسلحة استراتيجية، سيصبح مؤسسة متكاملة.
ورداً على ذلك، قال رئيس كتلة الصادقون وعضو البرلمان عن "عصائب أهل الحق": "قانون الحشد الشعبي سيتم إقراره حتى لو عارضته أميركا".