وكانت محكمة الاستئناف في أونتاريو، قد قررت يوم أمس الاثنين 11 أغسطس (آب) 2025، تأييد حكم المحكمة السابقة الذي اعتبر الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية مسؤولة قانونيًا عن دفع التعويضات الكاملة لعائلات ضحايا الرحلة.
ومع ذلك، أوضحت الرابطة بعد ساعات من صدور الحكم أن المحكمة تناولت فقط مسألة تقييم المخاطر قبل إقلاع الطائرة من مطار طهران، ومسؤولية الشركة الأوكرانية في هذا الشأن، وأن ذلك "لا ينفي المسؤولية الجنائية لمرتكبي الجريمة من السلطات الإيرانية في إسقاط الطائرة".
يُذكر أن طائرة الرحلة PS752 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية قد تعرّضت مطلع يناير (كانون الثاني) 2020، وبعد دقائق قليلة من إقلاعها من مطار الإمام الخميني في طهران، لإسقاط متعمّد بصاروخين أطلقهما الحرس الثوري الإيراني، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 177 شخصًا.
وكان معظم الركاب في طريقهم إلى كندا، إذ كان بين الضحايا 55 مواطنًا كنديًا و30 آخرون يحملون إقامة دائمة في كندا.
وبحسب اتفاقية مونتريال، التي تحكم النقل الجوي الدولي، فإن شركات الطيران مسؤولة عن دفع التعويضات المثبتة حتى سقف 180 ألف دولار أميركي، وفي حال عدم إثبات أن الحادث لم يكن نتيجة إهمال من الشركة، فإنها ملزمة بدفع مبالغ تتجاوز هذا السقف.
ويعني هذا الحكم أن الشركة الأوكرانية لن تتمكن من حصر التعويضات في سقف 180 ألف دولار لكل راكب، بل أصبحت الآن ملزمة بدفع كامل التعويضات الناتجة عن الخسائر البشرية.
وكانت المحكمة العليا في أونتاريو قد قضت العام الماضي بأن الخطوط الأوكرانية قصّرت في إجراء تقييم مناسب للمخاطر قبل تسيير الرحلة من طهران، وهو ما جعلها غير مؤهلة لتقييد قيمة التعويضات.
كما رفضت محكمة الاستئناف طلب الشركة بإعادة النظر في الحكم، وأكّدت القرار السابق الذي حمّلها المسؤولية الكاملة.
وأشار حكم المحكمة العليا في أونتاريو الصادر العام الماضي إلى أن الشركة الأوكرانية لم تُثبت أنها قامت بتقدير المخاطر بشكل كافٍ قبل السماح للطائرة بالإقلاع من طهران، ولم تطبق معايير السلامة وفق القانون الدولي للطيران.
كما وصف القاضي في حكمه تقرير السلطات الإيرانية عن الحادث بأنه "إشكالي" و"غير منطقي"، لكنه أدرجه كأحد الروايات المطروحة لسبب السقوط.
ويأتي هذا الحكم بعد أن رفضت المحكمة العليا في كندا العام الماضي النظر في طلب عائلات الضحايا تنفيذ حكم غيابي صدر عام 2021 ضد إيران بقيمة 107 ملايين دولار أميركي مع الفوائد والتكاليف، إذ حاولت العائلات مصادرة ممتلكات وأصول مالية إيرانية في كندا، لكن المحكمة رأت أن تلك الأصول تتمتع بالحصانة الدبلوماسية.
وتعهدت كندا وشركاؤها الدوليون، بما في ذلك بريطانيا والسويد وأوكرانيا، خلال السنوات الماضية بمواصلة السعي لكشف الحقيقة ومحاسبة إيران على انتهاكها القوانين الدولية.
بيان رابطة عائلات الضحايا
وقالت الرابطة في بيان صدر يوم أمس الاثنين، عقب صدور حكم محكمة الاستئناف، إنها ما زالت ملتزمة بالسعي وراء الحقيقة وتحقيق العدالة لضحايا الرحلة.
وأكد البيان أن "هذا الحكم لا ينقض ولا ينفي مسؤولية الحرس الثوري والنظام الإيراني عن إسقاط الطائرة، بل يؤكدها".
وأضاف البيان: "كما هو الحال في كوارث جوية أخرى، مثل أحداث 11 سبتمبر، فإن شركات الطيران تُسأل عن تقييمها للمخاطر عند الطيران في مناطق النزاع. والرحلة PS752 ليست استثناء.
المحكمة تناولت فقط مسألة المخاطر قبل إقلاع الطائرة من طهران، ولا تنفي المسؤولية الجنائية لمرتكبي الجريمة. في حكم المحكمة الابتدائية، وُجِدت العديد من المؤشرات ضد السلطات الإيرانية، وقد تم تثبيت هذه الاستنتاجات في حكم الاستئناف".
كما شدّد البيان على أن الإجراءات القانونية الجارية أمام منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، ومحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لمحاسبة إيران، لن تتأثر بهذا الحكم.
وجاء في البيان أيضًا أن المحكمة الابتدائية رفضت تقارير النظام الإيراني واعتبرتها غير مقنعة، ورفضت ادعاء "الخطأ البشري".
وأوضحت الرابطة أن الدعوى القانونية قُدّمت بشكل مستقل من قِبل عدد من عائلات الضحايا، بينما اقتصر دعم الرابطة على تقديم الإجابات وتبادل المعلومات التي جُمعت خلال عمل فريق تقصّي الحقائق التابع لها.
واختتم البيان بالتأكيد على أن مثل هذه الأحكام ستدفع شركات الطيران، في حال وقوع ظروف حرب، كما حصل مرارًا في السنوات الست الأخيرة في الشرق الأوسط وإيران، إلى إلغاء رحلاتها حتى لو كانت تملك معلومات مغايرة من الحكومات.