"نيوزويك": الحرس الثوري يعلن استعداده لاستئناف الحرب.. وعراقجي يضع شروط التفاوض

في أعقاب الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها بين إيران وإسرائيل بوساطة الولايات المتحدة، حذر كبار القادة العسكريين في طهران من أنهم مستعدون تمامًا لاستئناف الحرب.
في أعقاب الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها بين إيران وإسرائيل بوساطة الولايات المتحدة، حذر كبار القادة العسكريين في طهران من أنهم مستعدون تمامًا لاستئناف الحرب.
وذكرت مجلة "نيوزويك" الأميركية، يوم الجمعة 18 يوليو، في تقرير خاص: "أكد القادة العسكريون في إيران أنه في حال حدوث هجوم جديد، فإن بلادهم لن تتراجع ولن تُظهر أي رحمة."
ووفقًا لما أوردته "نيوزويك"، وعلى الرغم من أن المواجهة الأخيرة التي استمرت 12 يومًا توقفت بفضل الهدنة، فإن التوترات في المنطقة لا تزال مرتفعة. وقد حذرت إيران من أن أي استفزاز أو عدوان عسكري حتى لو كان طفيفًا، قد يؤدي إلى استئناف فوري للحرب، وهو ما يمكن أن يقوّض التوازن الهش بين السلام والنزاع في الشرق الأوسط.
وقال محمد باكبور، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، الذي تولى منصبه بعد مقتل حسين سلامي في الساعات الأولى من الهجوم الإسرائيلي، خلال لقائه مع أمير حاتمي، القائد العام للجيش الإيراني: "قواتنا مستعدة تمامًا لاستئناف القتال من النقطة نفسها التي توقفت فيها الحرب."
وأضاف: "المعتدون لن يكونوا في مأمن."
وأشاد باكبور بوحدة الصف الوطني وعزيمة القوات المسلحة، مؤكدًا أن إيران لن تدخل في قتال إلا إذا أصبح الخيار العسكري ضروريًا للحفاظ على أمن البلاد.
وتابعت "نيوزويك" أن تزامن تصريحات قادة الحرس الثوري مع نفي الحكومة الأميركية لتقرير استخباراتي جديد يتعارض مع مزاعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن "التدمير الكامل" للمنشآت النووية الإيرانية، زاد من حدة التوتر.
وبحسب تقرير شبكة "NBC News"، فقد أفاد خمسة مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين أن منشأة فوردو للتخصيب تعرضت لدمار كبير، في حين أن منشأتين أخريين، هما نطنز وأصفهان، قد توقفتا فقط لعدة أشهر.
من جانبه، كتب شون بارنيل، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، على منصة "إكس": "هذا غير صحيح. مصداقية وسائل الإعلام الكاذبة مثل وضع المنشآت النووية الإيرانية حالياً: مدمرة، ومدفونة تحت الأرض، وتحتاج إلى سنوات لإعادة بنائها."
وأوضحت "نيوزويك" أن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أعلن بعد اتصالات أجراها مع نظرائه في فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، أن العودة إلى المفاوضات النووية ستكون ممكنة فقط إذا توفرت "شروط عادلة ومتوازنة" لطهران.
وقال عراقجي: "الولايات المتحدة هي من انسحبت من الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2015 بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، وليس إيران. كما أن واشنطن هي التي غادرت طاولة المفاوضات في يونيو، واختارت الحل العسكري بدلاً من الدبلوماسية."
المنطقة على شفا أزمة جديدة
واختتمت "نيوزويك" تقريرها بالقول: "في حين أن الهدنة أوقفت القتال على ما يبدو، إلا أن مستوى التوتر لا يزال مرتفعًا للغاية. وقد حذرت إيران من أنها ستعود إلى الحرب فورًا في حال وقوع أي استفزاز. كما أكدت إسرائيل أن الصراع لم ينته بعد."
وفي ظل هذه الأجواء، تواصل واشنطن السعي لإحياء المفاوضات، لكنها في الوقت نفسه تلوّح بشن مزيد من الهجمات. أما النظام الإيراني، فقد اتخذ موقفًا صارمًا، معلنا أنه لن يعود إلى الحوار إلا إذا تحققت شروطه العادلة. في ظل هذه الظروف، فإن خطر اندلاع حرب جديدة بات أكثر جدية من أي وقت مضى.
وفي ظل تصاعد الهجمات المميتة التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية في البحر الأحمر، أعلنت القيادة المركزية للقوات الأميركية (سنتكوم) عن ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى المتمردين الحوثيين.
ووفقًا لما ذكرته مجلة "نيوزويك"، جاءت هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. وقد وصفت إيران هذا الادعاء الأميركي بأنه "لا أساس له" واعتبرته جزءًا من "حملة إعلامية" ضد إيران.
وذكرت "نيوزويك" أن "سنتكوم" أعلنت في بيان أن قوات "المقاومة الوطنية اليمنية" بقيادة اللواء طارق صالح، نجحت في اعتراض أكثر من 750 طنًا من الأسلحة المتطورة المصنعة في إيران، أثناء نقلها إلى جماعة الحوثي.
وتضمنت هذه المعدات صواريخ مضادة للسفن وصواريخ مضادة للطائرات، ومئات محركات الطائرات المُسيّرة، ورؤوسًا حربية، ورادارات، وأجزاء من أنظمة الدفاع الجوي، وأجهزة اتصالات مشفرة.
وأشارت "سنتكوم" إلى أن الكتيّبات الفارسية والعلامات التقنية الأخرى تثبت أن هذه الأسلحة تم تصنيعها من قبل شركة تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية. ووصفت القيادة المركزية هذه العملية بأنها أهم عملية ضبط للأسلحة منذ بداية حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وفي المقابل، ردّت طهران فورًا على هذا التقرير. حيث وصف إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، في تصريحات نقلتها "نيوزويك"، المزاعم الأميركية بأنها "لا أساس لها"، واعتبرها جزءًا من "حملة إعلامية ضد إيران".
واتهم الولايات المتحدة بمحاولة صرف انتباه الرأي العام عن دورها في زعزعة استقرار المنطقة، وامتنع عن تقديم أي توضيحات بشأن مصدر الأسلحة أو تفاصيل الشحنة المضبوطة.
وقد درجت إيران على إنكار تزويد الحوثيين بالأسلحة طوال السنوات الماضية، إلا أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة نشرتا مرارًا تقارير تتهم إيران بتسليح هذه الجماعة المسلحة.
وبحسب "نيوزويك"، فإن إعلان ضبط هذه الشحنة جاء في وقت استأنف فيه الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر. ففي 6 يوليو (تموز)، تعرضت سفينة شحن يونانية تُدعى "ماجيك سيز" لهجمات صاروخية وهجوم بواسطة قارب مفخخ، ما أجبر طاقمها على إخلائها.
وبعد أيام قليلة، تعرضت سفينة يونانية أخرى تُدعى "إيترنيتي سي" لهجوم أيضًا. وقد تضررت السفينتان بشدة وغرقتا في نهاية المطاف.
واعتبرت "نيوزويك" هذين الهجومين الأكثر دموية منذ انتهاء الهدنة بين إيران وإسرائيل في 24 يونيو. وصرح متحدثون باسم جماعة الحوثي أن هذه الهجمات نُفذت دعمًا للفلسطينيين في غزة، وستستمر حتى انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية.
ومن جهته، قال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، في بيان: "إن اعتراض هذه الشحنة الضخمة من الأسلحة الإيرانية يظهر مجددًا أن إيران لا تزال أكثر الجهات زعزعة للاستقرار في المنطقة. وأن الحد من تدفق الدعم العسكري الإيراني للحوثيين أمر حاسم لضمان أمن المنطقة، واستقرارها الاستراتيجي، وحرية الملاحة الدولية."
وذكرت "نيوزويك" أنه مع استمرار تهديدات الحوثيين للملاحة في أحد أهم الممرات التجارية في العالم، من المرجح أن تعزز الولايات المتحدة تعاونها الأمني مع القوات اليمنية وشركائها الأوروبيين لاعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية المقبلة. وفي هذا السياق، تعتزم واشنطن أيضًا تعزيز قدراتها الدفاعية البحرية في المنطقة.