5 مؤشرات تعزز احتمال اندلاع حرب علنية بين النظام الإيراني وإسرائيل

أشارت مجلة "نيوزويك" الأميركية إلى التهديدات المتبادلة والمتزايدة بين إيران وإسرائيل، وسلّطت الضوء على خمسة مؤشرات تدفع هذين العدوين الإقليميين أكثر فأكثر نحو مواجهة مباشرة وعلنية.

وذكرت "نيوزويك"، يوم الجمعة 6 يونيو (حزيران)، أن التدريبات العسكرية الإسرائيلية، وجمود المفاوضات الدبلوماسية، وتصاعد النزاعات بالوكالة، كلها تشير إلى تنامي خطر جدي، في منطقة تعاني أساسًا اضطرابات شديدة، ومنخرطة في حروب متعددة.

وبحسب المجلة، فإن اندلاع مواجهة شاملة بين النظام الإيراني وإسرائيل قد يقوّض الاستقرار الهش في الشرق الأوسط بشكل أكبر، ويخلّف تداعيات جسيمة على الأمن العالمي.

وساهم تطور إيران في مجال الصواريخ، وإصرارها على تخصيب اليورانيوم، إلى جانب الخطوط الحمراء، التي وضعتها الولايات المتحدة، وبطء مسار الحوار بين واشنطن وطهران، في رفع حدة التوترات.

وقد يؤدي اندلاع مثل هذه الحرب إلى اضطراب سوق النفط العالمية، وجرّ القوى الكبرى إلى الصراع، وتعميق الأزمة الإقليمية.

وفي ما يلي خمسة مؤشرات رئيسة استعرضتها "نيوزويك"، تعكس مدى هشاشة الوضع واستعداده للانفجار بين إيران وإسرائيل:

1- استيراد إيران وقود الصواريخ

نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، يوم الخميس 5 يونيو الجاري، عن مصادر مطلعة لم تسمّها، أن طهران، في خضم مفاوضات نووية متوترة مع الولايات المتحدة، تسعى إلى إعادة بناء قدراتها العسكرية، وقد طلبت آلاف الأطنان من المواد اللازمة لإنتاج الصواريخ الباليستية من الصين.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشحنات تشمل مادة بيركلورات الأمونيوم، التي يفترض وصولها إلى إيران، خلال الأشهر المقبلة، وهي العنصر الأساسي في وقود الصواريخ الباليستية الصلب.

وأضافت الصحيفة أن جزءًا من هذه المواد سيُرسل على الأرجح إلى الميليشيات الحليفة للنظام الإيراني في المنطقة، بمن في ذلك الحوثيون في اليمن.

وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن النظام الإيراني يسعى، بالتزامن مع استمرار المفاوضات النووية المتوترة مع الإدارة الأميركية، إلى تعزيز حلفائه الإقليميين وإعادة بناء ترسانته الصاروخية. كما تواصل طهران تطوير مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى مستويات تقترب من درجة الاستخدام العسكري، وأعلنت صراحة رفضها التفاوض بشأن برنامجها الصاروخي.

وذكرت "نيوزويك" أن هذا التحرك يأتي ضمن استراتيجية إيرانية لتقوية قدراتها الصاروخية وتحالفاتها الإقليمية، في حين ترفض طهران حتى الآن فرض قيود على برنامجها الصاروخي، في إطار المفاوضات النووية مع واشنطن.

2- استعداد إسرائيل لشن هجوم

يُحضّر الجيش الإسرائيلي نفسه لاحتمال شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وهي خطوة تعتمد على نتائج المفاوضات بين طهران وواشنطن. وقد أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات واسعة، حاكى خلالها تنفيذ هجمات لعدة أيام ضد أهداف داخل إيران، تحضيرًا لمثل هذا السيناريو.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، محذرًا من أن أي اتفاق يجب أن يمنع بشكل كامل النظام الإيراني من تخصيب اليورانيوم. ومع أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حذّر مؤخرًا نتنياهو من أن الهجوم في الوقت الراهن "غير مناسب"، إلا أنه أشار إلى إمكانية دعمه عملاً عسكريًا إسرائيليًا، إذا فشلت المفاوضات.

ونقل موقع" أكسيوس" الإخباري الأميركي عن مسؤولَين إسرائيليَين مطّلعَين بشكل مباشر على المحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة قولهما، يوم الخميس 5 يونيو، إن إسرائيل طمأنت البيت الأبيض بأنها لن تهاجم المنشآت النووية الإيرانية، إلا إذا توصّل الرئيس ترامب إلى قناعة بأن المفاوضات مع إيران قد باءت بالفشل.

وفي الأسابيع الأخيرة، أعربت إدارة ترامب عن قلقها من احتمال أن تخطّط إسرائيل لهجوم على إيران بالتوازي مع مسار المفاوضات. ولهذا السبب، أعلن ترامب في 28 مايو (أيار) الماضي أنه حذّر نتنياهو من اتخاذ أي خطوة عسكرية أثناء المفاوضات، لكنه أضاف أنه قد يغيّر موقفه "بمكالمة هاتفية واحدة" إذا وجد أن المفاوضات تسير نحو طريق مسدود.

3- نشاط الميليشيات التابعة للنظام الإيراني

تتصاعد التوترات كذلك عبر الميليشيات المدعومة من النظام الإيراني؛ فقد نفذت إسرائيل، يوم الأربعاء 4 يونيو الجاري، أول غارة جوية على سوريا منذ نحو شهر، ردًا على إطلاق صاروخَين من دمشق. وألقت إسرائيل مسؤولية هذا الهجوم على الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، رغم أن دمشق نفت تورّطها، وأعلنت وقوع خسائر جسيمة جراء القصف الإسرائيلي.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول سوري ترجيحه أن الميليشيات المرتبطة بالنظام الإيراني في منطقة القنيطرة تسعى إلى زعزعة الاستقرار عبر استفزاز إسرائيل.

وبالتوازي مع ذلك، أطلق الحوثيون في اليمن صاروخًا باليستيًا باتجاه "يافا" في إسرائيل. وتُعدّ هذه التنسيقات المتزايدة بين وكلاء إيران مؤشرًا خطيرًا على توسّع رقعة التوترات إلى ما يتجاوز المحور الرئيس بين إيران وإسرائيل.

ونقل موقع قناة "العربية" الإخبارية عن مصدر أمني إسرائيلي قوله: "إن الهجوم الصاروخي من جنوب سوريا باتجاه إسرائيل كان متوقعًا"، مؤكدًا أن الحكومة السورية لم تكن وراء إطلاقه. وأضاف المصدر: "تحاول إيران وحزب الله والقوات الموالية لبشار الأسد تقويض الاستقرار في سوريا".

وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في تقرير لها يوم 2 يونيو الحالي، أن التهديد بشن ضربات إسرائيلية وأميركية جديدة على المنشآت النووية الإيرانية يلوح في الأفق، مشيرة إلى أن النظام الإيراني يعمل على إعادة بناء أنظمة الدفاع الجوي، التي تضرّرت بفعل الضربات الإسرائيلية العام الماضي.

وبحسب الصحيفة، ومع استعداد طهران عسكريًا لمواجهة هجمات محتملة من إسرائيل أو الولايات المتحدة في حال فشل المفاوضات النووية، يسعى النظام الإيراني إلى تعزيز قدراته الدفاعية الجوية.

وقد تعرّضت بعض من أكثر أنظمة الدفاع الجوي الإيراني تطورًا، بما فيها منظومات "إس-300" الروسية بعيدة المدى، إلى دمار أو أضرار جسيمة نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) 2024.

وقد ساهمت الضربات الإسرائيلية الناجحة ضد وكلاء النظام الإيراني، مثل حزب الله اللبناني والحوثيين، في ترسيخ الانطباع بأن النظام الإيراني بات أكثر عرضة من أي وقت مضى للهجمات الجوية خلال العقود الأخيرة.

ومع ذلك، يرى خبراء أن جزءًا كبيرًا من بنية الدفاع الجوي الإيرانية لا يزال نشطًا، أو قد يكون أُعيد ترميمه خلال الأشهر الأخيرة.

4- الأزمة السياسية الداخلية لنتنياهو

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تحديات سياسية داخلية جسيمة، وقد يجد في التصعيد مع إيران وسيلة لحشد الإجماع الوطني وتعزيز موقعه السياسي. فهو يصوّر إيران كخطر وجودي، ويدعو إلى تعبئة الرأي العام من منطلق الأمن القومي.

كما صرّح نتنياهو بأن إيران "تراجعت كثيرًا"، وهي "في أضعف حالاتها"، معتبرًا أن الوقت الراهن هو الأنسب لتوجيه ضربة إلى طهران، قبل أن تستعيد قوتها.

5- تزايد عُزلة إسرائيل

أدى النزاع في غزة إلى تعميق عُزلة إسرائيل على الساحة الدولية، وساهم في تعزيز موقع إيران؛ فقد تراجعت الدول العربية، التي كانت تسعى إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل عن مساعيها؛ حيث استدعت الأردن سفيرها، وقطعت تركيا علاقاتها الدبلوماسية، وتوقّفت المفاوضات مع السعودية.

وفي 4 يونيو الجاري، وبينما صوّت 14 عضوًا في مجلس الأمن الدولي لصالح قرار يدعو إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد القرار.

وقالت المندوبة الأميركية المؤقتة لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، قبيل التصويت: "لطالما كان موقف الولايات المتحدة واضحًا؛ نحن لن ندعم أي قرار لا يدين حماس ولا يطالب بنزع سلاحها وخروجها من غزة".

وفي المقابل، عمّق النظام الإيراني تحالفاته الاستراتيجية مع روسيا والصين، ونجح في تعزيز موقعه كقوة موازية لإسرائيل في المنطقة. ومع تراجع الدعم الدولي لإسرائيل وتزايد تململ حلفائها الغربيين، تجد طهران هامش مناورة أوسع، وتشعر بضغط أقل على برنامجها النووي.

ماذا ينتظرنا؟

كتبت "نيوزويك"، في ختام تقريرها، أن الأسابيع المقبلة قد تشهد مزيدًا من التصعيد والاضطرابات. وقد صرّح مسؤولون إسرائيليون صراحةً بأنهم قد يتحرّكون عسكريًا ضد إيران، دون تنسيق مع واشنطن، إذا شعروا بأن طهران تقترب من "الخط الأحمر".

وفي المقابل، تواصل طهران الإصرار على "حقها المشروع" في تخصيب اليورانيوم، وتهدد بالرد القوي على أي هجوم.