إيران صاحبة الرقم القياسي العالمي في استهلاك الأفيون

كامبيز حسيني
كامبيز حسيني

"إيران إنترناشيونال"

منذ أيام، يتداول مقطع فيديو قديم للدكتور رضا ملك زاده، وزير الصحة الإيراني الأسبق. في هذا الفيديو، يزعم ملك زاده أن "أعلى معدل لاستهلاك الأفيون في إيران يتركز في مدينة رفسنجان، حيث يستهلك 27 في المائة من سكان المدينة الأفيون، تليها محافظة كلستان بنسبة 18 في المائة".

يبدو أن مجموعة من مواطني رفسنجان استاءوا من هذه الإحصائية المرتفعة عن استهلاك الأفيون في مدينتهم، مما دفع الدكتور ملك زاده إلى نشر فيديو جديد يعتذر فيه، موضحًا: "يتم استهلاك أكثر من 45 في المائة من إنتاج الأفيون العالمي في إيران، وحوالي 10 في المائة من السكان فوق سن الأربعين يستهلكون الأفيون، سواء بشكل ترفيهي أو كإدمان".

أعلى معدل استهلاك للأفيون في العالم

وفقًا للبيانات المتاحة، تمتلك إيران أعلى معدل استهلاك للأفيون في العالم. شهدت وتيرة الاستهلاك خلال العقد الماضي ارتفاعًا مستمرًا، والإحصائيات، رغم اختلافها وتناقضها أحيانًا، تشير جميعها إلى وجود ملايين المستهلكين في إيران.

النمط السائد هو الرجال في منتصف العمر، لكن نطاق الاستهلاك اتسع ليشمل فئات عمرية وجنسانية أكثر تنوعًا.

في الوقت ذاته، ازداد التوجه نحو المواد الصناعية. الفقر، البطالة، الضغوط النفسية، ضعف نظام الصحة النفسية، والمعتقدات الثقافية هي الجذور الرئيسية لهذه الأزمة. موقع إيران الجغرافي بجوار أفغانستان – أكبر منتج للأفيون في العالم – وغياب سياسات ردع فعالة، عززا هذه الدورة.

على الرغم من المخاطر المعروفة لاستهلاك الأفيون، من السرطان وأمراض الجهاز التنفسي إلى الأضرار الكلوية والقلبية، لا تزال المعتقدات الخاطئة حول "فوائد الأفيون" شائعة في بعض شرائح المجتمع.

مجرم أم مريض؟

لا تزال النظرة الرسمية والاجتماعية للشخص المستهلك للأفيون تعاني من التخبط: هل هو مريض أم مجرم؟ بينما تبدو السياسات العامة في السنوات الأخيرة موجهة نحو العلاج، فإن الرفض الاجتماعي، الشعور بالعار، والوصمات السلبية لا تزال تُعيق العلاج الفعال.

وكتب سعيد مدني، عالم الاجتماع، في كتابه "علم اجتماع الإدمان": "يتم استهلاك حوالي طنين يوميًا من مختلف أنواع المخدرات في إيران، بينما يتم اكتشاف وضبط 120 طنًا فقط سنويًا".

هذا يعني أن الجزء الأكبر من دورة المخدرات لا يتم اكتشافه أبدًا؛ أو ربما لا يُراد اكتشافه!
يتحدث النظام الإيراني عن "حرب شاملة ضد المخدرات"، لكن إذا كانت 92 في المائة من عمليات ضبط الأفيون في العالم تحدث في إيران، حسب الإحصاءات الرسمية، فلماذا لا تزال الأزمة مستمرة؟ الحرب التي لا تتناسب نتائجها مع حجم المشكلة، هل هي حرب فعلًا أم وهم المعركة؟

شرعية الأفيون

الأفيون في الثقافة الإيرانية المعاصرة ليس مجرد مادة مخدرة، بل أحيانًا جزء من الروايات التقليدية، والنكات، وحتى الأدب الشفوي.

في بعض الأحيان، يظهر الأفيون بصورة مرحة أو فكاهية أو حتى مثقفة في الأذهان، وقد خلق شخصيات سينمائية لا تُنسى في أذهان الجمهور.

من أفلام مثل "الغزلان" إلى "علي سنتوري" و"أبد ويوم واحد"، كانت الشخصيات المصابة بالإدمان دائمًا محل تعاطف وشفقة المجتمع.

اليوم، لم يعد الإدمان يحمل وجهًا بشعًا، بل وجهًا عاديًا؛ وجهًا لم يعد مخيفًا، بل أصبح جزءًا من الحياة اليومية العادية.

لا يمكن تحليل أزمة الأفيون في إيران بمجرد إحصائيات مثيرة للجدل أو تصريحات مثيرة للانتباه. هذه الأزمة متجذرة ومعقدة بعمق، ومتشابكة في نسيج التاريخ والجغرافيا والهيكلية الاقتصادية والثقافة العامة لإيران.