"الوردية الثانية" في المنزل.. مسؤولية مضاعفة على عاتق النساء العاملات في إيران

أظهرت نتائج دراسة أُجريت في إيران أن النساء العاملات، رغم مشاركتهن في سوق العمل، لا يزلن يتحملن المسؤولية الأساسية لأعمال المنزل، ما يضعهن تحت ضغوط نفسية وجسدية مضاعفة.

وشارك في هذه الدراسة الباحثون حامد شيري، ويعقوب أحمدي، وبهار شريعتي، وليلى خداويردي من جامعة "بيام نور" في طهران، حيث تناولوا تجارب النساء العاملات مع مسؤوليات العمل المنزلي والتحديات الناجمة عن التوفيق بين الدورين المهني والمنزلي.

وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في العدد الأخير من فصلية "المرأة في التنمية والسياسة" الصادرة عن جامعة طهران.

الأعمال المنزلية... مسؤولية لا مفر منها

ورد في الدراسة أن "العمل المنزلي باعتباره مسؤولية لا مفر منها" يُشكّل جزءًا من الهوية الاجتماعية المزدوجة للنساء العاملات.

وأظهرت النتائج أنه في جميع الحالات، التي جرت دراستها، لم تُسند مسؤولية الأعمال المنزلية إلى الرجال، ولم تُقسم بشكل متساوٍ بين الزوجين.

ولشرح هذه النتائج، استند الباحثون إلى نظرية "الوردية الثانية" للعالمَين: هوكسشيلد وما تشانغ، وهي نظرية تشير إلى مجموعة المهام والمسؤوليات، التي تتحملها النساء في المنزل، بعد انتهاء يوم العمل خارجه.

وقالت إحدى المشاركات في الدراسة: "نحن النساء، مثل حالتي، لدينا وظيفتان: وظيفة دائمة على مدار الساعة بلا أجر وهي الأعمال المنزلية، ووظيفة ثانوية نتقاضى عليها راتبًا".

الضغط الناجم عن الدور المزدوج

تشير نتائج الدراسة إلى أن النساء العاملات يتحملن مسؤولية أكبر من الرجال في إدارة شؤون المنزل والأسرة.

ووصفت الدراسة هذا الوضع بأنه "تناقض في الموقع الاجتماعي" يؤدي إلى "ضغوط نفسية وآلام مزدوجة ناتجة عن عبء العمل".

وقالت إحدى النساء العاملات: "أجد صعوبة كبيرة في التوفيق بين عملي وأعمال المنزل. أغلب الوقت أعاني التوتر وضغط العمل. أستيقظ الساعة السادسة صباحًا، وأظل منشغلة حتى الواحدة بعد منتصف الليل".

التوقعات المادية ودعم العمل المنزلي

تطرّق الباحثون إلى التوقعات المادية لدى النساء العاملات بخصوص العمل المنزلي.

وترى العديد من النساء المشاركات أن العمل المنزلي يجب أن يحظى بالدعم المالي والمادي.

وقالت إحدى النساء في هذا السياق: "الرجال يعرفون جيدًا كم سيكلفهم توظيف طاهية، وعاملة نظافة، ومربية أطفال شهريًا، لكنهم لا يدفعون شيئًا مقابل قيام زوجاتهم بهذه المهام".

التقاليد الذكورية والمقاومة النسائية عبر العمل

خلصت الدراسة إلى أن الأعمال المنزلية تُفرض على النساء بفعل "التقاليد الذكورية السائدة"، لكن في المقابل، يُعدّ العمل خارج المنزل خيارًا حرًا وأداة مقاومة بالنسبة لهن.

وبمعنى آخر، يمكن للمرأة من خلال إعادة تعريف هويتها عبر العمل أن تتحدى الأدوار الجندرية التقليدية.

وأضافت إحدى النساء العاملات: "أعلم أن النساء غير العاملات لا يعانين الضغوط والتوترات التي نعيشها، لكنني أُفضّل الاستقلال المالي والفكري، والمشاركة في اتخاذ القرار، والمكانة الاجتماعية".

الأسرة المتجددة والتحول التدريجي

يرى الباحثون أنه على الرغم من هيمنة النظرة التقليدية في المجتمع الإيراني، فإن هناك إمكانية لنشوء "أسرة متجددة ومتساوية"، يشارك فيها الرجال بصورة أكبر في المهام المنزلية.

وقد أُجريت هذه الدراسة في مدينة مريوان بمحافظة كردستان، غربي إيران، بمشاركة 15 امرأة عاملة، وتشير نتائجها إلى أن تحسين وضع المرأة في إيران يتطلب تحقيق المساواة الجندرية من خلال خطوات تدريجية نحو تغيير البنية التقليدية للمجتمع وتعزيز ثقافة المشاركة.