طهران ترغب في عودة العلاقات مع كندا.. والإيرانيون-الكنديون يعارضون إعادة فتح السفارة

يعيش علي في كندا منذ 11 عامًا. عندما هاجر هو وزوجته شهرزاد إلى كندا، كان قد مر عامان على إغلاق سفارة إيران في كندا وقطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران وأوتاوا.
ورغم أن علي لم يعد إلى إيران بعد هجرته إلى كندا، اضطرت زوجته خلال هذه الفترة إلى السفر لإيران لأمر ضروري، مما استلزم تمديد جواز سفرها عبر مكتب حماية المصالح الإيرانية في واشنطن.
صدر لشهرزاد جواز سفر يحتوي على أخطاء قانونية، مما تسبب في احتجازها في إيران أثناء إسقاط الطائرة الأوكرانية. وأخيرًا، تمكنت من العودة إلى كندا بعد شهر.
في 8 يناير (كانون الثاني) 2020، وسط توترات إيران مع الولايات المتحدة عقب مقتل قاسم سليماني، أُسقطت طائرة ركاب تابعة للخطوط الجوية الأوكرانية متجهة إلى كييف بعد ست دقائق من إقلاعها بصاروخين أطلقهما الحرس الثوري في سماء طهران.
لقي جميع الركاب الـ176 وجنين واحد حتفهم في هذه الكارثة. كان وجهة 138 من الركاب النهائية هي كندا. وفاة 55 مواطنًا كنديًا و30 من المقيمين الدائمين في هذا الحادث جعلت منه كارثة وطنية لكندا، مما جعل آفاق إعادة العلاقات مع نظام طهران أكثر قتامة من أي وقت مضى.
منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من رغبة النظام الإيراني وجهود جماعات الضغط القريبة من النظام لإعادة فتح السفارات واستعادة العلاقات بين طهران وأوتاوا، امتنعت الحكومة الكندية عن تطبيع العلاقات مع إيران.
سفر مراسلة شبكة كندية إلى طهران
في الأسبوع الثالث من مايو (أيار)، وفي خطوة نادرة، حصلت مارغريت إيفانز، المراسلة البارزة لشبكة "سي بي سي" الكندية في لندن، على إذن للسفر إلى إيران وإعداد تقرير. خلال هذه الزيارة، سألت إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عن آفاق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
أعرب بقائي عن استعداد بلاده للتفاوض، قائلًا: "على كندا أن تأخذ زمام المبادرة في هذا الشأن. كنا منذ البداية ضد قطع العلاقات لأننا نعتقد أن ذلك يضر بشعبي البلدين".
وأضاف بقائي أن مئات الآلاف من الإيرانيين يعيشون في كندا، وأن أول من يتضرر من قطع العلاقات هم هؤلاء الإيرانيون.
لكن العديد من الإيرانيين في كندا يعارضون إعادة إقامة العلاقات مع إيران وإعادة فتح السفارات، لاعتقادهم أن سفارة إيران في أي بلد تعمل الآن فقط كمكتب لحماية مصالح نظام إيران، حيث لا تقتصر مهمتها على مراقبة وتتبع الإيرانيين المعارضين للنظام، بل تسهم أيضًا في تمكين وتدعيم القوى الوكيلة لنظام الإيراني.
علي، أحد المعارضين لإعادة فتح سفارة إيران في كندا، يقول وهو يعمل الآن في كندا: "رغم أن إهمال قوانين الهجرة سمح لعدد كبير من مسؤولي النظام بالعيش في كندا، فإن إغلاق سفارة إيران في أوتاوا لا يزال يحد من توسع الأنشطة المدمرة للنظام في هذا البلد".
يؤكد العديد من الإيرانيين- الكنديين مثل علي أنهم مستعدون لتحمل تعقيدات المشكلات القنصلية الناتجة عن غياب سفارة إيران في كندا، من أجل منع توسع نفوذ وسلطة النظام الإيراني في هذا البلد.
هناك مجموعة ترى أن وجود علاقات دبلوماسية بين إيران وكندا قد يكون مفيدًا لحل النزاعات. هؤلاء كانوا يعتقدون في قضية إسقاط الطائرة الأوكرانية أن العلاقات الدبلوماسية ستعطي كندا نفوذًا لمحاسبة إيران.
لكن الكثيرين يعارضون هذا الرأي، معتبرين أن وجود علاقات دبلوماسية وسفارات في دول مثل السويد أو بريطانيا لم يساهم مطلقًا في محاسبة إيران في قضية إسقاط الطائرة الأوكرانية.
موقف الحكومة الكندية
ردًا على استفسار "إيران إنترناشيونال"، قالت وزارة الخارجية الكندية: "قبل النظر في إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع كندا، يجب على إيران إجراء تغييرات جذرية في سلوكها، سواء داخل البلاد أو على الساحة الدولية".
كما أدانت وزارة الخارجية الكندية الأعمال المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران في الشرق الأوسط، وعبرت عن قلقها إزاء انتهاكات إيران لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، خاصة من خلال فرض قوانين وسياسات قمعية وتمييزية ضد النساء والفتيات والأقليات.
وأكدت وزارة الخارجية الكندية في ردها على "إيران إنترناشيونال أنه طالما استمرت إيران في سلوكياتها غير المقبولة، ستواصل كندا الضغط على النظام الإيراني من خلال إجراءات مثل تصنيف إيران كدولة راعية للإرهاب بموجب قانون الحصانة السيادية، وإدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية بموجب القانون الجنائي، وفرض عقوبات مستهدفة.
وكررت الحكومة الكندية في السنوات الماضية، خاصة بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية وانتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، دعمها للشعب الإيراني مرات عديدة. من بين الإجراءات المهمة في هذا السياق، إدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية في يوليو (تموز) من العام الماضي.
موقف حزب المحافظين الكندي
طُرحت فكرة إدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية لأول مرة في صيف 2018 من قبل النائب عن حزب المحافظين غارنيت جينوس. تمت المصادقة على مشروع القانون في ذلك الوقت، لكن تنفيذه تأخر حتى عام 2024.
أدان المحافظون إيران مرات عديدة بسبب أعمالها المزعزعة للاستقرار في المنطقة ودعمها لجماعات إرهابية مثل حزب الله وحماس. وهم يطالبون بتحديد وطرد عملاء انظام الإيراني من كندا.
بعد تقرير مارغريت إيفانز على شبكة "سي بي سي" وتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رداً على احتمال إعادة فتح سفارة إيران في كندا، أكد غارنيت جينوس في حديث لـ"إيران إنترناشيونال" على موقف حزبه، قائلاً: "الاقتراحات لاستئناف العلاقات مع هذا النظام المتطرف الداعم للإرهاب مرفوضة تمامًا.
بينما دعم الليبراليون في الماضي إعادة فتح العلاقات، يفخر المحافظون بسجلهم في الوقوف ضد هذا النظام ودعم الشعب الإيراني.
وأضاف جينوس: "يجب أن يحظى الشعب الإيراني بفرصة اختيار نظام يعكس طموحاتهم للعدالة والسلام. نحن ندعم الشعب الإيراني، وليس نظام الجمهورية الإسلامية. موقفنا في هذا الشأن لن يتغير".