من هو صانع القنبلة النووية لخامنئي؟

مع وصول المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة إلى طريق مسدود وتراجع التفاؤل الأولي، أصبح احتمال فشل المحادثات بشكل كامل أكثر ترجيحًا من أي وقت مضى. وفي حال لم يتراجع الطرفان عن مواقفهما، فإن خطر نشوب حرب وهجوم مباشر من الولايات المتحدة وإسرائيل سيزداد.
يصرّ المرشد علي خامنئي على الإبقاء على برنامج تخصيب اليورانيوم، بينما أعلنت الولايات المتحدة بوضوح أنها لن تسمح بذلك.
تعتقد الولايات المتحدة أن أي مستوى من تخصيب اليورانيوم يقرب إيران خطوة إضافية نحو القدرة على تصنيع أسلحة نووية. لكن إذا أرادت طهران فعليًا إنتاج مثل هذا السلاح، فما هو المسار الذي ستتبعه؟ ما الإجراءات التي اتخذتها في الماضي، ومن هم الأشخاص الذين لعبوا وسيلعبون أدوارًا رئيسية في هذا المشروع؟
مشروع "آماد".. الجهود السرية لصنع سلاح نووي
مشروع "آماد" هو الاسم الرمزي لبرنامج إيران السري لصنع سلاح نووي، والذي، وفقًا لأجهزة الاستخبارات الأميركية، بدأ في عام 2003. وبعد الكشف عن هذا البرنامج والضغوط الدولية، توقف المشروع ظاهريًا، لكن الأدلة تشير إلى استمرار الأنشطة تحت هياكل جديدة.
كان محسن فخري زاده، القائد الكبير في الحرس الثوري، من بين الشخصيات التي اشتبه في قيادتها لهذا البرنامج منذ البداية.
ظهر اسم فخري زاده لأول مرة بعد وقوع جهاز كمبيوتر محمول يحتوي على معلومات سرية تابعة للنظام الإيراني في أيدي أجهزة الاستخبارات الغربية.
في عام 2010، أسس فخري زاده مؤسسة تُعرف باسم "منظمة الأبحاث الدفاعية الحديثة" (سبند) تحت إشراف وزارة الدفاع. ووفقًا لتقييمات غربية، كانت "سبند" مركزًا لتكامل العناصر المختلفة للبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك تصميم الرؤوس الحربية وأنظمة النقل والتفجير.
في عام 2011، ذكرت وكالة "رويترز" أن محسن فخري زاده كان في قلب البرنامج النووي العسكري الإيراني. كما وصفته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه شخصية رئيسية في الجهود المتعلقة بتكنولوجيا الأسلحة النووية.
أدى هذا التقرير إلى ذكر اسم فخري زاده رسميًا في وثائق الوكالة لأول مرة.
في عام 2015، طلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إجراء مقابلة مع فخري زاده وعباس شاه مرادي زواري، أستاذ جامعة شريف ومتعاون معه في المشاريع النووية، لكن خامنئي عارض شخصيًا إجراء هذه المقابلات، وأعرب عن رفضه لطلب الوكالة في خطاب ألقاه في جامعة الإمام الحسين.
سرقة الوثائق النووية
في شتاء 2017، أعلن جهاز الموساد الإسرائيلي أنه سرق أرشيف البرنامج النووي الإيراني من مستودع سري في جنوب طهران.
وقال يوسي كوهين، رئيس الموساد آنذاك، إن أيًا من العشرين عميلًا الذين نفذوا العملية لم يكونوا إسرائيليين. تم الاستيلاء على 50 ألف وثيقة ورقية، و55 ألف ملف رقمي، و183 قرصًا مضغوطًا.
وأكدت دراسة هذه الوثائق الدور الرئيسي لفخري زاده مرة أخرى. وقال بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي: "محسن فخري زاده كان رئيس مشروع آماد. تذكروا هذا الاسم".
الاغتيال الموجه
في عام 2020، تعرض محسن فخري زاده لعملية اغتيال معقدة في آبسرد دماوند، أدت إلى مقتله. تم تنفيذ العملية باستخدام مدفع رشاش أوتوماتيكي موجه بالأقمار الصناعية، انفجر ذاتيًا بعد إطلاق النار.
في البداية، أفادت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية بوقوع اشتباك مسلح، لكن تبين لاحقًا أنه لم يكن هناك أي مهاجم في مكان الحادث. أكدت عائلة فخري زاده أنه لم يُسمع حتى صوت إطلاق النار، وأن الرصاص أصاب فخري زاده فقط.
قال محمود علوي، وزير الاستخبارات آنذاك، إن منفذي العملية كانوا يتحركون قبل فرق الأمن الإيرانية بنحو نصف ساعة في كل مرحلة، ولم يتم القبض عليهم.
خليفة فخري زاده
بعد اغتيال فخري زاده، تم تعيين رضا مظفري نيا، وهو قائد آخر في الحرس الثوري، رئيسًا لـ"سبند".
كما أصدر البرلمان، بأمر من خامنئي، قرارًا بتسجيل "سبند" كمؤسسة مستقلة.
ووفقًا للقرار، أُعفيت هذه المؤسسة من رقابة ديوان المحاسبات وأصبحت تخضع فقط للقيادة العسكرية العليا (مع محورية خامنئي).
إلى جانب مظفري نيا، يُعد محمد إسلامي، الرئيس الحالي لمنظمة الطاقة الذرية، من الشخصيات الرئيسية في المشروع.
وقد تم الإبقاء على إسلامي في منصبه بعد حكومة رئيسي، وله تاريخ من التعاون مع محسن فخري زاده وعبد القادر خان، والد القنبلة النووية الباكستانية. يُقال إن إسلامي كان من أوائل الأشخاص الذين تواصلوا مع خان.
الشخص الثالث في هذه الدائرة هو سعيد برجي، الذي يعمل في مجال أجهزة التفجير.
وفقًا للوثائق التي سرقها الإسرائيليون، عمل برجي في موقع آبادة في شيراز بالتعاون مع باحثين روسيين على أجهزة التفجير النووية.
طلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرات عديدة من إيران توضيحات بشأن الأنشطة في موقعي آبادة وبارشين، لكنها لم تتلقَ ردًا واضحًا.
الوضع الحالي
حاليًا، يُعتبر محمد إسلامي، ورضا مظفري نيا، وسعيد برجي المسؤولين الرئيسيين عن برنامج تصنيع الأسلحة النووية المحتمل للنظام الإيراني.
يبدو أن مظفري نيا، كشخصية أقل شهرة ولكن بصلاحيات عسكرية واسعة، هو القائد الفعلي لهذا المشروع.
تشير الأدلة إلى أنه إذا قررت إيران صنع قنبلة نووية وتحملت تبعات ذلك، فإن القائد الرئيسي لهذا المشروع سيكون رضا مظفري نيا.
يعتقد محللون مثل ديفيد ألبرايت وأولي هاينون أن إيران قادرة على إعداد المواد اللازمة لصنع سلاح نووي بدائي خلال أسابيع قليلة، وإذا وُجدت الإرادة السياسية، يمكنها تصنيع أول سلاح نووي أولي خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر.
قد يستغرق تحويل هذا السلاح إلى رأس حربي قابل للتثبيت على صواريخ باليستية ما يصل إلى 18 شهرًا، رغم أن هناك تقارير تشير إلى أن إيران تسعى لتقليص هذا الوقت.
هذه الهموم هي ما جعلت إسرائيل والولايات المتحدة تركزان على هذه المسألة.
وقال ترامب إن هذه القضية إما أن تُحل عبر اتفاق أو تُمنع عبر هجوم عسكري.