وذكر ضرغامي، في مقال نُشرته صحيفة "إيران" الحكومية، أن "القانون الذي يحظر أجهزة استقبال القنوات الفضائية أصبح منسيًا ولم يعد يُنفذ. وكذلك الحال بالنسبة إلى دوريات الإرشاد، فهي الآن من الماضي".
وأضاف: "كل من يهتم بالثورة يعترف بخطأ هذا الحظر وعدم جدواه"، في إشارة إلى القيود المفروضة منذ التسعينيات على استقبال القنوات الفضائية.
ولم يكن ضرغامي، الذي شغل أيضًا منصب وزير الثقافة في حكومة الرئيس المحافظ الراحل، إبراهيم رئيسي، الصوت الوحيد في هذا الاتجاه.
فقد صرّح العضو البارز في مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محمد رضا باهنر، خلال مناظرة تلفزيونية، بأن "عهد إدارة البلاد من خلال القوانين القسرية للحجاب الإلزامي قد انتهى"، قبل أن يخفف لاحقًا من نبرته ويصف الحجاب بأنه "ضرورة اجتماعية".
حظر على الورق فقط
رغم أن القانون الذي يمنع امتلاك أو استخدام أجهزة استقبال البث الفضائي صدر عام 1994، فإن ملايين الإيرانيين ما زالوا يستخدمونها بحرية شبه تامة. ومع مرور الزمن، تحوّل الحظر إلى نص قانوني بلا تطبيق فعلي.
وفي العقدين الأولين من الألفية، كانت مشاهد قوات الشرطة والباسيج، وهي تتسلق أسطح المباني لمصادرة الأطباق الفضائية مألوفة في طهران وغيرها من المدن، ضمن ما وُصف حينها بـ "حملة مواجهة الغزو الثقافي الغربي".
تراجع "شرطة الأخلاق"
أما "شرطة الأخلاق" (دوريات الإرشاد)، التي كانت تفرض الحجاب الإجباري، فقد اختفت من الشوارع بعد الاحتجاجات الواسعة التي أعقبت مقتل الشابة الإيرانية، مهسا أميني، في سبتمبر (أيلول) 2022، أثناء احتجازها لدى إحدى هذه الدوريات. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مشاهد النساء بلا حجاب في شوارع طهران والمدن الكبرى أمرًا اعتياديًا.
وكان مجلس الأمن القومي الإيراني قد جمّد هذا العام مشروع قانون حول "العفة والحجاب"، أعدّه نواب التيار المتشدد، خشية اندلاع احتجاجات جديدة. وكان هذا القانون المقترح يتضمن تشديد العقوبات والغرامات والسجن للنساء غير المحجبات، بل ويُحمّل أيضًا الشركات والمنصات الإلكترونية مسؤولية فرض الحجاب.
ورغم تأكيد حكومة الرئيس الإيراني الحالي، مسعود بزشكيان، أنها لن تخصص موارد لتطبيق القانون، فلا يزال المحافظون يدفعون باتجاه عودته؛ حيث أكد المتحدث باسم السلطة القضائية، أصغر جهانغير، أن "قوانين الحجاب السابقة ما زالت سارية"، فيما أعلنت شرطة طهران نيتها تعبئة 80 ألف "داعية للفضيلة" لمراقبة التزام النساء بالحجاب في العاصمة، وإنشاء "غرفة عمليات العفة والحجاب" تضم جهات ثقافية وتنفيذية عدة.
من الشطرنج إلى البلياردو.. الثقافة تنتصر
يبرهن تاريخ إيران الحديث على أن القوانين القسرية كثيرًا ما تفشل أمام قوة الثقافة والمجتمع.
فبعد الثورة الإسلامية عام 1979، حُظر لعب "الشطرنج" باعتباره "نوعًا من القمار ومضيعة للوقت"، قبل أن يُصدر الخميني عام 1988 فتوى تبيحه، بشرط ألا يرتبط بالمقامرة أو يؤدي إلى إهمال الواجبات الدينية. ومنذ ذلك الحين عاد "الشطرنج" بقوة، وأصبح مشهد لاعبيه في الحدائق العامة أمرًا مألوفًا.
وحدث الأمر نفسه مع "البلياردو"، الذي أُغلقَت صالاته في الثمانينيات، باعتباره "رمزًا للانحلال الغربي"، قبل أن يُعاد تصنيفه في منتصف التسعينيات كـ"رياضة رسمية"، ما سمح بعودة الأندية وانتشار اللعبة حتى أصبح لإيران لاعبون يشاركون في البطولات الدولية.