وتحدّث رمضاني بور بصوت هادئ وحذر من أحد مخيمات اللاجئين في صربيا عن تجاربه المؤلمة، قائلاً: "هنا يوجد مهرّبون. بصراحة، لقد متّ وعشتُ من جديد مرات عديدة، سواء في إيران أو هنا".
وأضاف الناشط السياسي البالغ من العمر 39 عامًا أنه أثناء إقامته في مخيم للاجئين في شمال اليونان، تم التعرف عليه بعد أن ارتدى قميصًا يحمل علم إسرائيل ودعا إلى تنظيم تجمع لدعم هذا البلد، ثم قام عدد من المهاجرين بتعذيبه حتى كاد أن يموت.
وقال بأسى: "ألعن نفسي ألف مرة في اليوم. ليتني لم أهرب، ومتُّ هناك بدلاً من أن أعيش هذا الألم المستمر".
وذكر أن مجموعة من اللاجئين أطلقت النار على ساقه، ثم سكبوا بلاستيكًا مذابًا على بطنه بينما كان ممددًا على الأرض. ولم يفصح رمضاني بور عن جنسية المهاجمين خوفًا من الانتقام.
وأوضح أنه ميكانيكي، وقد فرّ من إيران عام 2016 بعد سنوات من النشاط السياسي إلى جانب شخصيات معروفة مثل محمد نوري زاد. وفيما بعد، أقام في تركيا حيث تعاون بشكل طوعي مع إذاعة ناطقة بالفارسية تابعة لإسرائيل.
وتحدث رمضاني بور من مكان إقامته السري في صربيا قائلاً إنه ما زال يخشى أن يعثر عليه مهاجموه مجددًا، مضيفًا أن معاناته بدأت حين غادر تركيا عام 2023، حيث كان قد تلقى تهديدات من أعضاء منظمة "الذئاب الرمادية" القومية المتطرفة المعادية للمهاجرين.
وقال إنه بعد نقله إلى مخيم كافالا للاجئين في شمال اليونان، لاحظ وجود شعارات معادية لإسرائيل على الجدران، كما شهد في الأشهر الأخيرة حملات مؤيدة لحركة حماس في أنحاء المدينة.
وأضاف أنه منذ سنوات يكنّ تعاطفًا كبيرًا مع إسرائيل باعتبارها عدوًا شرسًا لحكام إيران الدينيين، ويرى أن الكثير من شعوب المنطقة تعرّضت "لغسيل دماغ" يدفعها لعداء إسرائيل.
وفي7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنّت حركة حماس هجومًا على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص وخطف أكثر من 250 آخرين، معظمهم من المدنيين. وردّت إسرائيل بعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، أسفرت- وفقًا لمصادر تابعة لحماس- عن أكثر من 68 ألف قتيل و170 ألف جريح.
وقد واجهت العملية الإسرائيلية في غزة انتقادات من عدد من الدول ومنظمات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بسبب العدد الكبير من الضحايا المدنيين.
وقال رمضاني بور في المقابلة: "قررت أن أشتري علم إسرائيل وأدخل به إلى المخيم. في البداية لم يضايقني أحد، لكن عندما رآني مدير المخيم أمر رجال الأمن بمصادرته، فرفضت".
وأضاف: "في اليوم التالي استدعوني وأجبروني على تسليم العلم. ثم هددني المدير قائلاً: إما أن تغادر أنت أو أغادر أنا، لأن المخيم لا يتسع لكلينا".
ويعيش عشرات الآلاف من اللاجئين في مخيمات تديرها جهات غير خاضعة بالكامل لسيطرة الحكومات، في مناطق مختلفة من أوروبا وما حولها، بانتظار الأمان ومستقبل أفضل بعيدًا عن أوطانهم.
وفي الدول الغربية، عادةً ما تُعطى الأولوية في قضايا اللجوء للأشخاص الذين يستطيعون إثبات أنهم مهددون فعليًا بسبب العِرق أو الدين أو التوجه الجنسي أو الرأي السياسي أو النشاط المدني.
محاولة لتنظيم مظاهرة دعمًا لإسرائيل في مخيم اللاجئين باليونان
وذكرت "إيران إنترناشيونال" أنها اطّلعت على وثائق تُظهر أن رمضاني بور تقدّم في مطلع أغسطس (آب) 2025 بطلب رسمي إلى السلطات المحلية في اليونان لتنظيم تجمع عام دعمًا لإسرائيل قرب مخيم اللاجئين، لكن التجمع لم يُعقد في النهاية.
كما فحصت الشبكة بعض التقارير الطبية التي تؤكد أن رمضاني بور أصيب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة وكان في خطر شديد للإصابة بالعدوى.
وجاء في تقرير شرطة صربيا أن تهمة الإقامة غير القانونية الموجهة إليه أُسقطت نظرًا لتعاونه مع السلطات وظروف قضيته الخاصة.
ولم ترد في الوثائق أي تفاصيل عن هوية المهاجمين أو دوافعهم.
كما قالت القناة إنها اطلعت على صور ومقاطع فيديو أرسلها رمضاني بور تُظهر حالته الجسدية الحالية والظروف القاسية للمخيم الذي يعيش فيه.
وقال رمضاني بور: "في المبنى، أخرج أحد الرجال هاتفه ونظر إلى صورة، ثم نظر نحوي. كانت صورتي وأنا أرتدي قميص علم إسرائيل. قارَن الصورة بوجهي وقال للآخرين: "هو نفسه، ذلك اللعين".
وأضاف: "ربطوا يديّ خلف ظهري ووضعوا قطعة قماش في فمي، ثم أذابوا البلاستيك وسكبوه على جسدي، وأطلقوا النار على فخذي".
وقال إنه نجا أخيرًا بفضل سكان القرية الذين أبلغوا الشرطة، مضيفًا أن الشرطة عاملته بلطف. وأوضح أنه تمكن من تحديد هوية أربعة من بين خمسة عشر مهاجمًا، لكن الشرطة أخبرته أن المشتبه بهم فرّوا إلى البوسنة، وأن العلاقات المتوترة بين الشرطة الصربية والبوسنية تجعل احتمال اعتقالهم ضعيفًا.
وقالت مهشيد ناظمي، الناشطة في شبكة دعم اللاجئين "خانه إيران" (بيت إيران)، إن رمضاني بور تواصل معها عبر بعض اللاجئين لطلب المساعدة.
وأضافت في حديثها إلى "إيران إنترناشيونال": "كثير من اللاجئين لا يجدوننا إلا بعد أن يفقدوا كل مأوى. جروحه مصابة بعدوى ويعاني من ألم دائم. لا يستطيع المشي من دون مساعدة، ويعيش في خوف مستمر من أن يُعثر عليه مرة أخرى".
وأكدت أن قضيته ليست سوى مثال واحد من عشرات الحالات التي تُظهر المخاطر التي يواجهها اللاجئون في أوروبا، مشيرة إلى أن "اللاجئين يُضربون، يُغتصبون، ويُعادون قسرًا عبر الحدود. وعندما يغرقون في البحر، تتبادل تركيا واليونان الاتهامات، بينما لا يتحمل أحد المسؤولية".
واختتم رمضاني بور روايته بالقول إنه ما زال في مخيمه بصربيا يستيقظ ليلًا على كوابيس مؤلمة، يعيش لحظات العذاب مجددًا، ويخشى أن يجد مهاجموه طريقهم إليه مرة أخرى.