وبعث كاتن برسالة إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ووزير الدفاع، لفتح تحقيق عاجل بشأن احتمال تغلغل عناصر تابعة لإيران إلى أجهزة الاستخبارات والأمن الأميركية، محذرا من أن معلومات الأمن القومي الأميركي ربما نُقلت إلى "قوة أجنبية"، أو أن مواطنين أميركيين عملوا لخدمة مصالح "قوة معادية" بهدف التأثير على سياسات الولايات المتحدة.
وأوضح كاتن أن أعضاء شبكة نفوذ إيران المعروفة بـ"مشروع خبراء إيران" تغلغلوا إلى مواقع أساسية في إدارة الرئيس السابق جو بايدن، مما يشكّل تهديدًا جديًا للأمن القومي الأميركي.
شبكة إيرانية
كانت قناة "إيران إنترناشيونال" وموقع سمافور قد كشفا عام 2023 لأول مرة عن هذه الشبكة التي شكّلتها وزارة الخارجية الإيرانية منذ أواخر 2013 بهدف تعزيز النفوذ الإيراني في الغرب.
وتعد "مبادرة خبراء إيران" من أبرز جماعات الضغط الإيرانية وتأسست بتمويل وتوجيه من وزارة الخارجية الإيرانية، وضمّت باحثين وأكاديميين في أوروبا والولايات المتحدة، وتهدف إلى تحسين صورة إيران والدعوة لتخفيف العقوبات.
وأفادت "إيران إنترناشيونال" يوم 26 سبتمبر (أيلول) 2023، استنادا إلى آلاف رسائل البريد الإلكتروني المسربة، بأن 3 خبراء إيرانيين عملوا بشكل وثيق مع روبرت مالي، الممثل الخاص السابق للولايات المتحدة لشؤون إيران، كانوا أعضاء في شبكة نفوذ أنشأتها ووجهتها إيران بشكل مباشر.
وبحسب هذا التقرير، فإن أرين طباطبائي، وعلي واعظ، ودينا اسفندياري، لديهم اتصالات "وثيقة"، و"غير تقليدية"، مع كبار الدبلوماسيين في إيران.
ويستند هذا التقرير البحثي إلى آلاف رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بين الدبلوماسيين الإيرانيين وأعضاء هذه الشبكة.
كما ناقشت صحيفة "دي فيلت" الألمانية مقال "إيران إنترناشيونال" حول شبكة النفوذ الإيرانية في الحكومة ومراكز صنع القرار الأميركية، وكتبت أن هناك خيوطاً من الشبكة الإيرانية قد تمكنت من النفوذ في ألمانيا.
في عام 2023، قال متحدث باسم المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) لموقع "إيران إنترناشيونال" إن "مبادرة خبراء إيران كانت مبادرة مدعومة من الحكومات الأوروبية التي شارك موظفو المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية فيها أحياناً، لكنهم لم يقودوها". ورفض المتحدث تحديد اسم الحكومة الأوروبية.
وفي عام 2024، نقل ستيف كليمنس من "سيمافور" عن مصدر حكومي بريطاني قوله إن التمويل جاء من لندن.
وفي 10 فبراير (شباط) 2025 نفت الحكومة البريطانية تمويل "مبادرة خبراء إيران" (IEI) المرتبطة بالخارجية الإيرانية لتوسيع نفوذ طهران الناعم في الغرب.
مجالس أخرى
كما يعرف المجلس الوطني الأميركي الإيراني (NIAC) الذي تأسس عام 2002 أيضا بأنه من أبرز جماعة ضغط تمثل وجهة نظر قريبة من النظام الإيراني في واشنطن .
ويدعو إلى التهدئة بين أميركا وإيران ورفع العقوبات، ويُتهم أحياناً بمحاولة التأثير على سياسة واشنطن لصالح طهران، بما في ذلك عبر حملات سياسية.
ولا تقتصر مساعي طهران في تعميق نفوذها على مثل هذه المراكز، حيث أفاد دبلوماسيون وموظفون سابقون في السفارات الإيرانية، لقناة "إيران إنترناشيونال"، بأن نظام طهران يستغل بعثاته الدبلوماسية في الخارج لرصد المعارضين بشكل سري، وتمويل مشاريع نفوذ تحت غطاء أنشطة ثقافية ترعاها الدولة.
وقال موظف سابق في وزارة الخارجية الإيرانية لـ"إيران إنترناشيونال" في 8 يونيو (حزيران) 2025: "لكل سفارة إيرانية بالخارج قائمة بالأشخاص، الذين يجب مراقبتهم، وأشخاص يجب استقطابهم، وآخرين يجب إسكاتهم".
وكانت "إيران إنترناشيونال" قد نشرت سابقًا عدة تقارير حول شبكة النفوذ العابرة للحدود، التي يديرها النظام الإيراني، والتي تعمل تحت إشراف مباشر من مكتب المرشد الإيراني، علي خامنئي، وذراع الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني.
وتُظهر إفادات هؤلاء الدبلوماسيين والموظفين السابقين أن الجهاز الدبلوماسي للنظام الإيراني ليس قائمًا على مبادئ العمل الدبلوماسي المتعارف عليه، بل يعتمد على الأيديولوجيا، والتجسّس، والتمويل غير المشروع.
أنشطة السفارات
ويؤدّي الملحقون الثقافيون في السفارات الإيرانية، خصوصًا المرتبطين بـ"منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية"، دورًا محوريًا من خلال تنظيم الفعاليات الدينية التي تشكّل غطاءً لاختيار واستقطاب عناصر محتملة للعمل لصالح النظام.
وفي يوليو (تموز) من العام الماضي، أغلقت ألمانيا "المركز الإسلامي في هامبورغ"؛ بسبب ارتباطه بالنظام الإيراني، وما وصفته وزارة الداخلية الألمانية بأنه "ترويج للتطرف ومعاداة السامية".
وفي مايو (أيار) من هذا العام، اعتقلت السلطات البريطانية ثمانية رجال، ووجّهت إلى ثلاثة منهم تهمًا بموجب "قانون الأمن القومي" تتعلق بالتجسّس لصالح النظام الإيراني، خصوصًا فيما يتعلّق بمراقبة صحافيي قناة "إيران إنترناشيونال" بين أغسطس (آب) 2024 وفبراير (شباط) 2025.
وقد وصفت وزارة الخارجية الإيرانية هذه التهم بأنها "سياسية" ورفضتها.
قلق أميركي
السيناتور الجمهوري توم كاتن، أشار إلى أن عدداً من المقرّبين من الحكومتين السابقتين أجروا لسنوات "اتصالات متكررة وغير معلنة" مع مسؤولين إيرانيين، بمن فيهم محمد جواد ظريف، وتلقوا إرشادات من طهران بشأن تحركاتهم، بل ونسّقوا مقالاتهم وشهاداتهم أمام الكونغرس مع مسؤولين في النظام الإيراني.
وختم كاتن بالتأكيد أن إدارة بايدن تجاهلت مرارًا مطالب الجمهوريين بإقالة المسؤولين المرتبطين بـ"مشروع خبراء إيران"، مطالبًا وزارة الدفاع و"إف بي آي" بتصحيح هذا "الخطأ".