صحيفة "ميامي هيرالد" الأميركية، أفادت بأن فنزويلا هي أول دولة في أميركا الجنوبية تستخدم طائرات مسيرة مسلحة، وهو تطور مهم يأتي نتيجة ما يقرب من عقدين من التعاون المستمر مع طهران.
ووفقاً للتقارير، فقد أرسلت واشنطن خلال الأسابيع الماضية ثلاث مدمرات للصواريخ الموجهة وأربعة آلاف من مشاة البحرية إلى منطقة البحر الكاريبي. ورداً على ذلك، نشرت فنزويلا سفناً حربية على سواحلها وأعلنت عن "وجود كبير" لطائرات مسيرة على طول الحدود. كما تم إرسال نحو 15 ألف جندي إلى الحدود مع كولومبيا.
وتظهر مراجعة لعشرات الوثائق الرسمية الحكومية الفنزويلية أنه تم استثمار مليارات الدولارات في هذا التعاون، وهي صفقات تمت غالباً تحت ستار مشاريع مثل مصنع للدراجات أو الجرارات، لكنها في الواقع كانت ذات أهداف عسكرية.
وبرزت فنزويلا كأول دولة في أميركا اللاتينية تدخل الطائرات المسيرة المسلحة إلى ترسانتها، وهي قدرة طُوّرت على مدى ما يقرب من عقدين من التعاون العسكري مع إيران.
ظهور المسيرات للعلن
ظهور المسيرات الإيرانية في فنزويلا خرج للعلن في 2022، حيث استعرضها الجيش الفنزويلي في يونيو (حزيران) خلال عرض عسكري عبر شاحنات تحملها.
وفي عرض عسكري آخر للجيش في سبتمبر (أيلول) 2022 حلقت هذه الطائرات في فنزويلا التي طالما كان توصف بالإضافة الى غيرها من دول أمريكا اللاتينية، بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية.
وتم تجميع هذه الطائرات في فنزويلا، وتُعرف باسم "أنطونيو خوسيه سوكري" أحد الأبطال الفنزويليين الرئيسيين للاستقلال في أمريكا اللاتينية، وهي نموذج من المسيرة "مهاجر-2" الإيرانية.
وتتميز الطائرة بأنها تستطيع تنفيذ مهام استطلاعية وقتالية، بحيث لديها القدرة على الرصد والاستطلاع ومهاجمة الدروع والأفراد.
وبدأ التقارب بين إيران وفنزويلا بقوة في عهد هوغو تشافيز منذ مطلع العقد الأول من القرن الحالي، مع مشاريع مشتركة في الطاقة والبنى التحتية، وتأسيس "محور ضد الإمبريالية الأميركية".
تم إعلان "محور الوحدة" ضد الولايات المتحدة في عام 2007، وتأسيس بنك تنموي مشترك برأسمال أولي قدره 200 مليون دولار.
ومنذ ذلك العام بدأت طهران في تقديم تكنولوجيا الطائرات دون طيار إلى فنزويلا، بدءًا من طائرة الرصد بدون طيار "مهاجر 2" التي يبلغ مداها 50 كيلومترًا، ثم ارتقى التعاون الى الإنتاج الضخم للطائرة القتالية بدون طيار "مهاجر – 6" في العام 2018.
خارطة طريق
في يونيو (حزيران) 2022، وقع البلدان على خارطة طريق للتعاون تمتد لعشرين عامًا تشمل مجالات متنوعة: النفط، البتروكيماويات، الدفاع، الزراعة، السياحة، الثقافة، وإصلاح المصافي .
وفي يوليو (تموز) من العام نفسه أعلن مشرف شركة مدينة مطار الخميني عن إطلاق شركة كونفياسا الفنزويلية رحلات مباشرة بين العاصمة الإيرانية وكاراكاس.
الباحث فرزين نديمي أشار في تقرير بمعهد واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 أن طهران وكراكاس وموسكو تدير جسراً جوياً سرياً في الوقت الذي يبدو فيه أن إيران تكثف نقل طائراتها الهجومية المسيرة إلى روسيا، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأنشطة مرتبطة ببعضها البعض، مشيرا إلى أن فنزويلا تخضع للعقوبات الأميركية منذ سنوات، ويرجع ذلك جزئياً إلى علاقاتها الوثيقة مع النظام الإيراني.
وتخضع الدولتان لعقوبات شديدة من قِبل الولايات المتحدة التي تعتبرهما منتهكتي حقوق الإنسان وراعيتين للإرهاب.
وقدمت طهران دعما أمنيا واضحا للفنزويليين، شمل تقديم طائرات ومستشارين تقنيين، كما أفادت تقارير متعددة عن "رحلات أشباح" بين طهران وكراكاس تنقل أسلحة وموظفين مرتبطين بالحرس الثوري وحزب الله .
وتم الكشف عن استخدام خطوط جوية سرية لنقل معدات أو ناقلات نفطية أو ذهب، مما أثار قلقًا دوليًا حول تهريب أو دعم أنشطة غير قانونية .
كما أفادت تقارير في 2024 بأن إيران زوّدت فنزويلا بزوارق دورية وطائرات مُسيّرة وصواريخ بحرية مضادة للسفن.
وفي مايو (أيار) 2025، أرسلت فنزويلا فريقًا من 8 خبراء إلى إيران ضمن برامج تبادل علمي والتقني.
رفض أميركي للتقارب بين إيران وفنزويلا
هذا التواجد الإيراني في "الحديقة الخلفية لأميركا" كما كان يطلق على دول أميركا اللاتينية، أثار حفيظة واشنطن مرارا، وانتقد مسؤولون أميركيون هذا التقارب وحذروا من أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع الصواريخ والطائرات الإيرانية التي قد ينتهي بها المطاف في أيدي القادة الديكتاتوريين في أميركا الجنوبية.
كما ترفض الولايات المتحدة هذا التقارب بسبب المخاوف من استغلال إيران لموارد فنزويلا، وخاصة احتياطيات اليورانيوم، لدعم برنامجها النووي.
كما أن هذا التقارب يهدف لكسر العزلة الدولية لكلا البلدين وتعزيز محور "المقاومة" ضد الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما تعتبره واشنطن استفزازاً وتحدياً لهيبتها.