وقالت مجموعة "تضامن الإيرانيين من أجل العدالة والمساءلة" (ICJA)، في بيان صدر يوم الأربعاء 13 أغسطس (آب)، إنها ترحب بصدور حكمين مهمين من المحكمة الفيدرالية الأميركية في المنطقة الوسطى، في القضية التاريخية ضد ثابتي.
وجاء في البيان: "يمثل هذان الحكمان انتصارًا كبيرًا للناجين وخطوة حاسمة في مسار العدالة والمساءلة. كما يوضحان أن نمط التهديدات الموجهة ضد المدّعين ومحاميهم منذ رفع الدعوى قد تم تسجيله في ملف المحكمة، وكان له تأثير في قراراتها".
وحتى الآن، لم يبدِ برويز ثابتي ومحاموه أي رد فعل على الحكمين.
في الحكم الأول الصادر يوم 12 أغسطس (آب) والمكوَّن من 17 صفحة، رفضت المحكمة، استنادًا إلى "قانون حماية ضحايا التعذيب"، طلب ثابتي ومحاميه برفض أهم ادعاءات المدّعين، وأعلنت: "الادعاءات التي قدّمها المدّعون، والمدعومة بعدة مصادر موثوقة، كافية بوضوح لطرح مسؤولية برويز ثابتي من حيث المساعدة والمشاركة".
وبذلك، اعترفت المحكمة بالمستندات التاريخية التي قدمها المدّعون والتي تثبت أن ثابتي قدّم "مساعدة كبيرة وواعية" لممارسي التعذيب، من خلال "إشرافه على عمليات عناصر السافاك في الإدارة الثالثة واللجنة المشتركة لمكافحة التخريب".
كما رأت المحكمة أن المدّعين أقاموا دعواهم "بما يكفي من الأدلة" لإثبات أن ثابتي شارك في "مؤامرة" تضمنت اتفاقًا بينه وبين من وصفوهم بالمعذبين، بهدف "استخدام أساليب الاعتقال والتعذيب المزعومة لقمع معارضي نظام الشاه"، وأن هذه الأساليب مورست أيضًا ضد المدّعين.
وأكدت المحكمة أن المدّعين قدموا تفاصيل كافية لإثبات "مسؤولية القيادة" لدى ثابتي من خلال "سيطرته الفعلية" على عناصر التعذيب، ووصفت اعتراضات ثابتي على عدم كفاية الأدلة بشأن "السيطرة الفعلية" بأنها "تفتقر إلى المنطق".
كما رفضت المحكمة طلب ثابتي بإسقاط القضية بدعوى تقادم الزمن، معتبرة أن الدعوى تحتوي على وقائع كافية لتبرير تعليق مدة التقادم "بشكل منصف" في هذه القضية.
ووفق بيان المجموعة، فإن الحكم الثاني، الصادر أيضًا يوم الثلاثاء 12 أغسطس (آب) في 22 صفحة، رفض طلب ثابتي بحرمان المدّعين من مواصلة القضية باستخدام أسماء مستعارة.
وأكدت المحكمة أن المدّعين قدّموا منذ رفع الدعوى "أدلة مهمة على تهديدات خطيرة لأمنهم وسلامتهم، وكذلك تهديدات مماثلة لمحاميهم".
وتضمن الحكم الإشارة إلى تهديدات متعددة نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، بعضها صادر عن أشخاص على صلة بثابتي، كما لفت إلى أن "محامي المدّعين تلقى تهديدًا بالقتل من شخص قالت الـFBI إنه يقيم في إيران".
خلفية الدعوى وتفاصيل التعذيب
في مارس (آذار) الماضي، أعلنت مجموعة "تضامن الإيرانيين من أجل العدالة والمساءلة" أن ثلاثة إيرانيين مقيمين في الولايات المتحدة رفعوا دعوى قضائية ضد ثابتي، متهمينه بتعذيبهم في السجون خلال حكم الشاه، وما نتج عن ذلك من آثار مستمرة حتى الآن.
وبحسب الوثائق المنشورة حينها، فقد قدّم هؤلاء المدّعون - وهم سجناء سياسيون سابقون - شكواهم يوم 10 فبراير (شباط) أمام المحكمة الفيدرالية في أورلاندو بولاية فلوريدا.
وتضمنت الشكوى وصفًا لأساليب التعذيب، منها: التعليق من السقف بالأصفاد، وربط أوزان بالأعضاء التناسلية، والجلد والضرب المبرح، والصعق الكهربائي، واستخدام جهاز "أبولو" (كرسي معدّ لقمع السجين مع قناع معدني يعكس صرخاته في أذنه).
ويطالب المدّعون بـ225 مليون دولار تعويضًا، بواقع 75 مليونًا لكل شخص كتعويضات عقابية وجبرية، إضافة إلى تغطية أتعاب المحاماة.
ووصفت الدعوى ثابتي بأنه "الرجل الثاني في جهاز السافاك" وأحد "أقوى وأخطر الشخصيات" في نظام الشاه، مشيرة إلى أنه ما زال على صلة بعناصر الحرس الثوري الإيراني.
وجاء في الوثائق أن فترة "الرعب المنظم" بلغت ذروتها أثناء إشراف ثابتي على الإدارة الثالثة في السافاك، والتي عُرفت بأنها "القطاع الأسوأ سمعة في الجهاز" حيث أشرف بشكل مباشر على الاعتقالات التعسفية، والتعذيب الممنهج، وانتزاع الاعترافات القسرية.
كما تشير الوثائق إلى أن ثابتي وزوجته فرا من إيران عام 1978، وبذلا جهودًا كبيرة خلال أربعة عقود لإخفاء مكان إقامتهما، مستخدمين أسماء مستعارة، منها "بيتر ثابتي".
ردود الفعل والجدل حول ظهوره العلني
ورغم محاولاته إخفاء هويته، أعادت صور نشرها في فبراير (شباط) 2023 مشاركًا مع زوجته وابنته في تظاهرة بميامي - تزامنت مع احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية" في إيران - إثارة الجدل حوله.
ابنة ثابتي، وهي أستاذة في جامعة هارفارد، نشرت صورها مع والدها في التظاهرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما فجّر موجة من الانتقادات بين بعض النشطاء السياسيين ومعارضي نظام الشاه ممن شاركوا في ثورة 1979.
ورأى هؤلاء النشطاء، في ضوء دور السافاك في "انتهاك حقوق الإنسان" وقمع المعارضين، أن مشاركة ثابتي في التجمع المناهض للنظام الإيراني تتعارض مع حركة الشعب الإيراني الساعية للحرية.