في الأيام الأخيرة، قال محسني إيجه إی، رئيس السلطة القضائية في إيران، إنه طلب من جهات مختلفة تقديم "قائمة بالسجناء السياسيين"، لكن "لم يُقدم أحد أسماء"، وكذلك تصريحات حضرتي، الناشط السياسي الإصلاحي ورئيس مجلس إعلام الحكومة الإيرانية، بأنه "يوجد فقط خمسة سجناء سياسيين في إيران"، مما أعاد قضية "السجين السياسي" في النظام الإيراني إلى صدارة الأخبار.
تأتي هذه التصريحات في سياق موقف رسمي للنظام الإيراني يكرر منذ سنوات: "لا يوجد سجين سياسي في إيران".
تعريف السجين السياسي في الوثائق الدولية
وبينما لا تقدم القوانين الداخلية للنظام الإيراني تعريفًا لـ"السجين السياسي"، ولا حتى يُدرج في قانون الجرائم السياسية لعام 2016 سوى تعريف ضيق وغامض لـ"الجريمة السياسية" (وغالبًا لا يجب أو لا يمكن اعتبار أي من هذه الحالات جرائم)، فإن الوثائق والمعايير الدولية تقدم تعريفًا أوضح وأكثر عملية.
ووفقًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) وممارسات هيئات حقوق الإنسان، يُعرف السجين السياسي بأنه شخص حُرم من حريته بسبب ممارسته السلمية لحقوقه الأساسية مثل حرية التعبير، حرية الاعتقاد، حرية التجمع السلمي وحرية التنظيم.
وقرار رقم 1900 (2012) لمجلس أوروبا ومعايير منظمات مثل العفو الدولية تعتبر السجين السياسي شخصًا:
1- تم اعتقاله أو إدانته لأسباب سياسية بشكل أساسي.
2- تعرض للملاحقة نتيجة ممارسته السلمية لحقوقه الدولية المكفولة.
3- جرت محاكمته بشكل غير عادل أو تمييزي.
4- كان عقابه غير متناسب وتم فرضه بدوافع سياسية.
وبناءً عليه، فإن غياب صفة "جريمة سياسية" في الملف القضائي لا يعني أن الفرد ليس سجينًا سياسيًا.
على أرض الواقع، يُسجن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والناشطين النقابيين، والناشطين من الأقليات العرقية والدينية، والمتظاهرين السلميين في إيران بناءً على تهم أمنية عامة وغامضة مثل "العمل ضد الأمن القومي" أو "الدعاية ضد النظام"، والتي تعد وفق المعايير الدولية دليلًا واضحًا على كونهم سجناء سياسيين.
لقد اعتمد النظام الإيراني منذ سنوات على طريقتين لإنكار وجود السجين السياسي:
1. حذف الصفة الرسمية: تسجيل التهم الأمنية أو الجنائية العامة بدلًا من التهم السياسية أو العقائدية.
2. تفسير محدود وغير واقعي لمفهوم السجين السياسي ليشمل فقط من لهم نشاط منظم ومباشر ضد النظام.
هذا النهج، بالإضافة إلى انتهاك الالتزامات الدولية للنظام، يجعل الأرقام الحقيقية للسجناء السياسيين مخفية ويصعب متابعة أوضاعهم.
عندما يطلب رئيس السلطة القضائية من النشطاء السياسيين ووسائل الإعلام تقديم "قوائم" بينما يستمر في تطبيق سياسات القمع التي تحقق بوضوح التعريف الدولي للسجين السياسي، تبدو هذه المطالبات كتكتيك دعائي أكثر منها إجراءً شفافًا.
كما أن تحديد عدد السجناء السياسيين بـ"خمسة فقط" - دون معايير واضحة - هو تجاهل تام لمئات القضايا المتعلقة بالناشطين المدنيين، والصحفيين، والمعلمين، والطلاب والمواطنين الذين سُجنوا فقط لممارستهم السلمية لحقوقهم القانونية.
بناءً على المعايير العالمية، لا يقتصر الأمر على وجود سجناء سياسيين في إيران، بل إن أعدادهم قد ارتفعت بشكل ملحوظ في فترات مختلفة عقب الاحتجاجات الواسعة في 2022 و2023.
إنكار هذا الواقع لا يغير من الالتزامات الدولية للنظام الإيراني، لكنه يزيد من فجوة عدم الثقة بين النظام والمجتمع.
طالما أن القوانين الداخلية والإجراءات القضائية لا تتماشى مع المعايير الدولية، وتُستبدل التهم الأمنية الغامضة بالتعامل العادل والشفاف مع النشاط السياسي السلمي، فإن إنكار وجود السجين السياسي لن يكون سوى لعبة بالكلمات والمصطلحات.