"وهم الديكتاتور".. خامنئي يعيش في "فقاعة السلطة"

كامبيز حسيني
كامبيز حسيني

"إيران إنترناشيونال"

أكد المرشد علي خامنئي، في لقائه مع وزير الداخلية والمحافظين، أن هناك "فرصًا كثيرة" في الأجواء العامة لإيران، وقال: "لا توجد مشكلة في البلاد"!

هذه ليست فقط كذبة كبيرة من فم الرجل الأول، بل إنه يتحدث عن "الفرص" و"عدم وجود مشكلة"، بينما يضرب جزء من الشعب في 135 مدينة إيرانية.

الخطاب غير الحكيم الذي ألقاه خامنئي- إن لم يكن نابعًا من الجهل- يظهر بوضوح أنه يعيش في "فقاعة من السلطة"، بعيدًا كل البعد عن واقع المجتمع الإيراني الراهن.

مثل هذا الادعاء إما ناتج عن غفلة، أو تم التعبير عنه عمدًا لتحريف الواقع. إن ادعاء عدم وجود مشكلة هو مثال واضح على إنكار الأزمة بوعي.

هذه الرواية المتفائلة بشكل خيالي ليست علامة على البصيرة، بل دليل على خداع النفس. لقد حل وهم إدارة الأزمة محل الفهم الحقيقي لعمق الأزمة. إذا كان خامنئي يؤمن حقًا بأنه بنى بلدًا مليئًا بالفرص وخاليًا من المشكلات، فهو يعاني من وهم شديد للغاية!

وهم الديكتاتور: العمى السياسي

غالبًا ما يصل القادة المستبدون، قبل سقوطهم، إلى مرحلة لا يفهمون فيها الحقيقة ولا يريدون فهمها. يعيشون في فقاعة من المديح والتأييد، مقتنعين بأن البلاد جنة ورد، وأن كل من يشتكي إما جاهل أو مغرض. هذا ما يمكن أن نسميه: "وهم الديكتاتور".

قال علي خامنئي، في ذروة الإضراب الوطني لسائقي الشاحنات، بوضوح إنه "لا توجد مشكلة خاصة" وإن "الشعب يحتج على شيء لا يفهمه".

إنه لا ينكر الأزمة فحسب، بل يشكك أيضًا في مصداقية معاناة الشعب، وهكذا يتشكل وهم الديكتاتور؛ حيث لا يتلقى المرشد أخبار المجتمع إلا من خلال وسائل إعلام خاضعة للرقابة، وتقارير أمنية مفلترة، ومستشارين لا يملكون الجرأة.

نهاية هذا الوهم دائمًا هي الانهيار

كان تشاوشيسكو مقتنعًا حتى لحظة إعدامه بأن الشعب يحبه، فصُدم وتجمد عندما هتف ضده.

لم يصدق القذافي انتفاضة الشعب؛ اختبأ في أنبوب مجاري وقال: "أنا قائد الأمة!" كان صدام، حتى في المحكمة، يرى نفسه رئيسًا شرعيًا ومحبوبًا من الشعب. تحدث هتلر، في مخبأه، عن "النصر النهائي" وأنكر واقع الحرب. دُمرت بلاد بشار الأسد، لكنه ظل يتحدث عن "دعم الشعب".

بقي آل كيم في كوريا الشمالية، وسط الفقر والقمع، "آلهة" في وسائل إعلامهم.

يبدأ "وهم الديكتاتور" دائمًا من نقطة واحدة: إنكار الواقع. لكن الإنكار لا يقضي على الأزمة؛ بل يؤخر فقط لحظة الانفجار. قد يحافظ هذا التأخير على النظام الظاهري لبعض الوقت، لكن ثمن الإنكار دائمًا هو السقوط بلا عودة.

لكن الأزمة حقيقية. الفقر حقيقي. الغضب المكبوت للشعب حقيقي، وإذا لم يُسمع، فسيتحول إلى صرخة ونار.

ما هي المشكلة؟

إذا أردنا سرد قائمة المشكلات التي يواجهها الناس في إيران اليوم، فستطول القائمة ولن يتحملها أحد! لكن الوضع اليوم، في هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذه المقالة، هو كالتالي: سائقو الشاحنات توقفوا عن العمل، يتحدث الخبازون عن تعرضهم للضرب من قبل السلطات، أصبحت شبكة النقل البري في البلاد في حالة شبه تعطيل، وهذه مجرد أمثلة صغيرة على مشكلات "إيران".

لنفترض أنه بعد أسبوع، إذا انكسرت الإضرابات وعاد البلد إلى "استقرار النظام الحالي" -وهو ما قد يعتبره البعض أمرًا مفروغًا منه- فلن يتغير شيء. لم يتم إصلاح شيء. لم يكن شيء على ما يرام!
يعود الشعب وسائقو الشاحنات إلى نفس النظام القمعي الجامد، حيث تستمر حياتهم القاسية وغير المقبولة، التي يستحيل تحملها، بشكل بطيء ومؤلم.

ماذا يقول الميدان؟

من بندر عباس وكرمانشاه إلى مشهد، سنندج، تبريز، طهران، والأهواز، نفّذ سائقو الشاحنات إضرابات احتجاجًا على الضغوط الاقتصادية والفشل الهيكلي للنظام.

وفقًا لتقرير "اتحاد نقابات سائقي الشاحنات والسائقين"، يستمر هذا التحرك النقابي رغم التهديدات والاعتقالات والتعاملات الأمنية. في كرمانشاه وحدها، تم اعتقال ما لا يقل عن 11 سائقًا، ويواجه ثلاثة منهم، وهم صديق محمدي، كاوه مراديان، ورزكار مرادي، قرارًا بالحبس لمدة شهر.

سياسة الإنكار بلغة التحقير

في لقائه مع المحافظين، بدلاً من تقديم حلول، أصدر خامنئي تعليمات لإدارة "ظاهرية" للاستياء.

طالب المسؤولين بالذهاب إلى الشعب، والتقرب منهم، والسماح لهم بالتذمر، لكن في النهاية، يتجاهلونهم بعدم اكتراث؛ لأنه يعتقد أن احتجاجات الشعب "غير مبررة" عادةً، وربما يرجع ذلك إلى جهل العامة وقلة فهمهم، الذين، في رأيه، "لا يملكون فهمًا صحيحًا لخدمات إيران".

يرى خامنئي، بنظرته من الأعلى إلى الأسفل تجاه المجتمع، أن الاستياء ناتج عن الجهل. وفقًا لهذا المنطق، إذا لم يقدر الشعب الجمهورية الإسلامية ولم يرَ خدماتها، فلا بد أنهم لا يفهمون شيئًا واحتجاجاتهم لا أساس لها.

خلال خطابه، ينصح المحافظين بنبرة متعبة وصوت خافت يحمل نبرة حكيمة، في دور "الشيخ الحكيم"، ويتجنب عمدًا ذكر المضربين بالاسم.

من خلال إنكاره غير المباشر لمشكلات سائقي الشاحنات والبلاد عمومًا، يحاول تصغير حجم احتجاجات النقابات وإظهارها تحت السيطرة؛ جهد تحقيري لتصوير مشكلة حقيقية على أنها غير مهمة. قوله إن "هذه ليست مشكلة"، و"اذهبوا وأظهروا لهم المحبة بصبر، وعندما يوجهون إليكم الشتائم، ابتسموا، وعندما تزرعون المحبة، سيخرج الشعب لدعمكم في اللحظات الحرجة"، هو مثال على نظرة خامنئي الإقطاعية.

لكن واقع حياة الناس اليومية مختلف: التضخم، انخفاض القدرة الشرائية، انعدام الأمن الوظيفي، القمع، الهجرة، الإرهاق الاجتماعي، الاكتئاب، واليأس. هذه ليست سوى جزء صغير من الواقع المرير لحياة الناس في إيران اليوم.

المشكلة ليست فقط سائقي الشاحنات

إذا لم يكن هناك مشكلة في البلاد، فما سبب هذا الحجم من الإضرابات، وانعدام الثقة، واليأس؟

إذا كان الفضاء "مليئًا بالفرص"، فلماذا يُحرم الشعب من أدنى الفرص الاقتصادية والاجتماعية؟ إذا كان الشعب يحتج على شيء "غير مبرر"، فمن أين تأتي كل هذه الضغوط، والمعاناة، والغضب؟

يمكن لخامنئي ونظامه أن يغطوا على الأزمة مؤقتًا بالإنكار، لكنهم لا يستطيعون القضاء عليها.

إسكات صوت سائقي الشاحنات لن يوقف عجلة انعدام ثقة الشعب بالنظام. لقد طلق الشعب الجمهورية الإسلامية ثلاثًا!