زيادة صادرات الغاز والكهرباء الإيرانية.. رغم أزمة العجز في الطاقة

على الرغم من العجز الحاد في الطاقة داخل إيران، تُظهر الإحصاءات الرسمية أن صادراتها من الغاز والكهرباء قد شهدت زيادة. فإيران تعاني نقصًا في الكهرباء والغاز طوال أشهر السنة منذ العام الماضي، ومع ذلك، لم توقف الحكومة صادراتها من مصادر الطاقة هذه، بل زادتها.
وفقًا للإحصائيات الشهرية الجديدة الصادرة عن هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، فقد استوردت تركيا، في الفترة بين مارس (آذار) 2024 وحتى نهاية فبراير (شباط) 2025، نحو 6 مليارات و142 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني، ما يُمثّل ارتفاعًا بنسبة 5 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
العراق.. ثاني أكبر مستورد للكهرباء الإيرانية
على الرغم من أنه لا توجد تقارير رسمية بعد عن كمية الغاز، التي صدّرتها إيران إلى العراق خلال عام 2024، فإن بيانات وزارة الطاقة الإيرانية تُشير إلى أن إجمالي صادرات الكهرباء الإيرانية بلغ 5.2 تيراواط/ ساعة، بزيادة قدرها 6 في المائة على العام السابق، و13 في المائة عما قبل ثلاث سنوات.
توقع ميزانية الحكومة الإيرانية لعام 2025 تصدير 16 مليار متر مكعب من الغاز بقيمة 5 مليارات دولار، وهي كمية تزيد بنسبة 15 في المائة مقارنة بما كان مدرجًا في ميزانية العام السابق.
ورغم أن إيران لا تصدّر سوى نحو 6 في المائة فقط من إنتاجها من الغاز، فإن عائدات هذه النسبة الصغيرة تفوق بكثير إيرادات بيع أكثر من 240 مليار متر مكعب من الغاز للاستهلاك الداخلي، وذلك بسبب الفرق الكبير بين سعر الغاز داخل إيران وسعره في الأسواق الإقليمية.
ويبدو الوضع مشابهًا أيضًا في قطاع الكهرباء؛ حيث تواصل الحكومة الإيرانية زيادة صادرات الكهرباء، على الرغم من عدم قدرتها على تأمين احتياجاتها الداخلية، لا سيما لتغذية محطات توليد الطاقة، ما أدى إلى قيود صارمة على الكهرباء في القطاعات الصناعية، وانقطاعات متكررة للكهرباء في المنازل.
قال مدير مصنع للبتروكيماويات في مدينة تبريز لـ "إيران إنترناشيونال": "إن الحكومة تقوم حاليًا بقطع الكهرباء عن المصنع ثلاثة أيام في الأسبوع، وفي أحد الأيام تواجهنا انقطاعات في المياه أيضًا".
وأضاف أن استخدام مولدات الديزل غير مجدٍ اقتصاديًا، قائلاً: «سعر ليتر الديزل في القطاع الصناعي يصل إلى نحو 15 ألف تومان، أي ما يعادل 50 ضعف السعر المدعوم المخصّص للسيارات".
أعلنت الحكومة الإيرانية مؤخرًا قرارًا يقضي بتطبيق نظام ثلاثي التسعير لوقود الديزل المستخدم في المركبات، وهو:
1- السعر المدعوم (الحصص).
2- السعر شبه المدعوم.
3- السعر الحقيقي (المعادل لتكلفة الإنتاج).
ورغم أن القرار لم يحدد بعد أرقامًا واضحة لهذه الأسعار، فإن تكلفة إنتاج ليتر الديزل تُقدّر بنحو 28,500 تومان، أي ما يعادل 100 ضعف السعر الحالي المدعوم.
وتُظهر وثيقة سرية من وزارة النفط، اطّلعت عليها "إيران إنترناشيونال"، أن إنتاج الديزل في عام 2024 زاد بنسبة 3.5 في المائة، فيما زاد الاستهلاك بنسبة 7.5 في المائة؛ حيث بلغ متوسط استهلاك الديزل اليومي أكثر من 120 مليون ليتر، وهو ما يزيد بنحو 5 ملايين ليتر على الطاقة الإنتاجية لمصافي البلاد.
ولتغطية هذا العجز، لجأت الحكومة إلى المقايضة مع وقود المازوت في الأسواق الخارجية. ويُستهلك نحو نصف الديزل في قطاع النقل، والنصف الآخر في الصناعات ومحطات الكهرباء وغيرها.
في ظل شحّ الطاقة الموجهة للقطاع الصناعي، أعلن نائب رئيس شركة "توانير" الحكومية لنقل وتوزيع الكهرباء، محمد الله داد، يوم 20 مايو (أيار) الجاري، أن الصناعات الكبرى بات بإمكانها استيراد الكهرباء مباشرة من أذربيجان وتركيا عبر خطوط الربط الكهربائي.
لكن بسبب الفرق الكبير في أسعار الكهرباء بين إيران والأسواق المجاورة، يبقى من غير الواضح ما إذا كان هذا الخيار مجديًا اقتصاديًا للمصانع الإيرانية.
كما أن ارتفاع أسعار الكهرباء المستوردة سيؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات الصناعية، ما سيُفاقم مشكلة التضخم المتفشي أصلاً في البلاد.
أصبحت أذربيجان وتركيا، اليوم، من كبار مُصدري الطاقة بفضل استثماراتهما الضخمة في الطاقة الشمسية والرياح، وهما اللتان كانتا تستوردان الكهرباء من إيران قبل عقد من الزمن.
لكن وفق تحقيق "إيران إنترناشيونال"، فإن القدرة القصوى لخطوط الربط الحالية مع تركيا وأذربيجان لا تتجاوز 850 ميغاواط، بينما تعاني إيران عجزًا يصل إلى 15 ألف ميغاواط في الشتاء و25 ألف ميغاواط في الصيف.
وهذا يعني أن الاستيراد عبر هذه الخطوط لا يغطي سوى 3.4 في المائة من العجز الصيفي، حتى لو تم تشغيلها بكامل طاقتها.
ولتوضيح حجم أزمة الكهرباء في إيران، يكفي القول إنه حتى لو سلّمت أرمينيا وأذربيجان وتركمانستان كامل إنتاجها من الكهرباء لإيران، فلن يُغطي ذلك العجز المحلي.
وفي عام 2024، سلّمت هذه الدول الثلاث لإيران 3.4 تيراواط ساعة فقط، أي أقل من 1 في المائة من استهلاك إيران، في حين أن إيران صدّرت ما يعادل 1.5 ضعف هذه الكمية من الكهرباء للخارج.
وتُظهر البيانات أن إيران سجّلت خلال السنوات الأخيرة نموًا سنويًا قدره 2 في المائة فقط في إنتاج الغاز والكهرباء، بينما بلغ نمو الاستهلاك أكثر من ثلاثة أضعاف ذلك، مما يعني أن الفجوة تتّسع باطراد بين العرض والطلب، سواء في الغاز أو الكهرباء.