بزشكيان.. رئيس يمارس الوعظ ويغفل هموم المجتمع

إذا ألقينا نظرة على أوضاع إيران هذه الأيام، نرى بوضوح أن الحكومة قد انهارت عمليًا؛ لكنها لم تعلن ذلك رسميًا بعد.
كل حكومة في العالم لها واجبات محددة يجب أن تلتزم بها، لكن الحكومة التي تتولى السلطة في إيران اليوم تخلت عن العديد من هذه الواجبات، وتقتصر نشاطاتها على المجالات التي تقيد فيها الشعب.
هذه الحكومة لا تستطيع توفير الماء أو الكهرباء أو الغاز بما فيه الكفاية، ولا تستطيع السيطرة على التضخم والغلاء. الشيء الوحيد الذي تقوم به هو التدخل في حياة الناس؛ فرض الحجاب الإجباري، وحجب الإنترنت، واعتقال المنتقدين، وقمع الحريات.
في خضم هذا، تحول مسعود بزشكيان، الرئيس الإيراني، بدلاً من تحمل المسؤولية، إلى خطيب يقرأ "نهج البلاغة" ويكرر باستمرار عبارات مثل "يجب أن يكون الأمر هكذا" و"لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا".
قال بزشكيان، يوم الاثنين 26 مايو (أيار): "إذا لم نتفاوض، لن نموت". لكن السؤال الأساسي هو: هل معيار تقييم حياة الناس هو بقاؤهم على قيد الحياة جسديًا؟ هل يعيش الإنسان فقط لمجرد البقاء حيًا؟ يسعى الناس إلى حياة كريمة، محترمة، ومشرفة، وليس مجرد البقاء على قيد الحياة.
أن يقول رئيس الحكومة "لن نموت" ليس فقط موقفًا يتهرب من المسؤولية، بل هو إهانة للكرامة الإنسانية للشعب. من أعطاكم الحق لتعريف حياة الناس وفق معايير الصمود في ظروف شِعب أبي طالب؟
كيف يمكن لرئيس جمهورية يترأس بلدًا له تاريخ عريق مثل إيران أن يرى معيار نجاح حكومته في "عدم موت الناس" فقط؟ أليس الموت هو فقط عندما يتوقف الإنسان عن التنفس؟ أليس الفقر، والبطالة، والهجرة، والضغوط الاقتصادية، والإذلال الاجتماعي، والاكتئاب العام أشكالًا أخرى من الموت البطيء؟
تقولون إنه حتى لو لم يكن هناك اتفاق أو مفاوضات، "لن نموت". أولاً، الشعب الإيراني يريد أن يعيش، وليس فقط أن يبقى على قيد الحياة. ثانيًا، ليس من واجب الحكومة أن تقيس مدى قدرة الناس على تحمل الضغوط. ثالثًا، عندما تقولون "لن نموت"، هل تقصدون أنفسكم أم الشعب الذي يعيش تحت الضغط اليومي، وعلى عكسكم، أيها المسؤولون، لا يمتلك رواتب فلكية أو امتيازات؟
هل تتذكرون أنه وفقًا لوثيقة رؤية 2025 كان من المفترض أن تصبح إيران القوة الأولى في المنطقة؟ ماذا حدث الآن حتى تفتخرون بـ"البقاء على قيد الحياة دون اتفاق"؟ هل كان من المفترض أن يموت الناس؟
قلتم أيضًا إن الذين هاجروا من البلاد فعلوا ذلك من أجل المال. هل تعتقدون حقًا أن سبعة إلى ثمانية ملايين إيراني في الخارج تركوا وطنهم فقط من أجل المال؟ هذا الكلام إهانة لكل من اضطروا لمغادرة الوطن بسبب الضغوط، والتهديدات، والقمع، والظلم، وفقدان الأمل في الإصلاح. لم يغادروا إيران؛ بل هربوا من نظامكم.
هؤلاء الأشخاص يحبون تلك الأرض والتراب، لكنهم ليسوا مستعدين للتضحية بحياتهم من أجل نظام داس على كرامتهم. على عكسكم، الذين تعتبرون الجمهورية الإسلامية مرادفة لإيران، هؤلاء الناس مستعدون للتضحية بحياتهم من أجل بلدهم، ولكن ليس من أجل نظام دفع البلاد إلى حافة الدمار منذ سنوات.
أنتم وأمثالكم، لو لم يكن لديكم مصالح مالية وقوة، هل كنتم ستبقون في هذه الظروف؟ قارنوا: هم غادروا للحفاظ على كرامتهم، وأنتم بقيتم للحفاظ على مصالحكم.
انظروا إلى مثال مثل الدكتور كاوه مدني. عاد إلى البلاد ليخدم، لكنه اضطر للمغادرة مجددًا بسبب الضغوط الأمنية والتدخلات. إنه مجرد مثال واحد من ملايين النخب الذين فروا منكم. إذا كنتم لا تعرفون كيف تتحدثون بشكل صحيح، فلا تهينوا ذكاء الشعب على الأقل.
تكررون باستمرار أنكم "لستم أعلى من الشعب". حسنًا، مرة واحدة تكفي. لا حاجة لتكرار ذلك باستمرار. هذه الجملة، رغم مظهرها المتواضع، تحمل في تكرارها المتواصل نوعًا من الغرور المستتر. الحقيقة هي أن الشعب لا يرى رئيس الجمهورية أعلى منه. يبدو أنكم أنتم من لديه هذا التصور عن نفسكم.
مر 11 شهرًا منذ الانتخابات الماضية. لقد سئم الشعب من العلاج بالكلام، والشعارات، والتواضع المصطنع. يجب على رئيس الجمهورية حل مشكلات الناس، وليس مجرد سردها. أنتم فقط تسردون المشكلات الموجودة دون تقديم أو تنفيذ أي حلول.
مثال على ذلك إضراب سائقي الشاحنات الأخير في جميع أنحاء البلاد. آلاف السائقين يحتجون، ونقل البلاد تعطل، والمنتجات الزراعية متروكة على الأرض، لكن وزير النقل الخاص بكم في العراق، يهتم بطرق العراق، وليس بأوضاع الطرق في إيران. نائبه ينكر مشكلات السائقين ويقول إنها محاولة لإثارة الاضطرابات. أما القضاء، فكالعادة، بدلاً من حل المشكلة، يصنع ملفات قضائية.
أنتم، كرئيس للجمهورية، لستم مستعدين للاستماع إلى السائقين. إنهم من أكثر فئات المجتمع اجتهادًا، لكن صوتهم لا يُسمع. في المقابل، همكم الأساسي أصبح إطلاق مقر لذكرى وفاة الخميني، مع 23 لجنة فرعية وميزانية بمليارات التومانات!
هل من العدل أن يرى سائق يمر من طريق طهران-قم قصر ضريح الخميني بينما هو نفسه لا يملك قوت يومه؟ ضريح حصل مع مكتب نشر آثار الخميني على ميزانية قدرها 376 مليار تومان في العام الماضي وحده. ماذا تسمون هذا؟ إدارة؟ عدالة؟ حب الشعب؟