معركة خلافة خامنئي تحتدم في إيران

خرج النقاش، الذي كان محاطًا بالسرية سابقًا حول من سيخلف المرشد الإيراني، علي خامنئي، البالغ من العمر 86 عامًا، إلى العلن، وتحول هذا النقاش إلى مستوى من التهديد العلني تجاه المرشح ورئيس الجمهورية الأسبق، حسن روحاني.

خرج النقاش، الذي كان محاطًا بالسرية سابقًا حول من سيخلف المرشد الإيراني، علي خامنئي، البالغ من العمر 86 عامًا، إلى العلن، وتحول هذا النقاش إلى مستوى من التهديد العلني تجاه المرشح ورئيس الجمهورية الأسبق، حسن روحاني.
وأصبح روحاني محور الجدل حول خلافة المرشد، وهو نقاش يبدو أنه أصبح لا مفر منه بعد الحرب التي اندلعت في يونيو (حزيران) الماضي بين إسرائيل وإيران، والتي شهدها خامنئي من مخبئه تقريبًا، مكتفيًا بالمراقبة من بعيد.
وكان الرئيس المعتدل الأسبق، حسن روحاني، قد دعا إلى فتح المجال السياسي في إيران والحد من السياسة الخارجية التصعيدية لطهران، بعد الحرب، ما أثار غضب التيار المتشدد، واعتُبر نقدًا ضمنيًا لسجل خامنئي العسكري والإداري، ووُصفت دعوته بالضعف والخيانة من قِبل معارضيه، الذين يسعون لتشكيل المستقبل بعد خامنئي.
وجاءت أبرز الانتقادات من بابك زنجاني، الملياردير الذي حُكم عليه بالإعدام عام 2016 بتهمة اختلاس 2.8 مليار دولار من أموال النفط، والذي تم تخفيف حكمه وإطلاق سراحه مشروطًا هذا العام.
وفي 2 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، نشر زنجاني رسالة على منصة "إكس"، لم يذكر فيها روحاني بالاسم، لكن أرفق صورة للرجل المعتدل مع عنوان يلمّح إلى كونه القائد المقبل لإيران.
وكتب زنجاني: "سيحملون هذا الطموح إلى القبر". وأضاف: "ستُطهّر إيران من الكفاءات الضعيفة، والمسؤولين غير المؤهلين. إيران بحاجة إلى شباب متعلم وكفؤ، وليس إلى حاملي الشهادات المزيفة وغير المستندة إلى أساس".
وكانت هذه الإشارة إلى الشهادات الأكاديمية المثيرة للجدل لروحاني بمثابة تحذير لا يُخطئ فهمه، حتى دون الصورة المرفقة.
لا مفر بعد الآن
لم تكن هذه أول تهديدات ضد أبرز شخصية في التيار المعتدل. فقد جادل النائب المتشدد، كامران غضنفري، مؤخرًا بأن روحاني يجب أن يُحاكم ويُعدم، إذا ثبتت تهم الخيانة الموجهة إليه.
ودعّم روحاني الاتفاق النووي السابق (خطة العمل الشاملة المشتركة) عام 2015، الذي انسحب منه لاحقًا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في ولايته الأولى، وهو ذو خلفية واسعة كمسؤول أمني وسياسي داخل النظام، ويؤيده عدد كبير من المطلعين على الأمور.
وتبرز مداخلة زنجاني بين الانتقادات: فملياردير مدان تم العفو عنه من قِبل خامنئي، يتحدث الآن عن الخلافة، وهو ما يعكس ربما نظامًا يفقد قيوده القديمة؛ بسبب تغير الموازين والمخاطر.
وقد أعادت مواجهة طهران الحادة مع إسرائيل التكهنات حول إمكانية أن يصبح المرشد البالغ 86 عامًا هدفًا محتملاً. فالحرب والأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى عامل العمر، منحت مساحة غير عادية للتعبير عن الرأي.
ويتحدث زنجاني بثقة لم تكن لتتخيل قبل عام، معتمدًا على نفوذ من ساعدوا في إطلاق سراحه، ويركز على منع روحاني فقط، معتبراً رحيل خامنئي أمرًا لا مفر منه.
وحتى قبل الضربات الأميركية والإسرائيلية في يونيو الماضي، كان قليلون يجرؤون على مناقشة مسألة الخلافة دون ذكر "لا قدر بالله".
حتى الأكاديمي الإصلاحي، صادق زيباكلام بدأ تصريحاته حول الخلافة بمباركة نمطية: "بعد أن يعيش خامنئي 120 عامًا"، قبل أن يقول بوضوح إن روحاني يعتبر نفسه أكثر ملاءمة للقيادة من أي منافس آخر، بما في ذلك ابن خامنئي مجتبى.
إنها مجرد البداية
بالنسبة لخامنئي، الذي أصبح أقل ظهورًا بعد الحرب، وربما على دراية بتآكل النظام، فإن مثل هذه المناقشات محفوفة بالمخاطر.
كما أن الترويج العلني لمجتبى، نجل خامنئي، قد يشير إلى الضعف؛ بينما كبت هذه النقاشات يبرز مدى هشاشة النظام حين يصبح مستقبله معتمدًا على شخص واحد مسن.
وبدون وريث محدد- حتى بشكل غير رسمي- يظل النظام هشًا، ويصبح مستقبله رهينة لعدم اليقين والصراعات الفصائلية.
وفي وقت يتهيأ فيه الخصوم الخارجيون لاحتمال حرب إضافية، ومع تراجع مستوى المعيشة وتصاعد غضب الشعب، فإن التقدم كزعيم محتمل يتطلب الجرأة والانضباط والدعم الشعبي الواسع، وهي صفات نادرة بين النخبة السياسية الإيرانية.
والنتيجة هي صراع خلافة يُدار عبر التلميحات والإشارات غير المباشرة؛ وهو صراع مرير وغامض قد يستمر حتى انتهاء حياة خامنئي، وربما أطول من ذلك.