دنیا راد، الناشطة المسرحية المشهورة في وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت إحدى رموز شجاعة النساء في بداية حركة "المرأة، الحياة، الحرية" أعلنت في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عن وقف شريحة هاتفها الجوال بشكل مفاجئ عندما نشرت صورة لها دون الحجاب الإجباري في أحد مقاهى طهران.
وكتبت في منشور على "إنستغرام"، أنه تم إبلاغها في مكتب خدمات الهاتف المحمول أن بطاقة "SIM" الخاصة بها قد تم حظرها.
راد، التي تم اعتقالها في 29 سبتمبر (أيلول) 2022 بعد نشر صورتها بدون حجاب إجباري، أثارت الجدل مرة أخرى قبل حوالي شهر بعد نشر صورة لها في الشارع ترتدي سروالاً قصيراً.
انتشار هذا المنشور أثار موجة من ردود الفعل بين النساء والرجال الذين واجهوا نفس التجربة. لقد قاموا بسرد تجاربهم في هذا الشأن.
الاتصال حق لنا ولا أحد يتحمل المسؤولية
برِيسا صالحي، الصحافية والسجينة السياسية السابقة، بعد قراءة قضية راد، كتبت في حسابها على "إكس" أنها أيضًا قد تم قطع بطاقة "SIM" الخاصة بها منذ عدة أشهر دون إشعار مسبق.
وأكدت أنها لم تذهب إلى المحكمة لطلب إعادة توصيل بطاقتها ولا تنوي فعل ذلك: "الاتصال هو حقي، لن أساوم عليه ولا أضع التغريدات التي ترغبون بها. وبالإضافة إلى أن حياتي قد تعطلت رسميًا، فإنني لا أستطيع الوصول أيضًا إلى نظام (ثناء)" [نظام يتم من خلاله إرسال الأوراق القضائية].
هذه الطالبة السابقة في الماجستير في الاقتصاد بجامعة طهران، التي تم فصلها من الجامعة، أضافت: "منذ أن تم فصلي من الجامعة، أصبحت حياتي معلقة، وبعد السجن، ها أنا الآن في مرحلة المنفى. هل رأيتم بطاقة (SIM) إضافية؟".
يشار إلى أن صالحي تم نقلها في مايو (أيار) 2024 إلى سجن كجويي في كرج لتنفيذ حكمها بتهمة "الدعاية ضد النظام".
وقد ذهبت دون حجاب إجباري إلى مكتب القضاء في محافظة ألبرز، ونشرت صورة لها أمامه.
وقد علقت نازي زنديه، مصممة جرافيك وناشطة معارضة للحجاب الإجباري، أيضًا على إنستغرام، حول راد بسرد تجربتها المشابهة وكيف حُرمت من الخدمات الاجتماعية بسبب وقف شريحة هاتفها.
وقالت: "حتى إنني لا أستطيع الذهاب إلى مكتب البريد لإرسال شيء لأنني يجب أن أتحقق من هويتي باستخدام رقم هاتفي".
يذكر أن زنديه تم اعتقالها في يوليو (تموز) 2022 في طهران من قبل الأجهزة الأمنية بسبب حملتها "لا للحجاب".
إحدى الناشطات ردت على راد قائلةَ إن شريحة هاتفها قد تم وقفها، وبعد أسبوع تم حظر حسابها البنكي دون إشعار أو رسالة أو اتصال، وبعد استفسارات عديدة، اكتشفت أن هذا حدث بسبب صورها بدون الحجاب الإجباري في متجرها الإلكتروني.
قطع شريحة الهاتف والخدمات الاجتماعية المصاحبة لها تخلق ضغطًا نفسيًا هائلًا على النساء، وهو إجراء يهدف إلى معاقبتهن، وممارسة السيطرة على أجسادهن، وإجبارهن على الامتثال للمعايير الحكومية.
يعتبر الخبراء القانونيون وناشطو حقوق النساء أن هذه الممارسة "غير قانونية ومخالفة لحقوق الإنسان".
أحد المستخدمين، تُدعى مهسا، علقت على راد قائلة: "إنني أعيش أيضًا هذا الشعور السيئ الذي مررتِ به، وقد مر عليه خمسة أشهر الآن... شريحة الهاتف التي كانت لي لمدة 22 سنة أنا الآن لا أملكها".
قطع شريحة النقال للرجال المعارضين أيضًا
لم يعد قطع شريحة الهاتف النقال حكرًا على النساء المعارضات للحجاب الإجباري. فبعد الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، قامت الأجهزة الأمنية في النظام الإيراني بقطع وصول العشرات من المواطنين إلى بطاقاتهم، وذلك في سياق التحكم في السرد ومحاولة إسكات الأصوات المنتقدة. بعض المواطنين في ذلك الوقت قالوا إنهم اضطروا إلى حذف المنشورات الانتقادية ونشر منشورات مؤيدة للنظام من أجل إعادة تفعيل بطاقاتهم.
وطلبت الأجهزة الأمنية من بعض المواطنين حذف منشوراتهم الانتقادية على منصة "إكس" أولًا، ومن ثم توقيع تعهد بعدم انتقاد النظام، قبل أن يطلبوا منهم نشر منشورات مؤيدة للنظام.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بعد قطع ووقف شرائح الهواتف النقالة للعديد من الصحافيين والناشطين السياسيين، أجبرتهم الأجهزة الأمنية على حذف المنشورات الخاصة بهم ونشر محتوى يتعارض مع آرائهم في حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
مواطن من طهران، نشط على شبكة "إكس"، قال لـ"إيران إنترناشيونال" إن شريحة هاتفه قد تم قطعها دون أن يُخبره أحد بالسبب، وأنه يواجه صعوبة في الوصول إلى بطاقاته البنكية وتطبيقاته الإيرانية الآن.
ناشطة سياسية أخرى تقيم في الخارج، قالت في رواية مشابهة لـ"إيران إنترناشيونال" إن السلطة القضائية في إيران قامت بقطع الشريحة التي كانت مسجلة باسمها، لكن والدتها كانت تستخدمها لأكثر من عقد.
عقوبة غير قانونية
شهلا أروجی، محامية وعضو في نقابة المحامين المركزية، قالت في سبتمبر (أيلول) 2024 في مقابلة مع صحيفة "شرق" إن مثل هذه العقوبات غير منصوص عليها في القوانين.
وأضافت: "حسب المادة 36 من الدستور، يجب أن يتم فرض العقوبات من قبل محكمة مختصة وطبقًا للقانون، ولا يحق لمأموري القضاء فرض عقوبات". وأضافت: "مثل هذه العقوبات غير موجودة في قوانيننا، ولا يمكن تنفيذها حتى كعقوبات تكميلية أو تابعة، وإن هذا الفعل يعد سلبًا للحقوق ومخالفًا للقانون".
محمد أولیائی فرد، محامي وعضو في الاتحاد الدولي للمحامين، قال في هذا السياق لـ"إيران إنترناشيونال" إن قطع شرائح الهواتف النقالة للمواطنين يعد انتهاكًا لمبادئ الدستور الإيراني، وإن المدعى العام و الشرطة القضائية لا يمكنهما قطع هواتف الأفراد.
وأكد أولیائی فرد: "إذا كان للمحكمة أن تقوم بمثل هذا الفعل، يجب أن يتم ذلك وفقًا للإجراءات القضائية، وأن تُحترم حقوق المتهمين، ويجب أن تكون المحاكمة عادلة، والعقوبة يجب أن تكون منصوصًا عليها في القانون".
وأضاف أن الهدف الرئيسي للسلطات في إيران هو فرض "عقوبات غير مرئية وصامتة" لا يتم تسجيلها في السجلات الدولية للأمم المتحدة في إحصاءات المعاملات مع الصحافيين والمواطنين.
سعید سوزنكر، مستخدم نشط على شبكة "إكس" وأستاذ في الشبكات والأمن، أدان هذا الفعل. وكتب: "الحكومة الإلكترونية أصبحت أداة للرقابة في يد زعماء مهملين. الممارسات غير القانونية، تُنفذ بسهولة ودون أي قلق من المساءلة".