يقول عباس عراقجي إنه لا يوجد أي قرار بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، وبالتالي فإن الأخبار المتعلقة بالوساطة التي تقوم بها أي دولة تكون أخبارًا عديمة الجدوى وغير ذات معنى. نحن في وضعية لا نملك فيها أي أوراق للعب في الملف النووي، لكننا لا نزال نملك العقول التي تخطط لإطلاق برنامج نووي متكامل.
الاتصالات الهاتفية المتكررة من ماكرون مع كل من مسعود بزشکیان وعباس عراقجي، مع المكالمات الدائمة من غروسي، لا تقتصر على الجوانب الفنية أو البروتوكولية فقط، بل يمكن تفسيرها أيضًا كعلامات على الضغوط المتزايدة واحتمالية تغيير اللعبة في النظام النووي الإيراني.
طلب الصينيون من طهران "استئناف الحوار والمفاوضات" وأكدوا أن توقف العملية السياسية الحالية ليس في مصلحة المجتمع الدولي. من ناحية أخرى، قال غروسي إن عمليات التفتيش "بحاجة ملحة إلى تحسين"، ويجب على إيران توفير البيئة المناسبة للتعاون الجاد. وقد قال غروسي بحذر إن الملف الإيراني ليس في مرحلة الإحالة إلى مجلس الأمن بعد، لكن إيران يجب أن تأخذ الوضع على محمل الجد.
من وجهة نظر طهران، تظل القضية الأساسية هي نفس الخطاب القائم على "المفاوضات من موقع متساوٍ" و" تصفير التخصيب". وقد كرر عراقجي مرة أخرى للمرة العاشرة أن إيران ترغب في التفاوض "على أساس المساواة والمصالح المتبادلة"، لكنه أصر على أنه لن يتم التفاوض مع الغرب حول "تصفير التخصيب" أو تقليص القدرة الصاروخية.
طهران ليس لديها لعبة جديدة، ولا تزال تقوم بنفس اللعبة في جبهتين في آن واحد، وهي اللعبة التي تجيدها جيدًا: من جهة تسعى للحفاظ على استقلال عملها النووي والصاروخي ولا تنوي التراجع، ومن جهة أخرى تحاول أن تظهر إشارات للتعاون وتدعي التعاون لخفض الضغوط الدولية.
لكن في هذه الأثناء، يعتبر انضمام الصين إلى بقية الدول في التعبير عن القلق وإصدار التحذيرات أمرًا مهمًا. لا ننسى أن الغرب والشرق (باستثناء كوريا الشمالية)، مهما كانت مواقفهم في السياسة، يتفقون في شيء واحد، وهو أن إيران لا يحق لها امتلاك السلاح النووي. من هذه الزاوية، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والصين تختلفان تمامًا في الأدوات التي تستخدمانها، إلا أنهما متوافقتان في الهدف.
من المتوقع في الأسابيع القادمة أن تزيد طهران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهدف تقليل الضغوط الدولية، ولكن هذا التعاون سيكون معقدًا، ومصحوبًا بالكثير من الدعاية الإعلامية وخلق موانع صغيرة وصورية أمام المفتشين.
هذه هي التنازلات الوحيدة التي ستقدمها طهران، بينما سيستمر الغرب في تفسير سلوك النظام الإيراني في الملف النووي على أنه سلوك هجومي. حتى في حال بدأت المفاوضات في سيناريو غير متوقع، فإنها ستصل إلى طريق مسدود بسرعة أو ستتحول إلى عملية طويلة بإنجازات محدودة. ومع ذلك، نعلم أن الصبر في هذه الأيام لا يعدو كونه كلمة غير ذات معنى بالنسبة لترامب ونتنياهو.
وقد ظهرت هذه الأيام أيضًا مسألة جديدة: المفاوضات السرية بين إيران وفرنسا بشأن الإفراج المشروط عن مواطنين فرنسيين. يجب أن نرى إلى أي مدى يمكن لهذه المفاوضات أن تكون تمهيدًا لعلاقة حقيقية وبناءة وللبدء بمفاوضات فعلية!