ووصف المقال الحرب، التي دارت بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، بأنها "هزيمة مهينة" للنظام الإيراني، خلافًا لما روّج له الإعلام الرسمي في طهران، مشيرًا إلى أنها كشفت "الثغرات البنيوية في النظام الإيراني، وخاصة في الحرس الثوري”.
واعتبر الباحث الزائر في "مركز الديمقراطية والتنمية وسيادة القانون" بجامعة ستانفورد وأستاذ العلوم السياسية في جامعة تينيسي، سعيد غولكار، أن سبب هذه الهزيمة هو "الطبيعة الأيديولوجية للنظام"، واصفًا ذلك بأنه نوع من "تدهور العقلانية" في بنية الحكم الإيراني.
وتناول المقال بتفصيل واسع تداعيات حرب الـ 12 يومًا، مؤكدًا أن نتائجها غيّرت بنية النظام السياسي والأيديولوجي الإيراني وتركَت أثرًا عميقًا في مستقبل هذا النظام.
ورأى الكاتب أن "أهم نتيجة للحرب" كانت تدمير البنية التحتية العسكرية والنووية للنظام، وانهيار استراتيجيته في "قيادة ما يسميه محور المقاومة".
كما أشار إلى "تآكل سلطة المرشد الإيراني علي خامنئي، وما تبعه من "تفكك في مركزية القرار"، و"عودة شخصيات أُقصيت سابقًا"- ولا سيما البراغماتيون- إلى دوائر النفوذ، إضافة إلى "تشكيل مجلس الدفاع الوطني"، و"إثارة المشاعر القومية" لاستعادة الشرعية المفقودة، و"تصاعد القمع الداخلي" كأهم مخرجات تلك الحرب.
عودة النخب السياسية.. ولكن ليس جميعها
وجاء في المقال أن خامنئي، وبعد الحرب، ولتفادي انهيار النظام من الداخل، أعاد بعض الشخصيات المُبعدة، مثل علي لاريجاني إلى مركز القرار، خصوصًا بعد مقتل عدد من كبار قادته، ومن بينهم قائد الحرس الثوري، حسين سلامي، ما جعله مضطرًا لإعادة البراغماتيين إلى نواة السلطة.
ولكن، بحسب المقال، أدت ردود فعل السلطة القضائية والحرس الثوري على هذه التغييرات إلى تلاشي الأمل في أي إصلاح بنيوي حقيقي في مواجهة هيمنة المتشددين.
التحول نحو القومية
أوضح الكاتب أن الحرس الثوري، عبر حملة دعائية استندت إلى أسطورة "آرَش كمانكیر" وربطها بفكرة إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، سعى لتوظيف الرموز القومية في خدمة النظام.
غير أن هذه الجهود، بحسب المقال، وبدعم من خامنئي، الذي حاول الظهور كـ "مدافع عن الكرامة الوطنية"، أسفرت في النهاية عن إضعاف الهوية الثورية وكشفت للمواطنين الفجوة المتزايدة بين الدعاية والواقع.
ثلاثة سيناريوهات أمام النظام الإيراني
يُميّز غولكار، في تحليله، بين إيران كبلد والنظام الإيراني ككيان حاكم، ويرى أن هذا النظام يقف اليوم عند "نقطة مصيرية" أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة:
السيناريو الأول: تنفيذ إصلاحات تكتيكية محدودة، مع اتباع خامنئي استراتيجية "البقاء عبر تشديد القمع وانتظار تغيّر الحكومتين الأميركية والإسرائيلية.
السيناريو الثاني: استمرار النظام في الحفاظ على سلطته من خلال القمع والخداع الاجتماعي، لكنه يبقى عاجزًا عن أي إصلاح هيكلي، ما يؤدي إلى تعميق العزلة السياسية والاقتصادية مع فشل المفاوضات.
السيناريو الثالث: جولة جديدة من الهجمات الإسرائيلية والأميركية على إيران مصحوبة بانتفاضات داخلية، وهو احتمال أقل ترجيحًا بحسب الكاتب، لكنه يصبح ممكنًا إذا انهار تماسك النخب الحاكمة داخل النظام الإيراني.