وفي الوقت نفسه، تمّ نشر تقارير عن إصدار200 ألف تأشيرة عمل لمواطنين أفغان.
وقال يارأحمدي، اليوم الخميس 23 أكتوبر (تشرين الأول)، إنّ عملية ترحيل "الأجانب غير الشرعيين" تجري "بشكل طبيعي وقانوني"، مضيفاً في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "إرنا": "وفقاً للسياسات الحالية في البلاد، كان من المقرر ترحيل الجزء الأكبر من المواطنين الأفغان خلال النصف الأول من هذا العام، وقد تحقق ذلك بالفعل".
وأوضح أن عدد الأجانب في إيران كان في السابق "ستة ملايين شخص"، لكنه انخفض الآن إلى نحو4.5 مليون شخص بعد ترحيل المقيمين غير الشرعيين.
ووفقاً لموقع "خبر أونلاين"، نقلاً عن تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فقد غادر أكثر من 559 ألف مهاجر أفغاني إيران خلال عام 2024.
وفي وقت سابق، يوم 17 يوليو (تموز)، دعا خبراء الأمم المتحدة إلى وقف الإعادة القسرية للاجئين من إيران وباكستان.
وذكر هؤلاء الخبراء أنه منذ بداية عام 2025، عاد أكثر من 1.9 مليون أفغاني من هذين البلدين إلى أفغانستان، سواء طوعاً أو قسراً، من بينهم أكثر من 410 آلاف شخص تم ترحيلهم من إيران وحدها بعد 23 يونيو (حزيران).
ومنذ الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، وجّهت الحكومة الإيرانية اتهامات بـ"التعاون والتجسس لصالح الموساد" إلى بعض الأجانب، خصوصاً المهاجرين الأفغان، وهو ما استُخدم عملياً لتبرير السياسات المناهضة للهجرة.
كما حمّل مسؤولون في إيران الوجود الأفغاني مسؤولية ارتفاع الأسعار داخل البلاد.
ففي 9 أغسطس (آب)، قال وزير الداخلية إسکندر مؤمني إنّ انخفاض استهلاك الخبز في إيران بسبب الترحيل الواسع للأفغان يُعدّ أحد "إنجازات الحكومة"، موضحاً أن ذلك أدى إلى انخفاض معاملات شراء الخبز بنسبة 6 في المائة.
لكن صحيفة "كيهان" المقرّبة من مكتب علي خامنئي، أقرت يوم16 سبتمبر (أيلول) بأن السياسات المناهضة للهجرة، خاصة الترحيل الجماعي للأفغان، لم تؤدّ إلى تحسّن اقتصادي أو انخفاض في الأسعار، بما في ذلك الخبز.
وفي ظل استمرار السياسات المعادية للمهاجرين وتسارع عمليات الترحيل، طالبت منظمة العفو الدولية في16 يوليو الحكومة الإيرانية بوقف فوري لعمليات ترحيل المواطنين الأفغان.
وقالت المنظمة إن إعادة النساء والفتيات إلى أفغانستان تمثل انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية، داعية جميع الدول، بما في ذلك إيران، إلى الاعتراف التلقائي بالنساء والفتيات الأفغانيات كلاجئات وعدم إعادتهن إلى بلد "ترتكب فيه حركة طالبان جرائم ضد الإنسانية على أساس الجنس".
وحذّرت المنظمة من أن السلطات الإيرانية تقوم بعمليات ترحيل عنيفة تشمل الرجال والنساء والأطفال، عبر مداهمة المنازل، ونقاط التفتيش، والاعتقالات التعسفية، والإعادات القسرية، وغالباً ما يُطرد الأشخاص "وليس بحوزتهم سوى الملابس التي يرتدونها".
الزواج والهوية القانونية للأجانب في إيران
بحسب وكالة "إرنا"، أشار يارأحمدي إلى أن هناك حالياً80 ألف زواج بين رجال ونساء أجانب مسجل في إيران، ومع احتساب الأبناء يبلغ العدد الإجمالي نحو 250 ألف شخص.
وأوضح أن الأطفال المولودين من أم إيرانية أو أب إيراني يمكنهم الحصول على وثائق الهوية (شهادة الميلاد). غير أن صحيفة "اعتماد" نشرت في4 أكتوبر تقريراً يفيد بأن السياسة الجديدة للحكومة الإيرانية في تقييد وجود الأجانب غير الشرعيين من الأفغان أدت هذا العام إلى حرمان العديد من الأطفال عديمي الهوية، الذين يُعتبرون من أصول إيرانية، من التعليم.
ووفقاً للتقرير، ازدادت القيود على تسجيل هؤلاء الأطفال في المدارس بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً مقارنة بالسنوات السابقة.
ومنذ عام 2017، سمحت وزارة التعليم للأطفال عديمي الهوية بالتسجيل في المدارس بوساطة رسالة من المحافظة أو استمارة إعلان ذاتي، لكن هذه الإجراءات لم تعد تطبّق بالشكل السابق.
كما كشفت صحيفة "فرهيختكان" في5 أكتوبر أن طلاب المدارس من أبناء الأجانب في محافظة سمنان مُنعوا من الالتحاق بالتخصصات العلمية (الرياضيات والعلوم الطبيعية)، وأنهم "يُسمح لهم فقط بالتعلّم عبر الإنترنت".
إصدار تصاريح عمل لـ200 ألف عامل أجنبي
ذكر موقع "خبر أونلاين" يوم الأربعاء22 أكتوبر، نقلاً عن مالك حسيني، نائب وزير العمل لشؤون ريادة الأعمال والتوظيف، أن وزارة العمل بدأت منذ1 أكتوبر 2025 بإصدار تأشيرات عمل للأجانب، خاصة للأفغان، بالتعاون مع وزارتي الداخلية والخارجية.
وأوضح أن أصحاب العمل يمكنهم تقديم طلبات التوظيف عبر منصة التوظيف الإلكتروني الخاصة بالأجانب، مضيفاً أنه إذا لم يتوفر عامل إيراني مناسب، تُمنح تأشيرة عمل مدتها 9 أشهر للعامل الأجنبي، قابلة للتجديد بناءً على الأداء واحتياجات السوق.
وأشار حسيني إلى أن الاتفاق مع وزارة الخارجية ينص على إصدار ما يصل إلى 200 ألف تأشيرة عمل في السنة الأولى، بهدف تنظيم ورصد العمالة الأجنبية القانونية ومنع الدخول غير المشروع.
وأكدت وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي أن "الأولوية في التوظيف للعامل الإيراني، ولا يُسمح لأصحاب العمل بتوظيف الأجانب إلا في حال عدم وجود متقدمين محليين".
أما يارأحمدي، فأوضح أن الأجانب الحاصلين على إقامة قانونية يمكنهم الحصول على تأشيرة عمل لمدة 9 أشهر، على أن يغادروا البلاد لمدة 3 أشهر بعد انتهائها قبل العودة مجدداً "للحفاظ على علاقتهم ببلدهم الأصلي".
وفي هذا السياق، ذكر "خبر أونلاين" أن حسيني كشف في وقت سابق عن قرار حكومي أُبلغ إلى المحافظين، يتيح إصدار تصاريح لأصحاب العمل لاستقدام عمال أجانب في حال عدم توافر عمال إيرانيين أو عدم كفاية العدد المطلوب، وذلك بموافقة مجلس الأمن المحلي للمحافظة.
وقال حسيني إن هذا القرار تم تطبيقه منذ1 أكتوبر 2025 في15 محافظة يُسمح فيها قانونياً بتوظيف الأجانب.
الآثار الاقتصادية لترحيل العمال الأفغان
بالتزامن مع تنفيذ خطة الترحيل، نُشرت تقارير عن تداعيات هذه السياسة.
فقد أشار موقع "اقتصاد 24" في30 يونيو (حزيران) 2025 إلى أن أكثر من 70 في المائة من العمال الأفغان في إيران يعملون في وظائف يدوية مثل البناء، والزراعة، والنقل (التوصيل والنقل الثقيل)، والخدمات البلدية (النظافة وجمع النفايات والخدمات المنزلية).
وحذر الموقع من أن ترحيل هؤلاء العمال قد يؤدي إلى ارتفاع تكلفة العمالة وتعطّل المشاريع الإنشائية، فضلاً عن انخفاض الإنتاج الزراعي، وانتقال بعض العمال الإيرانيين إلى قطاعات غير منتجة مثل البورصة والعملات الرقمية.
وأوضح التقرير أن "الانخفاض المفاجئ في عرض العمالة سيرفع التكلفة النهائية على المنتجين"، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار مواد البناء والخدمات الفنية، وغلاء المواد الغذائية، خاصة المحاصيل الموسمية مثل الطماطم والخيار والبطيخ، إضافة إلى زيادة تكلفة الخدمات المنزلية والحضرية".
وفي أغسطس (آب) 2025، حذّرت غرفة التجارة الإيرانية في دراسة لها من التداعيات الخطيرة لترحيل واسع النطاق للعمالة الأجنبية على الاقتصاد الوطني.