رغم ادعاءات إيرانية بتحسنها.. تراجع التجارة مع روسيا للنصف

رغم الخطاب الرسمي المستمر منذ سنوات حول وجود "شراكة استراتيجية" بين طهران وموسكو، تُظهر بيانات جديدة أن روسيا خرجت من قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران.

رغم الخطاب الرسمي المستمر منذ سنوات حول وجود "شراكة استراتيجية" بين طهران وموسكو، تُظهر بيانات جديدة أن روسيا خرجت من قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران.
وأكد رئيس مصلحة الجمارك الإيرانية، فرود أصغري، هذا التراجع دون أن يذكر حجم التبادل التجاري في النصف الأول من السنة المالية الإيرانية الحالية (من 21 مارس حتى 22 سبتمبر 2025).
لكن أرقام غرفة التجارة الإيرانية تشير إلى أن حجم التجارة الثنائية بين البلدين خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة لم يتجاوز1.1 مليار دولار، أي ما يعادل4.5 في المائة فقط من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية لإيران.
ويأتي هذا التراجع رغم الاتفاق الذي وُقّع عام 2023 بين طهران وموسكو لزيادة حجم التبادل التجاري السنوي إلى40 مليار دولار بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض العقوبات الغربية على موسكو.
وفي العام الماضي، بلغ حجم التجارة بين إيران وروسيا2.5 مليار دولار فقط.
وعقب تقارير تحدثت عن خروج روسيا من قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران، صرّح نائب وزير التجارة الإيراني محمد علي دهقان أن "صادرات إيران إلى روسيا نمت بنسبة 30 في المائة في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، واقتربت من مليار دولار". لكن بيانات غرفة التجارة كشفت أن الرقم الحقيقي أقل من نصف هذا المبلغ.
ولطالما حاولت طهران تقديم علاقاتها مع موسكو على أنها تحالف استراتيجي عميق، لكن منتقدين يؤكدون أن روسيا تنظر إلى إيران كأداة في مواجهتها مع الغرب لا أكثر.
وقال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، مؤخرًا إن "روسيا عطلت المفاوضات" بين طهران والقوى الغربية، معتبراً أن "أي تحسن في علاقات إيران مع الغرب خط أحمر بالنسبة للكرملين".
ورغم توقيع أكثر من100 مذكرة تفاهم وعقد في قطاعي النفط والغاز بين الجانبين، فشلت موسكو في تنفيذ أي منها أو في تقديم الاستثمارات التي وعدت بها لتطوير البنية التحتية اللوجستية في إيران.
ومع ذلك، فعّلت روسيا قبل أسبوعين "الاتفاقية الاستراتيجية الشاملة" مع طهران، وهي اتفاقية تركز على التعاون العسكري والأمني أكثر من كونها ترتبط بالتجارة أو الاستثمار.
وكانت موسكو قد تعهدت عام 2018 باستثمار40 مليار دولار في إيران بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 وإعادة فرض العقوبات على طهران، لكن ذلك الوعد لم يُنفذ أيضاً.
ويرى مراقبون أن مثل هذه الاتفاقيات تهدف أساساً إلى تشجيع طهران على مقاومة الضغط الغربي أكثر من تطوير تعاون اقتصادي حقيقي، فيما يستخدمها المسؤولون الإيرانيون لتصوير أنفسهم كقوة غير معزولة داخلياً وخارجياً.
تراجع أوسع في التجارة الإيرانية
وفقاً لبيانات الجمارك، بلغت صادرات إيران غير النفطية في النصف الأول من السنة المالية نحو26 مليار دولار، دون تغيير يُذكر مقارنة بالعام الماضي، في حين انخفضت الواردات بنسبة 15 في المائة إلى28.3 مليار دولار.
وتبقى العراق ثاني أكبر سوق لصادرات إيران غير النفطية بعد الصين، إلا أن الصادرات إليه تراجعت بنسبة 12 في المائة على أساس سنوي لتبلغ4.5 مليار دولار، أغلبها من المنتجات الغذائية.
وفي أواخر سبتمبر (أيلول) 2025، حظرت بغداد استيراد 44 نوعاً من السلع الزراعية والحيوانية لحماية المنتجين المحليين، ما قلل أكثر من صادرات إيران.
وحالياً، تذهب ثلاثة أرباع صادرات إيران إلى 5 بلدان فقط: الصين، العراق، الإمارات، تركيا، وأفغانستان، وهو ما يعكس ازدياد تركّز تجارتها وتراجع تنوعها.
أما في جانب الواردات، فالوضع مشابه، إذ إن 80 في المائة من واردات إيران هذا العام جاءت من خمس دول فقط هي: الإمارات، الصين، تركيا، الهند، وألمانيا.
وهذا الاتجاه يبعث على القلق بالنسبة لطهران مع عودة العقوبات الأممية، إذ إن فشل التجارة مع روسيا في التعافي يعني أن معظم أوراق الاقتصاد الإيراني ستبقى في السلة الصينية.