وقد رصد فريق التحقق من المعلومات في "إيران إنترناشيونال"، يوم الأربعاء 15 أكتوبر (تشرين الأول)، بعد فحص مواقع 94 سفينة تحمل العلم الإيراني ومدرجة على قائمة العقوبات الأميركية، أن معلومات الموقع لما لا يقل عن 36 ناقلة نفط قد توقفت مرة أخرى عن الإرسال.
وكانت هذه الناقلات قد أرسلت بياناتها الجغرافية قبلها بيوم واحد فقط، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر، لأول مرة منذ عام 2018 دون أي تزوير أو تعديل.
وأكد سمير مدني، المؤسس المشارك لموقع "تانكر تركرز" لتتبع حركة السفن، لـ "إيران إنترناشيونال"، أن "نحو ثلثي أسطول النفط الإيراني أصبح الآن غير متصل، خلافًا لما كان عليه الحال قبل يومين عندما كانت متصلة بالإنترنت".
وتُظهر التحقيقات أنه حتى مساء أمس الأربعاء، بتوقيت وسط أوروبا، من بين جميع ناقلات النفط الإيرانية في المياه الدولية (المحيط الهندي، بحر جنوب شرق آسيا) تستمر خمس ناقلات فقط بإرسال بيانات الموقع، وست ناقلات داخل المياه الإيرانية.
تغيير استراتيجي أم تخريب داخلي؟
على الرغم من أن السلطات الإيرانية لم تؤكد أو تنفِ أي خبر بشأن هذا التغيير، فإن وسائل الإعلام الإيرانية وصفته، مساء الثلاثاء 14 أكتوبر، بأنه خطوة نحو "الشفافية"، واعتبرت ذلك تغييرًا في استراتيجية النظام الإيراني في مواجهة عقوبات الأمم المتحدة.
ونقلت موقع "تجارت أونلاين" عن عبد الله باباخاني، خبير الطاقة، قوله: "إذا استمر هذا الاتجاه، فيجب اعتباره أهم علامة على تغيير سلوك صادرات إيران منذ 2018. قد يكون هذا مقدمة لعودة محدودة لإيران إلى الشفافية البحرية أو إشارة إلى مفاوضات سرية حول أمن طرق الطاقة في منطقة الخليج".
ومن جانب آخر، نشر موقع "إنرجي برس" تقريرًا، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر أيضًا، بعنوان "خلفية تشغيل رادارات ناقلات النفط الإيرانية"، نقلاً عن خبير الطاقة والمدير العام السابق لوزارة النفط في إيران، محمود خاقاني، قوله: "إذا كان هذا الخبر صحيحًا، فهناك احتمالان؛ الأول أن بعض التيارات، وما أسميه الحكومة الخفية أو حكومة الظل، تحاول خلق أزمة جديدة لتحفيز أميركا وحلفائها على مصادرة أو تتبع ناقلات النفط الإيرانية. والثاني، بسبب وجود نحو مليار و200 مليون برميل نفط عائم وامتلاء غير مسبوق في السوق العالمية، أصبح من الصعب الاستمرار في إخفاء مسار الناقلات".
وأكد خاقاني: "في الواقع، قد يكون تشغيل رادار الناقلات خطوة متعمدة من هذه الشبكات الخفية، التي تسعى لمصالحها في ظل التوتر وعدم الاستقرار".
القلق من العواقب الدولية
قال المسؤول السابق بوزارة الخزانة الأميركية والمستشار الحالي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ميعاد ملكي، لـ "إيران إنترناشيونال": "إن إيران قد تكون قررت التحرك بحذر أكبر".
وأضاف: "وفق قوانين المنظمة البحرية الدولية، فإن التزوير والتلاعب بنظام AIS يعد انتهاكًا قد تترتب عليه عواقب خطيرة".
وأشار المحلّل في شركة كبلر لبيانات الطاقة، همايون فلك شاهى، في حديثه مع "إيران إنترناشيونال"، إلى أن هذا القرار قد يرتبط بعودة عقوبات الأمم المتحدة، سواء كعامل رادع ضد المصادرة أو كمحاولة لإضفاء شرعية على النشاط البحري الإيراني. وأضاف أن الردع يعني أن طهران تظهر أن أي مصادرة لناقلاتها قد تؤدي إلى رد فعل انتقامي، والشرعية تعني أن الناقلات تنقل النفط فقط.
هجوم إلكتروني أم خلل فني في التحديث؟
بالنظر إلى انقطاع ثلثي ناقلات النفط الإيرانية مرة أخرى، تقل احتمالية أن يكون الأمر تغييرًا استراتيجيًا كاملاً، ويمكن النظر في سيناريوهات أخرى مثل هجوم إلكتروني أو خلل فني في تحديث أنظمة إرسال المعلومات.
وسبق أن ذكرت مجموعة القرصنة "لَب دوُختِكان"، لـ "إيران إنترناشيونال" في 22 أغسطس (آب)، أن شبكة اتصالات أكثر من 60 سفينة تابعة لشركتين كبيرتين في إيران تعطلت، مما أوقف تواصلها مع بعضها البعض والموانئ والعالم الخارجي.
وقالت المجموعة، التي سبق أن كشفت عن أنشطة إلكترونية وعسكرية للنظام الإيراني، إن العملية قطعت اتصالات 39 سفينة تابعة للشركة الوطنية لناقلات النفط الإيرانية و25 سفينة مملوكة لشركة الشحن الإيرانية.
وفي مارس (آذار) الماضي، أعلنت المجموعة أنها استهدفت شبكة اتصالات 116 سفينة تابعة للشركتين الكبيرتين في إيران، مما قطع تواصلها مع بعضها ومع الموانئ والعالم الخارجي.