يشار إلى أن هذا الناشط السياسي محتجز منذ أكثر من ستة أشهر في مركز احتجاز تابع لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية.
ويرى موقّعو العريضة أنّ "الانتقادات الحادة التي وجّهها قانعی فرد للنظام الإيراني في مقالاته المنشورة في صحيفة "جيروزالِم بوست" الإسرائيلية يمكن أن تجعل عودته إلى إيران بالغة الخطورة وقد تؤدي حتى إلى الحكم عليه بالإعدام".
وقال عدد من هؤلاء الأشخاص في حديث مع قناة "إيران إنترناشيونال" إنّ قضية قانعی فرد "تمثل اختباراً للالتزام الأخلاقي للولايات المتحدة في دعم أولئك الذين يتحدثون ضد الاستبداد".
ووفقاً لما ذكره مسعود بيما، محامي قانعی فرد، فإنّ موكله محتجز منذ 28 مارس في مركز احتجاز "بریری لند" في مدينة ألوارادو بولاية تكساس، وهو مركز تبلغ طاقته الاستيعابية أكثر من 700 شخص، لكن بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، جرى في فترات معينة احتجاز عدد يتجاوز تلك القدرة، وقد اشتكى المحتجزون في هذا المركز من ظروف صعبة مثل عدم كفاية الأسرّة.
وكان بيما قد قال سابقاً في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال" إنّ قانعی فرد، الذي كان من المقرر أن يبدأ التدريس في إحدى الكليات بمدينة دالاس، اعتُقل عندما ذهب إلى مكتب الهجرة لتحديث عنوانه، ثم نُقل إلى مركز احتجاز المهاجرين غير الحاصلين على أوراق إقامة قانونية.
وقال بيما للقناة: "الخطر حقيقي. إذا أُعيد إلى إيران، فحياته ستكون في خطر. لا يوجد أي مبرر لاستمرار احتجازه بعد مرور ستة أشهر".
كما قالت نكار كرامتي، إحدى المقربات من قانعی فرد، لقناة "إيران إنترناشيونال" إنّ حالته النفسية متعبة، لكنه أعرب في آخر اتصال هاتفي عن أمل في تطورات إيجابية في قضيته.
وأضافت كرامتي: "ليس من العدل أن يُحتجز هناك، خصوصاً أنه لم يرتكب أي خطأ. لقد مضى أكثر من 200 يوم على وجوده في ذلك المكان، وهذه ليست سوى قضية هجرة، لا أكثر".
ووصفت كرامتي قانعی فرد بأنه أستاذ دقيق ومتفانٍ كان مصدر إلهام لها وللكثير من الشباب الإيراني للتفكير النقدي في السياسة والإعلام.
وقالت: "أسلوب تدريسه يجعلك تجلس ساعات طويلة لتتعلم منه. إنه مفعم بالحماس والمعرفة إلى درجة أنّ حديثه العادي يشبه محاضرة دراسية".
وأضافت أنّ اعتقال قانعی فرد أثّر بشدة على أصدقائه وعائلته، وقالت: "كل صوت يُرفع لوقف هذا الظلم الكبير له أهميته".
تزايد الدعم للعريضة
أطلقت الناشطة المدنية المقيمة في كاليفورنيا، مجكان مهدي زاده، عريضة إلكترونية بعنوان "الحرية لعرفان قانعی فرد لمنع إعادته إلى أحضان الخطر"، وقد جمعت حتى الآن نحو ثلاثة آلاف توقيع.
وقالت مهدي زاده لقناة "إيران إنترناشيونال": "لقد تابعت أعماله ومقابلاته منذ سنوات. هو خبير في تاريخ إيران المعاصر وناقد للنظام. إعادته إلى إيران تعني الحكم عليه بالموت".
وتطالب العريضةُ الرئيسَ الأميركي ووزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية بإطلاق سراح قانعی فرد ووقف أي أمر بترحيله.
وأشارت العريضة إلى تقارير صادرة عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة تتضمّن توثيقاً لعمليات التعذيب والاعتقالات التعسفية وإعدام المعارضين السياسيين في إيران.
وطالب الموقّعون واشنطن بالالتزام بتعهداتها وفق "اتفاقية مناهضة التعذيب" ومبدأ "عدم الإعادة القسرية".
اختبار لوعد أميركا
قال بيما في حديث سابق لقناة "إيران إنترناشيونال" إنّ إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) تواصلت مع مكتب رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن للحصول على وثائق سفر لقانعی فرد، لكن المكتب لم يرد حتى الآن.
وأضاف أنّه قدّم إلى المحاكم الفيدرالية ومحاكم الهجرة طلبات لإطلاق سراح موكله وإعادة فتح ملف طلب اللجوء الخاص به، مرفقة بأدلة جديدة على نشاطه السياسي.
وكان قانعی فرد قد دخل الولايات المتحدة عام 2017 عبر الحدود المكسيكية. وبعد اعتقاله بسبب عدم امتلاكه تأشيرة دخول، تقدّم بطلب لجوء، لكن طلبه رُفض عام 2018 بسبب "نقص في الوثائق"، وظل محتجزاً حتى عام 2020 في مركز احتجاز تابع لإدارة الهجرة.
وفي ذلك الوقت، حاولت الولايات المتحدة إعادته إلى إيران عبر أذربيجان، لكن بحسب محاميه "رفض الصعود إلى طائرة متجهة إلى طهران في أذربيجان، وأُعيد إلى الولايات المتحدة".
تأتي هذه القضية في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة انتقادات متزايدة بسبب ترحيل عدد من طالبي اللجوء الإيرانيين إلى بلادهم.
فقد أعادت مؤخراً طائرة مستأجرة تابعة للحكومة الأميركية، بعد توقفها في بورتو ريكو وقطر، 120 إيرانياً إلى طهران، في خطوة جاءت بعد أشهر من المفاوضات بين واشنطن وطهران.
وكان المحامي المختص بالهجرة علي هريسي قد صرّح لقناة "إيران إنترناشيونال" بأنّ تلك الرحلة شملت أيضاً معارضين سياسيين ومتحولين إلى المسيحية، وأنّ بعضهم تم تقييدهم بالأصفاد وفصلهم عن عائلاتهم قبل تسليمهم إلى السلطات الإيرانية.
وبالنسبة لأنصار عرفان قانعی فرد، فإنّ هذه الظروف تجعل قضيته أكثر إلحاحاً. وقد كتب أحد موقّعي العريضة: "هذا الرجل لم يرتكب أي جريمة أو خطأ. إذا أُعيد إلى إيران، فسيُقتل أو يُعذّب لمجرد قوله الحقيقة".
أما أصدقاؤه، فيرون أنّ انتقادات قانعی فرد الحادة للمرشد الإيراني علي خامنئي في صحيفة "جيروزالِم بوست" تجسّد شجاعته، لكنها في الوقت ذاته تُظهر حجم الخطر الذي يواجهه.
وقالت مهدي زاده لقناة "إيران إنترناشيونال": "إنّ وعد أميركا هو دعم من يتحدثون ضد الاستبداد. قضية عرفان اختبار لتحقيق هذا الوعد".