ترامب يلمّح إلى احتمال عودة صهره كوشنر لدور دبلوماسي مع إيران

أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطابٍ ألقاه أمام الكنيست الإسرائيلي إلى احتمال أن يلعب جاريد كوشنر، صهره ومستشاره السابق، دورًا جديدًا في المفاوضات المحتملة مع طهران.
أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطابٍ ألقاه أمام الكنيست الإسرائيلي إلى احتمال أن يلعب جاريد كوشنر، صهره ومستشاره السابق، دورًا جديدًا في المفاوضات المحتملة مع طهران.
وقال ترامب يوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 في كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي: "نحن دائمًا نصطحب جاريد عندما نريد إنجاز صفقة... ستيف، أنت وجاريد والجنرال وبيت وماركو.. أنتم من ستُنجزون تلك الصفقة."
وقد جاءت هذه العبارة مباشرة بعد حديثه عن البرنامج النووي الإيراني ودور طهران في الشرق الأوسط، ما منحها دلالة سياسية واضحة.
ووفقًا للمحللين الذين يتابعون نهج ترامب الدبلوماسي غير التقليدي، فإن هذا التصريح يعيد إلى الأذهان الأسلوب نفسه الذي أفضى إلى "اتفاقات أبراهام"؛ أي مزيج من الثقة الشخصية، والنزعة التجارية في التفاوض، والعلاقات الخاصة التي يتمتع بها كوشنر مع عواصم الخليج.
كوشنر وموقفه من إيران
كان كوشنر قد عبّر في مناسبات سابقة عن رؤيته تجاه إيران. ففي سبتمبر 2024 كتب على منصة "إكس" تعليقًا على اغتيال حسن نصرالله، زعيم حزب الله اللبناني، على يد إسرائيل، واصفًا ذلك الحدث بأنه "أهم يوم في تاريخ الشرق الأوسط منذ اتفاقات أبراهام".
وأضاف أن إيران أصبحت الآن مكشوفة بالكامل، لأن سلاح الردع الرئيسي لديها – ترسانة حزب الله – كان "بندقية محشوة مصوبة نحو إسرائيل".
وأكد كوشنر أن إسرائيل "لا يمكنها التراجع عن تدمير الترسانة الموجهة ضدها"، مشيدًا بنهج ترامب القائم على "القوة بدلاً من التفاوض".
وقد عكست هذه التصريحات موقف كوشنر المتشدد تجاه إيران، وإيمانه بأن الميليشيات المسلحة التابعة لطهران يجب القضاء عليها قبل إمكان تحقيق أي سلام مستدام في المنطقة.
وقال إيريك ماندل، مدير شبكة المعلومات السياسية للشرق الأوسط (MEPIN)، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال"، إن اعتماد ترامب على مبعوثين مقربين مثل كوشنر يعكس نمط حكمه القائم على الولاء الشخصي، لكنه شدد على أن إيران تمثل ساحة مختلفة تمامًا.
وأوضح ماندل: "ترامب يستخدم المخلصين له لأداء مهام تتجاوز بكثير مسؤولياتهم المعتادة، لكن لا يمكن تغيير طبيعة النظام الإيراني بهذه الطريقة."
وحذر من أن النهج العملي والتجاري الذي يتبعه كوشنر قد يتجاهل الطابع العقائدي المتشدد لطهران.
ورغم إقراره بأهمية أي اتفاق يمكن التحقق منه – يشمل وصول المفتشين الدوليين، وتقييد برنامج الصواريخ الباليستية، وضبط نشاط الميليشيات التابعة لإيران– إلا أنه شكك في استعداد طهران لمثل هذه الحوارات، معتبرًا أنها لن تراها سوى "وقفة تكتيكية مؤقتة".
وأضاف: "إذا تمكنتم من تأجيل المشكلة لخمس أو عشر سنوات والتوصل إلى اتفاق ملزم، فهذا جيد، لكن لا تتوقعوا أي تقدم في حقوق الإنسان أو تغيير للنظام. الإيرانيون سيكسبون الوقت حتى رحيل ترامب."
التركيز الجديد على إيران
يأتي تركيز ترامب المتجدد على إيران في مرحلة إعادة ترتيب واسعة تشهدها المنطقة. فبعد الحرب التي استمرت12 يومًا بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025، والهدنة الهشة في غزة، يبدو أن ترامب يقيم إمكانية انخراط قادة طهران في مفاوضات دبلوماسية أو تمسكهم بموقفهم المتشدد.
وقال آفي مَلَمَد، المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والضابط السابق في الاستخبارات الإسرائيلية، في حديث لـ"إيران إنترناشيونال"، إن عودة كوشنر إلى المشهد الدبلوماسي تبدو منطقية من الناحية العملية، لأنه لا يزال يتمتع بنطاق واسع من النفوذ في الرياض وأبوظبي والدوحة، ما يجعله وسيطًا مقبولًا لدى طهران خارج القنوات الرسمية.
وأضاف: "من الطبيعي أن يرى الإيرانيون فيه وسيطًا محتملاً، فهو وجه مألوف في عواصم الخليج، وارتباطه باتفاقات أبراهام يمنحه شرعية لا يملكها آخرون."
وقال بني ثابتي، الباحث الإيراني-الإسرائيلي والمتحدث السابق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال"، إن إشارة ترامب إلى كوشنر تعكس استراتيجية مزدوجة: الدبلوماسية المصحوبة بالتهديد.
وأوضح: "جاريد هو الجزرة، وإسرائيل هي العصا. يريد ترامب أن يُظهر لإيران أنه إذا تصرفت بحكمة فهناك طريق ناعم، أما إذا لم تفعل فالعقوبات والتهديدات العسكرية في انتظارها."
ويرى بعض المحللين أن هذه التطورات قد تشكل فرصة للحوار وليس للمواجهة، خصوصًا في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة على طهران وتراجع نفوذ وكلائها الإقليميين.
وقال مَلَمَد إن لدى طهران أسبابًا تدفعها إلى الإصغاء، إذ إن الحرب التي استمرت 12 يومًا أضعفت "محور المقاومة" وكشفت عن هشاشة بنية النفوذ الإيراني الإقليمي.
وأضاف أن العقوبات الأميركية الجديدة والضغوط على الميليشيات الموالية لإيران جعلت أدوات واشنطن اليوم أقوى مما كانت عليه قبل 7 أكتوبر 2024.
وتوقع مَلَمَد أن النظام الديني الحاكم في إيران قد يقبل بالتفاوض لتخفيف الضغوط الاقتصادية، مع حرصه على الحفاظ على بنية سلطته الأساسية.
أما ثابتي فقال إن رفض إيران المشاركة في مؤتمر سلام شرم الشيخ هذا الشهر يعكس عزلتها الدولية من جهة، وغرورها السياسي من جهة أخرى: "النظام يفضل أن يقف خارج الطاولة ويبدو قويًا، بدلًا من أن يظهر بمظهر الخاضع."
وحتى الآن، لا يوجد ما يؤكد أن كوشنر سيتولى رسميًا دورًا دبلوماسيًا جديدًا مع إيران، لكن تصريحات ترامب أحيت تكهنات قديمة عندما توقع الأكاديمي الأميركي جيفري سوننفيلد من جامعة ييل، الذي عمل مع كوشنر على اتفاقات أبراهام، أن "الطريق إلى سلام الشرق الأوسط يمر عبر شخصية مثل كوشنر."
وحتى اللحظة، الرد الإيراني هو الصمت. فقد رفضت طهران دعوة للمشاركة في مؤتمر شرم الشيخ للسلام، ووصفت اتفاقات التطبيع مع إسرائيل بأنها "خطة خيانية للتطبيع".
ومع ذلك، يرى محللون أن تشديد العقوبات وإضعاف الجماعات الموالية لإيران قد يدفع النظام الإيراني إلى إعادة فتح قنوات دبلوماسية مع الغرب، حتى لو كان الهدف من ذلك شراء الوقت ليس أكثر.