النظام الإيراني.. نهاية عصر الاحتواء وبداية عصر الانهيار

مع عودة العقوبات الرسمية من الأمم المتحدة ضد النظام الإيراني، دخلت البلاد مرحلة جديدة من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية.

مع عودة العقوبات الرسمية من الأمم المتحدة ضد النظام الإيراني، دخلت البلاد مرحلة جديدة من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية.
إلى جانب ذلك، تشير خطة السلام الجديدة لإنهاء الحرب في غزة، التي قدمتها إدارة ترامب بدعم من إسرائيل وبعض الدول العربية، إلى بداية تحول جيوسياسي في المنطقة قد يقوض عملياً أسس نفوذ النظام الإيراني في الشرق الأوسط.
1- خطة سلام غزة؛ ضربة استراتيجية لإرث وكلاء خامنئي
في مؤتمر صحافي مشترك بين ترامب ونتنياهو، أعلن عن خطة لوقف إطلاق النار الفوري في غزة. تشمل الخطة ما يلي:
- وقف إطلاق النار فور موافقة حركة حماس
- إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين خلال 72 ساعة
- إدارة غزة على يد حكومة تكنوقراطية غير سياسية (من المحتمل بقيادة توني بلير)
- إشراف دولي على عملية السلام
- نزع سلاح حماس وانسحاب تدريجي لإسرائيل
إذا تم تنفيذ هذه الخطة، سيختفي نفوذ النظام الإيراني عملياً في قطاع غزة. ومع تضعيف حماس، وتراجع دور حزب الله في لبنان، وسقوط بشار الأسد في سوريا، يصل محور المقاومة، الذي كان أداة السياسة الخارجية للنظام الإيراني لسنوات، إلى مرحلة الانهيار.
2- عودة العقوبات؛ عاصفة على اقتصاد النظام الإيراني
أعلنت الدول والمؤسسات الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، واليابان، عن بدء تطبيق عقوبات مجلس الأمن ضد النظام الإيراني رسمياً. هذه العقوبات، على خلاف السابقة، ملزمة دولياً وتشمل:
- قيودا شديدة على القطاع المصرفي والمالي
- تفتيش السفن والطائرات الإيرانية المشتبه بها في الموانئ والمطارات الدولية
- حظر بيع الأسلحة والتقنيات المتقدمة
- قيودا صارمة على التأمين والنقل والشحن البحري
- تفعيل لجنة مراقبة العقوبات في الأمم المتحدة
نتيجة لذلك، ستزيد تكاليف النقل والتأمين والتجارة الخارجية، وسيصبح الوصول إلى العملات الأجنبية والموارد المالية أكثر صعوبة. كما سيؤدي انخفاض الإيرادات النفطية إلى تفاقم عجز ميزانية الدولة.
3- الآثار الاقتصادية الفورية لعودة العقوبات على الشعب
كرر المسؤولون الإيرانيون مراراً أن عودة العقوبات "عديمة التأثير"، لكن الأدلة تشير إلى العكس:
-ارتفاع حاد في أسعار الدولار والذهب والعملات الذهبية
- انهيار مؤشر البورصة
- ارتفاع أسعار المواد الغذائية
- قطع الدعم المالي لملايين الأشخاص حتى نهاية العام
- زيادة الهجرة وهروب النخب
انخفاض الإيرادات الأجنبية يؤثر ليس فقط على استيراد السلع الأساسية، بل على توفير قطع غيار الطائرات والمعدات الطبية وتقنيات النفط والغاز وحتى خدمات الكهرباء، وفي النهاية يتحمل الشعب تكلفة عجز الحكومة الهيكلي.
4-	صمت النظام الإيراني؛ أزمة اتخاذ القرار
في مواجهة هذه الضغوط، لم يُظهر النظام الإيراني حتى الآن أي رد فعل عملي. التهديدات مثل: إغلاق مضيق هرمز، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، ووقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إما تم نفيها من قبل المسؤولين أو بقيت بلا تأثير عملي. يبدو أن النظام عالق في حالة "شلل اتخاذ القرار"، ويخشى أن أي رد فعل قد يؤدي إلى عواقب أخطر مثل الحرب، أو انتفاضة شعبية، أو انهيار النظام بأكمله.
5-	صناعة رواية كاذبة للحفاظ على السلطة
رغم إدراك المسؤولين الإيرانيين الكامل للتأثيرات الفعلية للعقوبات، يواصلون بشكل منسق وموحد تكرار الكذبة القائلة إن العقوبات "لا تؤثر". أسباب هذا السلوك واضحة تماماً:
- التملق للحفاظ على البقاء السياسي في نظام شخصي المركزية
- الهروب من تحمل المسؤولية عن الأخطاء الاستراتيجية
- الحفاظ على الوصول إلى الريع وموارد السلطة
- قمع أي صوت معارض في مؤسسات صنع القرار
- أي مسؤول حكومي يحاول قول الحقيقة، يُمنع من الإعلام أو يُعرض للطعن في أهليته أو لملاحقة قضائية.
6-	النظام الإيراني.. تهديد للسلام العالمي
مع تسجيل النظام الإيراني كـ"تهديد للسلام والأمن الدولي" في مجلس الأمن، تجاوزت طبيعة الأزمة كونها تحدياً ثنائياً مع الولايات المتحدة أو إسرائيل وحتى أوروبا، لتصبح أزمة ذات أبعاد عالمية.
الآن يُنظر إلى النظام الإيراني على المستوى الدولي، ليس فقط كـ"عدو للولايات المتحدة"، بل كعضو منحرف في المجتمع الدولي.
عودة عقوبات مجلس الأمن، خطة السلام في غزة، الأزمات الاقتصادية الداخلية، إلى جانب خطر هجوم إسرائيلي محتمل وزيادة احتمال انتفاضة شعبية، يمكن أن تؤدي في النهاية إلى نهاية عصر "احتواء النظام الإيراني" وبداية عصر "الانهيار السياسي والاقتصادي" له.
الشعب الإيراني يدفع أكثر من أي وقت مضى ثمن سياسات الحكام المكلفة، لكن التاريخ يثبت أن التغيير الحقيقي يظهر في اللحظات التاريخية الحرجة عندما ينفد صبر الناس.