منظمة حقوق الإنسان في إيران: نظام طهران أعدم نحو 3 آلاف شخص في 3 سنوات

أعلنت منظمة حقوق الإنسان في إيران، أن الإحصاءات الموثقة لديها تظهر أنه منذ 17 سبتمبر 2022 وحتى اليوم، تم إعدام ما لا يقل عن 2910 سجناء، بينهم 83 امرأة، في إيران.

أعلنت منظمة حقوق الإنسان في إيران، أن الإحصاءات الموثقة لديها تظهر أنه منذ 17 سبتمبر 2022 وحتى اليوم، تم إعدام ما لا يقل عن 2910 سجناء، بينهم 83 امرأة، في إيران.
ووصفت المنظمة، يوم الثلاثاء 16 سبتمبر (أيلول) 2025، هذه الإعدامات، التي تكثفت بعد مقتل مهسا أميني أثناء احتجازها لدى "شرطة الأخلاق"، بأنها محاولة لـ"بث الرعب في المجتمع". وأضافت: "من بين من تم إعدامهم 37 سجيناً سياسياً وعقائدياً، و14 متظاهراً (اعتُقل 12 منهم على خلفية احتجاجات المرأة، الحياة، الحرية)، إضافة إلى 4 أطفال جانحين".
وقد قوبل قمع احتجاجات عام 2022، المعروفة بحركة "المرأة، الحياة، الحرية"، بإدانة من منظمات حقوق الإنسان، ومقرري الأمم المتحدة، وعدد من الدول مثل الولايات المتحدة.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أصدرت، يوم الاثنين 15 سبتمبر 2025، بياناً في الذكرى الثالثة لـ"القتل المروع لمهسا أميني"، أكدت فيه أن اسمها لن يُنسى أبداً، وأن مقتلها، إلى جانب كثيرين آخرين، يشكل لائحة اتهام صارخة ضد الجرائم التي يرتكبها النظام الإيراني بحق الإنسانية.
ووفقاً للتقرير، فإن أكثر من نصف من تم إعدامهم كانوا متهمين في قضايا تتعلق بالمخدرات، وغالبيتهم من "أضعف فئات المجتمع". وأضافت المنظمة أن "الجماعات الإثنية مثل البلوش كانوا الضحايا الرئيسيين في إعدامات المخدرات نسبةً إلى حجمهم السكاني".
وقال محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران: "على الرغم من أن غالبية ضحايا آلة الإعدام الحكومية هم من المتهمين في قضايا غير سياسية، إلا أن الهدف من هذه الإعدامات هو القمع السياسي وترهيب المجتمع لمنع اندلاع احتجاجات جديدة".
وأضاف: "مع الأخذ في الاعتبار أن معظم المحكومين بالإعدام تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة ولم يحظوا بمحاكمات عادلة، فإن إعدام نحو ثلاثة آلاف شخص دون محاكمة عادلة وبغرض بث الرعب العام يجب أن يُعتبر جريمة ضد الإنسانية ويُعرض على لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة".
وأكد التقرير أنه "رغم أن معظم من أُعدموا متهمون في قضايا جنائية عامة، فإن النظام الإيراني أثبت أنه يستخدم إعدام أضعف المواطنين وسيلة لترهيب المجتمع، ولتقليل كلفته السياسية في تنفيذ الإعدامات".
وشددت المنظمة الحقوقية على ضرورة "لفت انتباه الشعب الإيراني والمجتمع الدولي إلى قضية الإعدامات وزيادة كلفتها السياسية على النظام".
وأضاف التقرير أنه بعد مرور ثلاث سنوات على مقتل مهسا أميني في احتجاز "شرطة الأخلاق" وبداية واحدة من أكبر الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الإيراني، فإن هذه الاحتجاجات لم تسفر فقط عن مقتل ما لا يقل عن 551 شخصاً، بينهم 68 طفلاً، بل أدت أيضاً إلى إصابة كثيرين بالعمى نتيجة استهداف العيون مباشرة بالرصاص.
وأشارت المنظمة إلى أن إحصاءاتها حول إصابات العيون ومقارنتها مع قائمة القتلى تؤكد أن "إطلاق النار على وجوه وعيون النساء والمتظاهرين كان ممنهجاً ومقصوداً بدرجة عالية".
كما أشار التقرير إلى ما يُعرف بـ"الجمعة الدامية في زاهدان، في 30 سبتمبر 2022، حيث أطلق عناصر النظام الإيراني خلال ساعات، وبالأسلحة الثقيلة مثل الرشاشات والمدافع الرشاشة، النار بشكل مباشر على المتجمعين بعد صلاة الجمعة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 104 أشخاص، بينهم 14 طفلاً و4 نساء.

في الذكرى الثالثة لمقتل مهسا أميني واندلاع "انتفاضة المرأة، الحياة، الحرية"، يتذكر الإيرانيون سلوكيات النظام، التي لم تتغير كثيرا، باستهدافه وخشيته من أي تجمعات شبابية، ومحاربته لها تحت دعاوى الحفاظ على التقاليد والأخلاق العامة.
محاولات النظام لفرض نمط معين على الإيرانيين- خاصة فيما يتعلق بالنساء- كانت من الدوافع الرئيسية لانطلاق انتفاضة مهسا أميني، الشابة الإيرانية التي اعتُقلت على يد قوات "دوريات الإرشاد" في سبتمبر (أيلول) 2022 بدعوى عدم التزامها بالحجاب الإلزامي وتعرّضت للضرب المبرح، ثم توفيت متأثرة بجراحها في مستشفى كسری بطهران.
وقبل اندلاع الانتفاضة كان النظام يسعى لمواجهة أي تجمعات شبابية في إطار سياسته لفرض نمط معين، وشن في 2022 حملة واسعة لإغلاق عدد كبير من المقاهي، خاصة في شيراز، وسط البلاد، ومارس ضغوطا كبيرة على مقاهٍ أخرى لإجبار النساء على ارتداء الحجاب.
وحسب تقرير نشر في يونيو (حزيران) 2022 أن هذه الحملات جاءت بعد إصرار العديد من الفتيات على عدم الالتزام بالحجاب الإجباري، حيث اعتقلت الشرطة وقتها عددا من الفتيان والفتيات شاركوا في حلبة تزلج شمران، حيث خلعت معظم الفتيات حجابهن، مما أثار غضب المسؤولين.
كما أفاد كثير من الشباب في طهران بزيادة الضغط على المقاهي لارتداء الحجاب. وقالوا إن أصحاب الكافيتريات يحذرونهم من عدم ارتداء الحجاب لتجنب إغلاقها. وقد تم نشر قصص مماثلة حول زيادة التحذيرات من كشف الحجاب للنساء من قبل سائقي سيارات الأجرة على الإنترنت مثل "سنب" و"تبسي".
كما نشر وقتها صاحب مقهى يدعى مسعود جعفري نيا قصته الخاصة عن موقف الشرطة المحلية من المقاهي لفرض الحجاب، وكتب أن هذه القوات تعامله هو وزبائنه بالشتائم والإهانة.
هذا النمط الذي تبنته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصل ذروته باعتقال مهسا على يد "دوريات الإرشاد" بدعوى عدم التزامها بالحجاب الإجباري، ومقتلها بعد تعرضها لضرب شديد، مما فجر انتفاضة هي الأوسع والأشمل في عموم إيران.
سياسة قلقة
ورغم تراجع النظام النسبي في التمسك بقانون الحجاب بعد الانتفاضة، فإن سياسته القلقة من تجمعات الشباب ما زالت مستمرة خاصة "حربه" ضد المقاهي، حيث أظهر فيديو، وصل إلى "إيران إنترناشيونال"، الخميس 11 سبتمبر (أيلول) الجاري، عناصر بملابس مدنية في "قم" وهم يشتبكون مع المواطنين في أحد مطاعم "قم" مساء 8 سبتمبر، فيما أشهر أحدهم سلاحه.
وقال مرسل الفيديو: عرّف هؤلاء الأشخاص بأنهم "الفريق الخاص التابع للنيابة العامة"، موضحًا أن سبب وجودهم في المطعم كان "تدخين النساء للنرجيلة".
وفي 8 سبتمبر الجاري، أعلن رئيس شرطة الرقابة على الأماكن العامة في "قم"، علي فرامرزي، إغلاق أحد المقاهي بشكل دائم؛ بسبب "الافتتاح دون ترخيص" و"إقامة حفلات مع موسيقى حية"، مؤكدًا أنه من الآن فصاعدًا لن يُمنح أي ترخيص للمقهى في المدينة.
كما أدّى تدخل امرأة من "هيئة الأمر بالمعروف" في طريقة لباس فتاتين مراهقتين أمام مركز تجاري في مدينة فسا إلى وقوع اشتباك واعتقال الفتاتين.
وقالت الصحافية والناشطة في مجال حقوق المرأة، نعيمة دوستدار، في حديث لـ"إيران إنترناشيونال"، إن الحضور المكثّف للعناصر الأمنية بملابس مدنية هو "استخدام لأسلوب السيطرة غير المرئية"؛ حيث يتيح ذلك للسلطة أن تدّعي عدم التدخل المباشر، بينما تُحمّل المسؤولية لعناصر يمكن وصفهم لاحقًا بـ"العفويين".
وأضافت أن تكرار هذه الحوادث في قم يُظهر تراجع فاعلية الرواية الرسمية حتى داخل العائلات الدينية التقليدية الموالية للنظام، موضحة: "تصاعد هذه المواجهات في المدن الدينية يدل على أن السلطة الخشنة تحاول إنهاك المجتمع في مواجهة مقاومة الناس، وأن هناك فجوة واسعة بين حياة الناس ودعاية النظام".
وفي السنوات الماضية، نُشرت تقارير كثيرة عن إغلاق أماكن تجارية ومحلات وفنادق ومكتبات في إيران بسبب رفض أصحابها أو زبائنها سياسة فرض الحجاب الإجباري أو أسلوب الحياة الذي تفرضه السلطات.
وأعلنت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأهواز، شمال غربي إيران، 8 فبراير (شباط) الماضي، أنه تم هدم 4 مقاهٍ في المدينة.
وزعمت الهيئة أن هذه المقاهي "تحولت إلى أماكن لنشر الفساد والتلاعب بالقيم والمعتقدات الاجتماعية"، وذلك بعد توجيه تحذيرات متعددة من البلدية والسلطات القضائية والأمنية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أغلق النظام الإيراني، عددا من المقاهي، والمطاعم، والصالات الرياضية، في مدن طهران، ومشهد، وبابلسر، ورشت، وأملش، وغيرها، بسبب "عدم الالتزام بالحجاب الإجباري، ونشر صور لا تناسب المعايير الاجتماعية في برامج التواصل الاجتماعي".
وحذر كثير من الخبراء والناشطين الحقوقيين من أن تدخل هيئة الأمر بالمعروف في الحياة الخاصة للمواطنين، قد تؤدي إلى تصاعد العنف في المجتمع.
وهذا الخوف من التجمعات منشأه تدهور الأوضاع على مختلف المستويات والقلق من تحولها لاحتجاجات شعبية واسعة، حتى إن الشباب لم يعد في مقدروه الذهاب إلى المقاهي بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.
ففي تقرير نشرته صحيفة "شرق" الإيرانية، 13 سبتمبر (أيلول) الجاري، أفادت بأن شباب الطبقة المتوسطة في إيران يعانون قلقًا مزمنًا بشأن مستقبلهم نتيجة الضغوط الاقتصادية، وأن هؤلاء الشباب، لم يعد لديهم مال للترفيه البسيط، مثل الذهاب إلى المقاهي والمطاعم أو النوادي الرياضية أو شراء منتجات العناية بالبشرة الروتينية.
وأوضحت شابة إيرانية، في مقابلة مع الصحيفة، أن دخلها ارتفع من 5 ملايين تومان إلى 30 مليونًا، خلال السنوات الأربع الماضية، لكنها قالت: "أواجه صعوبة واضحة في تغطية نفقات المعيشة الشهرية، وأصدقائي في الوضع نفسه. أصبح أقصى ما نقوم به للترفيه هو لقاء بعضنا في المنزل عدة مرات شهريًا، وقد ألغينا الذهاب إلى المقاهي والمطاعم".

حكمت المحكمة السياسية والإعلامية على مصطفى كواكبيان، الأمين العام لحزب "مردم سالاري" والنائب السابق في البرلمان، لتصريحاته حول علاقات جنسية بين مسؤولين وشخصيات مؤثرة في إيران والباحثة الأجنبية كاترين شكدم.
كما حُكم على دانيال حاجي أبو الحسن معمار، رئيس تحرير موقع "همشهري أونلاين"، في هذه القضية.
وقال المتحدث باسم هيئة المدعين العامة في المحكمة السياسية والإعلامية، يوم الاثنين 15 سبتمبر (أيلول)، إن هيئة المدعين العامة حكمت على كواكبيان وحاجي أبو الحسن معمار بتهم "نشر الفساد، ونشر الأكاذيب، ونشر أخبار كاذبة" بشأن علاقات جنسية لشكدم، ولم تعتبرهما مستحقين للتخفيف.
وأوضح أكبر نصر اللهي، المتحدث باسم هيئة المدعين العامة، أن كواكبيان قال في مقابلة مع برنامج "سمباشي" على موقع "همشهري أونلاين" إن شكدم قضت 8 سنوات في إيران ولديها برامج متنوعة منذ عهد نادر طالب زاده، وأنها اعترفت بنفسها في أماكن متعددة بـ100 حالة زواج مؤقت.
وأضاف: "في دفاعه أمام المحكمة، ادعى كواكبيان أنه استند إلى إعلان صادر عن فندق راميس، يفيد بأن أبناء أحد المسؤولين قضى أربع ليالٍ في الفندق مع شكدم".
وأشار إلى أن كواكبيان أشار في بعض دفاعاته إلى "محتويات الذكاء الاصطناعي" كمصادر لتصريحاته، لكن "أسئلة أعضاء هيئة المدعين العامة للذكاء الاصطناعي أكدت أن مصدر تصريحاته بشأن فندق راميس غير موثوق".
وقال كواكبيان، في 10 يوليو (تموز) على قناة التلفزيون الإيراني، إن "شكدم كانت على علاقة حميمة مع 120 شخصية مهمة جدًا في البلاد".
وبعد ذلك، كتب في 13 يوليو (تموز) على منصة "إكس" بشأن تصريحاته حول شكدم أنه قدم الوثائق والأدلة المتعلقة بتصريحاته إلى مكتب المدعي العام للإعلام، وأن "شكدم تعترف صراحة بكيفية متابعة نواياها الخبيثة من خلال علاقات جنسية".
وفي الوقت نفسه، أعلنت وكالة "ميزان" الإخبارية، التابعة للسلطة القضائية في إيران، أن مكتب المدعي العام في طهران حكم على كواكبيان بتهمة "تضليل الرأي العام".
وردت كاترين شكدم في حوار مع "آي فور إيران" (Eye for Iran) التابعة لـ"إيران إنترناشيونال" على تصريحات كواكبيان صراحة، وقالت: "هذا غير صحيح، مستحيل، غير واقعي تمامًا".
يذكر أن كاترين بيريز شكدم فرنسية من أصول يهودية، وتعمل باحثة وخبيرة في الدراسات الإسلامية، ونسجت علاقات وثيقة مع مسؤولين عسكريين وسياسيين بارزين في إيران خلال الفترة من 2011 إلى 2021، بسبب اعتناقها الإسلام.
لاحقًا، برزت روايات غير رسمية تفيد بأنها اقتربت من هؤلاء الأشخاص لأغراض تجسسية.
كما وُجهت ادعاءات حول علاقات جنسية مع بعض مسؤولي النظام الإيراني، لكنها لم تُؤكد.

ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، في تقرير لها، أن الحرب الأخيرة، التي دامت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، قلبت العديد من التصورات القديمة حول رد فعل النظام الإيراني تجاه الهجمات الخارجية.
ولسنوات، كان المسؤولون في الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالولايات المتحدة يعتقدون أن أي هجوم عسكري على إيران سيؤدي إلى وحدة داخلية، وزيادة شرعية الحكم، وإحياء التضامن الشعبي مع القادة الدينيين. لكن ما حدث بعد الهجمات الواسعة، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، كان مخالفًا لهذا التصور.
وتشير الصحيفة إلى أنه منذ الثمانينيات، بعد التفجيرات القاتلة ضد القوات الأميركية في بيروت وعمليات حزب الله بتوجيه من طهران، كان الخبراء الأميركيون يرون أي مواجهة مباشرة مع إيران شرارة لحرب لا تنتهي.
وحتى عندما تراجعت شعبية النظام الإيراني في التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة، كان الاعتقاد السائد أن التهديد الخارجي سيدفع الناس للدفاع عن النظام.
ولكن خلال الحرب الأخيرة، نجحت إسرائيل في استهداف نحو 30 قائدًا رفيع المستوى في الحرس الثوري، وعدد من العلماء النوويين، وبشكل إجمالي أكثر من 400 مسؤول إيراني رفيع المستوى داخل أراضي إيران. وقد قُتل هؤلاء الأشخاص ليس في ميادين القتال، بل في منازلهم ومكاتبهم.
وقد أثرت القدرة الأمنية والتشغيلية لإسرائيل حتى على الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ووفقًا لمصادر مطلعة، فقد شجعت هذه النجاحات ترامب على الانضمام إلى العمليات ضد النظام الإيراني.
وعلى الرغم من الخسائر الواسعة، كان رد الفعل الداخلي للنظام الإيراني مختلفًا جدًا عن الماضي. ففي حين أن النظام تمكن عام 2020، بعد مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، من عرض مشهد الوحدة العامة من خلال إقامة مراسم مليونية، لم يستطع خامنئي هذه المرة تحريك الجماهير بخطاباته، ولم يتمكن المسؤولون الحكوميون من تنظيم أي عرض شعبي واسع.
ووفقًا لـ "وول ستريت جورنال"، فقد قضى مرشد النظام الإيراني معظم فترة الحرب في الملاجئ، وكانت خطاباته القصيرة والضعيفة غير ملهمة حتى لمؤيديه.
وبدلاً من التعبئة العامة، لجأ النظام إلى قمع داخلي واسع. وحسب التقرير، فقد تم اعتقال نحو 20 ألف شخص بتهمة "التعاون مع إسرائيل"، كما أُعدم 262 شخصًا، خلال الأسابيع الأخيرة.
وتؤكد الصحيفة الأميركية أن موجة القمع هذه كانت محاولة لإحداث الرعب في مجتمع لم يستجب للتهديد الخارجي بالوقوف إلى جانب النظام، أكثر من كونها خطوة استخباراتية لمكافحة التجسس.
وأشارت إلى أن قادة النظام أدركوا أن الشعب الإيراني لا يميل للدفاع عن النظام في حال الهجوم الخارجي، بل إن قدرة الدعاية الحكومية على تحويل القتلى إلى "شهداء ملهمين" قد تلاشت أيضًا.
وتم استبدال المراسم الحماسية السابقة بوضع بعض الصور وإصدار بيانات حداد في طهران، وهو حدث يعكس ضعفًا ملحوظًا في قدرة النظام على التعبئة الاجتماعية.
وأضافت "وول ستريت جورنال" أن مزيج "عدم القدرة على التنبؤ بترامب" و"النهج العدواني لنتنياهو" تسبب أكثر من أي وقت مضى في قلق قادة النظام الإيراني.
وفي حين لم يتعافَ الحرس الثوري والمسؤولون الأمنيون بعد من صدمة الضربات الإسرائيلية، يسعى النظام إلى فتح قنوات دبلوماسية، خصوصًا عبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني؛ لخلق مساحة للتنفس السياسي.
وقال لاريجاني إن مسار التفاوض مع أميركا "لم يُغلق بعد"، كما أعادت السلطات الإيرانية بدء المحادثات مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.
واستنتجت الصحيفة، في ختام تقريرها، أن النظام الإيراني، على الرغم من حالة الضعف التي انتابته، بجانب أن شرعيته الداخلية أصبحت محل تساؤل أكثر من أي وقت مضى، فإن قادته مازالوا يواصلون عنادهم، ويعتقدون أنهم يعملون وفق مشيئة الله.
ووفقًا لـ "وول ستريت جورنال"، فإن النظام الإيراني اليوم يعيش حالة من الخوف وفقدان الثقة والحيرة، لكنه لا يزال يمثل خطرًا على المنطقة.

ذكر موقع "واي نت" الإسرائيلي، في تقرير له، أن طهران غارقة في الخوف والقمع وانعدام الأمن؛ حيث انتشرت عناصر "شرطة الأخلاق" في الشوارع بذريعة البحث عن "جواسيس"، كما اعتُقل أو أُعدم المئات بتهمة التعاون مع إسرائيل.
ووفقًا للتقرير، فقد لمس الإيرانيون لأول مرة ضعف النظام خلال الغارات الجوية الإسرائيلية في يونيو (حزيران) الماضي، حين استهدفت المقاتلات "منشآت حيوية للنظام"، لتظهر أن الحكام عاجزون عن حماية المواطنين.
وعلى مدى 12 يومًا، غرقت البلاد في حالة من الصدمة والرعب؛ فبعض الشباب صعدوا إلى الأسطح وهتفوا، وآخرون لجأوا إلى الأنفاق، فيما حاول البعض الاحتفال للحظات لتجاوز إحساسهم بالعجز.
وأضاف التقرير أن النظام نشر نحو 50 ألف عنصر أمني، بما في ذلك دوريات الحجاب، لملء الشوارع. فبينما كانت مهمتهم سابقًا مطاردة النساء غير المحجبات، انحصر اهتمامهم الآن في "مطاردة الجواسيس".
وهاجم مسلحون بدراجات نارية وبلباس مدني المتظاهرين بهراوات وقفازات حديدية، وكثير من المعتقلين لم يعودوا إلى منازلهم قط.
قمع وخوف جديدان
أضاف التقرير أن نساء كثيرات يقدن سياراتهن، أو يظهرن في الشوارع بلا حجاب، وهو ما كان يعرّضهن سابقًا للاعتقال الفوري. لكن اليوم لم يعد لدى السلطات وقت لمثل هذه الملاحقات "لأن النظام غارق في هواجس الخوف والارتياب من اختراق إسرائيلي".
ومنذ بداية الحرب، سُجن المئات بتهمة التجسس وأُعدم العشرات. وكتب التقرير: "القصف لم يُخِف الناس، بل منحهم الأمل؛ إنما العنف في الشوارع هو الذي أرعب الجميع".
نشطاء معارضون اعترفوا بوجود تناقض داخلي: فبينما يُؤلمهم قصف أرض وطنهم، إلا أن ذلك كشف عن ضعف النظام أمامهم. وقالوا: "لولا أوضاع غزة وسقوط المدنيين هناك، لربما أبدينا تعاطفًا أكبر مع عمليات إسرائيل".
الإعدامات العلنية والاعتقالات الجماعية
بحسب التقرير، قُتل أكثر من 30 قائدًا كبيرًا في الحرس الثوري وعدة علماء نوويين، ليصل مجموع كبار المسؤولين القتلى إلى أكثر من 400. لكن هذه المرة فشل النظام في حشد الجماهير بجنازات ضخمة.
وقضى المرشد الإيراني، علي خامنئي، معظم الحرب في الملاجئ، وخطاباته القصيرة والمتقطعة لم تُنعش معنويات مؤيديه. وفي المقابل، أطلق النظام موجة من الإعدامات العلنية والاعتقالات الجماعية لبث الرعب.
وأكد "واي. نت" أن كثيرًا من الإيرانيين أدركوا لأول مرة أن الموت قد يطرق بابهم فقط لأنهم جيران لأحد القادة العسكريين. وهو ما عمّق فجوة الثقة بين الشعب والنظام.
أزمات معيشية وعودة مهاجرين
ذكر التقرير أن موجة نادرة من المهاجرين الإيرانيين في الخارج عادت إلى البلاد لإظهار التضامن مع عائلاتهم. وفي الوقت نفسه، أدت أزمة المياه، وانقطاعات الكهرباء الطويلة، والحر الشديد إلى خروج الناس إلى الشوارع؛ في البداية بحثًا عن الظل والبرودة، ثم في احتجاجات متفرقة. هذه التحركات لا تزال غير منظمة لكنها تكشف عن بلوغ الغضب الشعبي مستوى جديدًا.
وأضاف أن الإيرانيين الآن يريدون "الكهرباء والماء والأمن" أكثر من أي شعارات أيديولوجية. أما ملصقات النظام الجديدة التي تقول: "لا أحد إلى جانبنا، لذا علينا أن نقف معًا"، فلم تُخفِ اليأس والإحباط العام.
الفن في مواجهة القمع
أشار جزء آخر من التقرير إلى أن الفن بقي ساحة مقاومة: فقد فاز المخرج جعفر بناهي هذا العام بـ "سعفة كان الذهبية" عن فيلم ينتقد للنظام.
كما عُرضت مسرحية سرية في طهران حول امرأتين مثليتين، خاطر ممثلوها بتعرضهم لـ 100 جلدة، وغطّوا وجوههم في عروض خارجية كي لا يُكشفوا عند عودتهم.
وهذه المقاومة الثقافية، وفقًا للتقرير، تذكّر المجتمع بأن تحدي الخطوط الحمراء ممكن حتى في ذروة القمع.
ومخاوف جديدة
تطرق "واي نت" أيضًا إلى مسألة خلافة المرشد الإيراني، علي خامنئي، مشيرة إلى أن خامنئي لم يحضر حتى جنازات الجنرالات الذين قُتلوا، خوفًا من الغارات. هذا الغياب كان لافتًا وأثار تساؤلات. كثيرون يعتقدون أن النظام يمهّد الطريق لابنه كي يخلفه، رغم افتقاره للشرعية الدينية مثل والده.
العلاقات الخارجية ومستقبل غامض
أفاد التقرير بأن النظام الإيراني اضطُر للتفاوض بشأن الملف النووي من موقع دفاعي، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه سيكون أكثر مرونة. فقد يسعى بدلًا من ذلك إلى تعزيز تحالفاته مع روسيا والصين أو حتى شن هجوم ضد إسرائيل إذا شعر قادته بأن بقاءهم مهدد.
وبينما ترى إسرائيل والمعارضون الإيرانيون أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي يعمل داخل إيران بحرية تقريبًا، يواصل النظام تنفيذ إعدامات جماعية بتهمة "التجسس".
طهران بعد الحرب
أنهى "واي نت" تقريره بوصف طهران بأنها "مدينة غارقة في الغبار والموت والحزن". فالشوارع شبه خالية، والمطاعم والمقاهي فارغة، والأسواق راكدة. والبطالة والفقر يتصاعدان، والناس يعيشون في خوف دائم.
ورغم أن النظام يتحدث عن استمرار البرنامج النووي، فإن المواطنين لا يفكرون إلا في أن إسرائيل لم تُنهِ عملها بعد، وأن جولة جديدة من الحرب وشيكة.
وأكد التقرير أن الأمل في إيران في أدنى مستوياته، لكن الغضب المتراكم قد ينفجر في أي لحظة. الجميع يدرك أن حربًا أخرى قادمة؛ وحده توقيتها مجهول.

أشارت التقارير الميدانية وإحصاءات مراكز علاج الإدمان في إيران إلى أن استهلاك الكحول شهد نموًا ملحوظًا في البلاد، فيما ارتفع عدد المدمنين، الذين قصدوا مراكز العلاج خلال السنوات الخمس الماضية، بنسبة تصل إلى 50 في المائة.
ورغم المخاطر الجدية للمشروبات الكحولية المصنّعة محليًا والمغشوشة، مثل التسمم والعمى والموت، فإن سوقها ما زالت مزدهرة.
وأفاد موقع "رويداد 24" الإيراني، يوم الجمعة 12 سبتمبر (أيلول)، بأن استهلاك الكحول في عموم البلاد ارتفع بشكل لافت مقارنة بالماضي، وبسبب عدم قانونيته، يلجأ العديد من المتربحين إلى استخدام مواد رديئة أو كحول صناعي، وهو ما ينتهي غالبًا بخسارة المستهلك حياته.
وقال اثنان من باعة المشروبات الكحولية في السوق السوداء، للموقع ذاته، إن مبيعاتهما ارتفعت عدة أضعاف مقارنة بما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.
ارتفاع المراجعين
شرح أحد الأخصائيين الاجتماعيين، في عيادة بحي آجودانية شمال طهران، خلال حديثه لـ "رويداد 24"، وضع المراجعين من مدمني الكحول والمخدرات، مشيرًا إلى الزيادة الملحوظة في استهلاك الكحول، خلال السنوات الأخيرة.
وقال عن أعداد المراجعين من مدمني الكحول: "ارتفع عدد الأشخاص المنخرطين في استهلاك الكحول مقارنة بالماضي بشكل واضح. وإذا أردت إعطاء نسبة، يمكن القول إنه مقارنة بخمس سنوات مضت، ارتفع عدد المراجعين من مدمني الكحول بنحو 50 في المائة".
وأوضح أن غالبية هؤلاء المراجعين تبلغ أعمارهم نحو 40 عامًا، وكثير منهم أُصيب باضطرابات نفسية بعد تناول المشروبات الكحولية، ما استدعى إحالتهم إلى رعاية أطباء نفسيين.
ونتيجة للقيود الصارمة المفروضة من السلطات، لا تُنشر أية إحصاءات رسمية ومحدثة عن معدل استهلاك الكحول في إيران.
ولكن وفقًا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2022، فإن إيران تحتل المرتبة التاسعة بين 189 دولة في عدد الأشخاص الذين يستهلكون الكحول بشكل منتظم.
غياب الدعم الحكومي
أشار الأخصائي الاجتماعي في عيادة "آجودانية" بطهران إلى غياب أي دعم من المؤسسات الحكومية أو الهيئات الصحية الرسمية، وقال إنه مع ارتفاع حجم المراجعات وتزايد التكاليف، فإنه حتى منظمة الرعاية الاجتماعية لا تقدم مساعدات تُذكر.
وأضاف أن الشكاوى والتقارير المتعلقة بالمشكلات الناتجة عن استهلاك المشروبات المغشوشة "كبيرة جدًا"، واصفًا زيادة استهلاك الكحول بأنها "واقع مثير للقلق"، مؤكدًا الحاجة إلى دعم حكومي جاد وبرامج أكثر تنظيمًا لإدارة هذا الملف.
ويُجرِّم القانون الرسمي الإيراني شراء وبيع واستهلاك الكحول، وأدت هذه القيود إلى نشوء سوق سوداء واسعة النطاق. وبسبب ذلك، تتسبب المشروبات المصنّعة محليًا والزجاجات المغشوشة في وقوع ضحايا بشكل متسلسل سنويًا.
وفي 31 أغسطس (آب) 2024، اعتبر نائب وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي، علی رضا رئیسي، الاستهلاك المرتفع للكحول أحد التحديات الكبرى أمام نظام الصحة في إيران، ودعا إلى توسيع مراكز علاج إدمان الكحول في البلاد.
وأكد أن وجود هذه المراكز أمر ضروري، قائلاً: "عندما نطرح هذه القضايا، هناك من يقول: أين الكحول؟ هل يُعقل أن يستهلك بلد إسلامي الكحول؟ نعم، يستهلك، ويستهلك بكثرة أيضًا، بل إن معدل استهلاكه مرتفع".
ويُذكر أن القضاء الإيراني يُعاقب مستهلك الكحول في المرة الأولى، التي يُقبض عليه فيها، بثمانين جلدة، وفي حال تكرار المخالفة مرات عدة، يُعاقب بـ "الحد" الذي قد يصل إلى الإعدام.
وجدير بالذكر أن سياسات النظام الإيراني في مكافحة المشروبات الكحولية المغشوشة لم تحقق نتائج تُذكر.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، نُفِذ حكم الإعدام بحق أربعة مدانين في قضية توزيع مشروبات كحولية مسمومة في "كرج"، بتهمة "الإفساد في الأرض"، وذلك في سجن المدينة المركزي.
