ورغم المخاطر الجدية للمشروبات الكحولية المصنّعة محليًا والمغشوشة، مثل التسمم والعمى والموت، فإن سوقها ما زالت مزدهرة.
وأفاد موقع "رويداد 24" الإيراني، يوم الجمعة 12 سبتمبر (أيلول)، بأن استهلاك الكحول في عموم البلاد ارتفع بشكل لافت مقارنة بالماضي، وبسبب عدم قانونيته، يلجأ العديد من المتربحين إلى استخدام مواد رديئة أو كحول صناعي، وهو ما ينتهي غالبًا بخسارة المستهلك حياته.
وقال اثنان من باعة المشروبات الكحولية في السوق السوداء، للموقع ذاته، إن مبيعاتهما ارتفعت عدة أضعاف مقارنة بما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.
ارتفاع المراجعين
شرح أحد الأخصائيين الاجتماعيين، في عيادة بحي آجودانية شمال طهران، خلال حديثه لـ "رويداد 24"، وضع المراجعين من مدمني الكحول والمخدرات، مشيرًا إلى الزيادة الملحوظة في استهلاك الكحول، خلال السنوات الأخيرة.
وقال عن أعداد المراجعين من مدمني الكحول: "ارتفع عدد الأشخاص المنخرطين في استهلاك الكحول مقارنة بالماضي بشكل واضح. وإذا أردت إعطاء نسبة، يمكن القول إنه مقارنة بخمس سنوات مضت، ارتفع عدد المراجعين من مدمني الكحول بنحو 50 في المائة".
وأوضح أن غالبية هؤلاء المراجعين تبلغ أعمارهم نحو 40 عامًا، وكثير منهم أُصيب باضطرابات نفسية بعد تناول المشروبات الكحولية، ما استدعى إحالتهم إلى رعاية أطباء نفسيين.
ونتيجة للقيود الصارمة المفروضة من السلطات، لا تُنشر أية إحصاءات رسمية ومحدثة عن معدل استهلاك الكحول في إيران.
ولكن وفقًا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2022، فإن إيران تحتل المرتبة التاسعة بين 189 دولة في عدد الأشخاص الذين يستهلكون الكحول بشكل منتظم.
غياب الدعم الحكومي
أشار الأخصائي الاجتماعي في عيادة "آجودانية" بطهران إلى غياب أي دعم من المؤسسات الحكومية أو الهيئات الصحية الرسمية، وقال إنه مع ارتفاع حجم المراجعات وتزايد التكاليف، فإنه حتى منظمة الرعاية الاجتماعية لا تقدم مساعدات تُذكر.
وأضاف أن الشكاوى والتقارير المتعلقة بالمشكلات الناتجة عن استهلاك المشروبات المغشوشة "كبيرة جدًا"، واصفًا زيادة استهلاك الكحول بأنها "واقع مثير للقلق"، مؤكدًا الحاجة إلى دعم حكومي جاد وبرامج أكثر تنظيمًا لإدارة هذا الملف.
ويُجرِّم القانون الرسمي الإيراني شراء وبيع واستهلاك الكحول، وأدت هذه القيود إلى نشوء سوق سوداء واسعة النطاق. وبسبب ذلك، تتسبب المشروبات المصنّعة محليًا والزجاجات المغشوشة في وقوع ضحايا بشكل متسلسل سنويًا.
وفي 31 أغسطس (آب) 2024، اعتبر نائب وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي، علی رضا رئیسي، الاستهلاك المرتفع للكحول أحد التحديات الكبرى أمام نظام الصحة في إيران، ودعا إلى توسيع مراكز علاج إدمان الكحول في البلاد.
وأكد أن وجود هذه المراكز أمر ضروري، قائلاً: "عندما نطرح هذه القضايا، هناك من يقول: أين الكحول؟ هل يُعقل أن يستهلك بلد إسلامي الكحول؟ نعم، يستهلك، ويستهلك بكثرة أيضًا، بل إن معدل استهلاكه مرتفع".
ويُذكر أن القضاء الإيراني يُعاقب مستهلك الكحول في المرة الأولى، التي يُقبض عليه فيها، بثمانين جلدة، وفي حال تكرار المخالفة مرات عدة، يُعاقب بـ "الحد" الذي قد يصل إلى الإعدام.
وجدير بالذكر أن سياسات النظام الإيراني في مكافحة المشروبات الكحولية المغشوشة لم تحقق نتائج تُذكر.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، نُفِذ حكم الإعدام بحق أربعة مدانين في قضية توزيع مشروبات كحولية مسمومة في "كرج"، بتهمة "الإفساد في الأرض"، وذلك في سجن المدينة المركزي.