وقد احتضنت القاهرة توقيع إيران والوكالة الدولية على اتفاق جديد بشأن استئناف التعاون بين الجانبين، ورصدت صحيفة "قدس" الأصولية، تباينًا في ردود الفعل الداخلية بين منتقدين يشككون في شفافية الاتفاق، ويعتبرونه وقوعًا في الفخ، وآخرين يؤكدون أنه نتاج قرار جماعي لتفادي تبعات المواجهة. وسط تحذيرات من مخاطر الفصل بين الوكالة والمصالح الغربية.
وانتقدت صحيفة " آرمان ملی" الإصلاحية الاتفاق، لأنه لم يقدم لإيران سوى التزامات إضافية، بلا مقابل ملموس، وكتبت: "يبدو الاتفاق أقرب إلى حلقة مفرغة من التنازلات منه إلى إنجاز استراتيجي، ما يثير تساؤلات عميقة حول جدواه وقدرته على حماية المصالح الوطنية".
وعن أهداف الاتفاق، نقلت صحيفة "آكاه" الأصولية، عن محلل الشؤون الدولية، رحمان قهرمان بور، قوله: "إن إيران تسعى عبر هذا الاتفاق لتحقيق هدفين، الأول: الحيلولة دون إحالة الملف النووي إلى مجلس الأمن، من خلال مجلس محافظي الوكالة، والثاني: منع تفعيل آلية الزناد. ويبدو أن الهدف الأول تحقق، ولكن هناك شكوكًا حول الهدف الثاني. هذا الاتفاق يلبي فقط أحد شروط الثلاثي الأوروبي ولا يضمن انسحابهم الكامل من آلية الزناد".
وفي السياق ذاته، تناقلت الصحف الإيرانية المختلفة هجوم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني، على إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واتهامها بالضعف، وأنها تؤدي عمليًا دور من يصب الزيت على النار.
وعلى الصعيد الاقتصادي، ووفق صحيفة "اقتصاد بويا" الإصلاحية، يواجه أولياء الأمور، في بداية كل عام دراسي، كابوسًا اقتصاديًا بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية بنسبة تصل إلى 70 في المائة، مما يزيد الضغط المالي على الأسر، ويجبرها على اللجوء إلى خيارات رخيصة ومنخفضة الجودة. ويعزو الخبراء هذه الأزمة إلى التضخم الجامح وتقلبات العملة والاحتكار.
وفي حوار مع صحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية، وصف أستاذ الاقتصاد في جامعة خوارزمي، عباس خندان، الاقتصاد غير الرسمي بالظاهرة المعقدة، وقال: "إنها نتاج تفاعل عوامل مثل تعدد أسعار الصرف، والعقوبات الدولية، والنظام الضريبي غير العادل، والتدخلات الحكومية المفرطة". مؤكدًا أن" معالجة هذه الظاهرة تتطلب إصلاحًا هيكليًا يشخص جذور المشكلة مثل إصلاح النظام المالي، وتقليل التفاوتات الهيكلية، وتوفير بيئة أعمال شفافة وعادلة".
وعن جفاف بحيرة أرومية، قال الناشط البيئي، محمد کوهانی، في حوار مع صحيفة "ستاره صبح" الإصلاحية: "إن تحليل هذه القضية يثبت أن منح الأولوية للقطاع الزراعي، رغم استهلاكه الكثيف للمياه وقيمته المضافة المنخفضة، يقود إلى تدمير مزدوج: تدمير البحيرة وتدمير القطاع الزراعي نفسه على المدى الطويل بسبب الجفاف".
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"كيهان": إخفاء نص الاتفاق مع الوكالة تكرار لأخطاء الماضي
انتقد تقرير لصحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، على خامنئي، الاتفاق الأخير بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرة أن الصمت الرسمي وعدم نشر النص يفتح الباب واسعًا أمام التلاعب الغربي. فالمدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، أعلن من القاهرة أن طهران وافقت على استئناف التفتيش الواسع، فيما نفى وزير الخارجية، عباس عراقجي، ذلك، مؤكدًا أن ما جرى لا يتجاوز ما هو قائم في بوشهر، ولا يمنح وصولاً جديدًا.
وأضاف التقرير: "هذا التناقض ليس تفصيلاً عابرًا، بل هو ثغرة خطيرة تسمح للإعلام الغربي والصهيوني (الإسرائيلي) بفرض روايته وتصوير إيران كطرف متراجع. وهو تكرار لما حدث في الاتفاق النووي 2015؛ حيث أُبقي الشعب في الظل، بينما تصدرت الرواية الغربية المشهد، وأدت السرية حينها إلى خسائر استراتيجية. لم تعد حجة السرية مقبولة في عصر تتسابق فيه وسائل الإعلام على نشر أي معلومة".
وشدد التقرير على "ضرورة نشر الاتفاق فورًا أمام الرأي العام، وإلا فإن التعتيم سيُترجم ضعفًا ويُستغل كأداة ضغط جديدة على إيران".
" فوق العادة": الماء نقطة ضعف مستقبل الاقتصاد الإيراني
تواجه إيران واحدة من أخطر أزمات المياه في عقودها الأخيرة، ووفق تقرير لصحيفة "فوق العادة" الاقتصادية، فإن البيانات تشير إلى انخفاض هطول الأمطار بنسبة 40 في المائة مقارنة بالعام الماضي، أي ما يعادل ثلث المتوسط العالمي. وقد تفاقمت هذه الأزمة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى انخفاض حاد في الموارد المائية المتجددة، ووصول عدد كبير من السهول الإيرانية إلى الوضع الحرج، وانخفاض حصة الفرد من المياه مما يضع البلاد على عتبة التوتر المائي.
وأوضح التقرير أن "تأثير هذه الأزمة لا يقتصر على الجانب البيئي فحسب، بل يمتد ليشكل تهديدًا مباشرًا للقطاع الزراعي، مما يعرض الأمن الغذائي للخطر ويزيد الاعتماد على الاستيراد والتضخم. كما تهدد الصناعات كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الصلب والبتروكيماويات، وتؤدي إلى هجرات قسرية من الريف إلى المدن، مما يزيد الضغط على البنية التحتية الحضرية ويعمق الفوارق الاجتماعية".
وينقل التقرير عن الخبراء قولهم: "لا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل إصلاح أنماط الزراعة، وخفض استنزاف المياه الجوفية، والاستثمار في التقنيات الحديثة، وتعزيز ثقافة الترشيد؛ حيث لم تعد الأزمة مجرد قضية بيئية بل أصبحت تهديدًا للأمن القومي يتطلب تحولاً جذريًا في السياسات واستراتيجيات المواجهة".
"قدس": تفویض الصلاحيات.. علاج للبيروقراطية أم تعارض مع القوانين؟
نشرت صحيفة "قدس" الأصولية تقريرًا مطولاً عن النقاش الدائر حول تفويض الاختصاصات إلى المحافظين، وجاء فيه: "أدت المركزية المفرطة خلال العقود الماضية إلى بطء شديد في تنفيذ البرامج، وزيادة الكلفة، وإطالة زمن حل المشكلات المحلية؛ حيث يعاني المحافظون غالبًا التناقض بين المسؤوليات وغياب الصلاحيات القانونية الكافية، ما يجعلهم أحيانًا مجرد منفذين لقرارات الوزارات المركزية، حتى إن لم تتناسب مع خصوصيات كل محافظة".
وأشار التقرير إلى أن "استمرار هذا الوضع يضاعف البيروقراطية، ويؤدي إلى ضعف الكفاءة التنفيذية، ويجعل التنمية الإقليمية أسيرة وصفات موحدة لا تراعي الفوارق بين المحافظات".
وحذر التقرير من "نزعتين متطرفتين: الأولى تدعو لمنح المحافظ صلاحيات مطلقة بما يتعارض مع روح القانون، والثانية تصر على إبقاء القرار مركزيًا بالكامل في العاصمة طهران، وهو ما يؤدي إلى مزيد من البطء والتأخير، بينما الحل يكمن في تفويض مدروس ومحدود الصلاحيات ضمن إطار قانوني واضح، يتيح للمحافظين سرعة الاستجابة لاحتياجات كل منطقة، مع بقاء التنسيق الاستراتيجي بيد الحكومة المركزية".