إيران تقدم منحًا دراسية إلى طلاب العراق.. وسط مخاوف من قبول عناصر الحشد الشعبي في جامعاتها

أعلن وزير العلوم في إيران، حسين سيمائي صرّاف، توقيع مذكرة تفاهم تقضي بتوفير منح دراسية للطلاب العراقيين، وتوفير إمكانية دراستهم في "أرقى الجامعات الإيرانية".

أعلن وزير العلوم في إيران، حسين سيمائي صرّاف، توقيع مذكرة تفاهم تقضي بتوفير منح دراسية للطلاب العراقيين، وتوفير إمكانية دراستهم في "أرقى الجامعات الإيرانية".
وفي لقائه يوم السبت 30 أغسطس (آب) مع وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقي، حيدر عبد ضهد، قال صرّاف إن "تقدمًا جيدًا" قد تحقق في تنفيذ اتفاقيات سابقة مثل تبادل الأساتذة والطلاب، مشيرًا إلى اتفاقيات جديدة تتيح للطلاب العراقيين "المتفوقين" مواصلة دراستهم في الجامعات الإيرانية الكبرى.
ومن جانبه، أكد عبد ضهد أن هذه أول مرة يتم فيها توقيع مذكرة تفاهم بهذا الخصوص بين إيران والعراق، معربًا عن أمله في أن يسهم ذلك في "تعميق العلاقات بين البلدين"، موضحًا أن أحد أهداف العراق هو إتاحة الفرصة لطلابه للدراسة في أفضل الجامعات الإيرانية.
كما أشار إلى اتفاقيات تعاون وقّعتها جامعات بهشتي وشريف الصناعية مع جامعات عراقية، ستدخل حيز التنفيذ قريبًا.
وبحسب تقارير إيرانية، فإن أكثر من 70 ألف طالب عراقي يدرسون حاليًا في الجامعات الإيرانية، فيما تتيح 20 جامعة إيرانية منحًا دراسية للطلاب العراقيين.
ووصف سيمائي، في كلمة ألقاها يوم السبت 30 أغسطس، قضية جذب الطلاب الدوليين إلى إيران بأنها "مسألة مقاومة"، وقال إنه تم تشكيل مجلس خاص في وزارة العلوم لمتابعة هذه القضية.
ويأتي ذلك وسط تقارير سابقة عن قبول أعضاء الحشد الشعبي في الجامعات الإيرانية دون امتحانات قبول، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا. فقد أُعلن عام 2022 عن اتفاق رسمي بين جامعة طهران والحشد الشعبي، وأقرّ أحد مسؤولي الحشد بأن 95 فردًا من عناصره سبق أن أُرسلوا إلى إيران للدراسة تحت إشراف القيادي الراحل أبو مهدي المهندس، أحد قادة الحشد الشعبي السابقين.
ووصفت رئاسة جامعة طهران المخاوف من استغلال الحشد الشعبي لقمع الطلبة بأنها "طفولية"، مؤكدة أن هؤلاء يدرسون في مجالات مثل "الإدارة" وليس في إطار عسكري.
لكن مجموعات طلابية في جامعة طهران ندّدت بما سمّته "عسكرة الجامعة"، وأكدت عزمها على مقاومة إدخال الحشد الشعبي وأمثاله إلى الجامعات الإيرانية.


ذكرت صحيفة" نيويورك تايمز" الأميركية أنّ إسرائيل تمكنت من تحديد أماكن مسؤولين كبار في النظام الإيراني، عبر اختراق وتعقب هواتف الحراس الشخصيين والسائقين المرافقين لهم، ما أتاح استهدافهم خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بين البلدين.
ومن بين ذلك، الهجوم الذي وقع في 16 يونيو (حزيران)، على مكان انعقاد اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي في طهران، والذي أدى إلى مقتل عدد من هؤلاء الحراس.
وذكرت الصحيفة الأميركية، في تقرير نشرته يوم السبت 30 أغسطس (آب)، نقلًا عن خمسة مسؤولين إيرانيين كبار، بينهم عنصران في الحرس الثوري، إضافة إلى تسعة مسؤولين عسكريين وأمنيين إسرائيليين: "إنّ الاستخدام المتهوّر للهواتف المحمولة من قِبل الحراس، بما في ذلك نشرهم على شبكات التواصل الاجتماعي، لعب دورًا محوريًا في تعقب قادة البرنامج النووي الإيراني والقيادات العسكرية في الأسبوع الأول من الحرب".
الهجوم على اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي
في 16 يونيو الماضي، عُقد اجتماع للمجلس الأعلى للأمن القومي بحضور الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ورئيسي السلطتين القضائية والتشريعية، ووزير الاستخبارات، إضافة إلى كبار القادة العسكريين، داخل ملجأ في غرب طهران. ووفق "نيويورك تايمز"، فقد دخل المشاركون دون هواتفهم المحمولة، لكن "المقاتلات الإسرائيلية قصفت سقف الملجأ بست قنابل واستهدفت مداخل ومخارج المبنى بعيد بدء الاجتماع".
وبحسب مصادر إيرانية، شوهدت جثث عدد من الحراس لدى خروج أعضاء المجلس من الملجأ، ليتبيّن لاحقًا أن إسرائيل توصلت إلى مكان الاجتماع عبر "اختراق هواتف الحراس الذين كانوا بانتظار المسؤولين خارج المبنى".
وأوضح النائب السابق للشؤون السياسية في مكتب الرئاسة الإيرانية، ساسان كريمي، للصحيفة الأميركية أنّ "القادة الكبار لم يكونوا يحملون هواتف، لكن حراسهم وسائقيهم كانوا يحملونها.. وهكذا جرى تعقب الكثير منهم".
تحذيرات من الاغتيال قبل الحرب
كشف مسؤولان إيرانيان للصحيفة أن محمد جواد أسدي، قائد قوة "أنصار المهدي" المكلفة بحماية المسؤولين والعاملين في البرنامج النووي، كان قد حذّر "قبل شهر على الأقل من اندلاع الحرب" من خطر الاغتيالات، وطالب بتشديد الإجراءات الأمنية.
وأوضحا أن حظر الهواتف لم يكن يشمل الحراس في البداية، لكن بعد موجة الاغتيالات تغيّر القرار، وأضافا: "الحراس أصبحوا مطالبين باستخدام أجهزة اللاسلكي فقط، ولا يُسمح بحمل الهواتف إلا لقادة الفرق الذين لا يرافقون المسؤولين في تنقلاتهم".
ومع ذلك، نقلت الصحيفة، عن مصادر مطلعة على اجتماعات أسدي، أنّ "أحدهم خالف التعليمات وأدخل هاتفًا إلى اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي".
وفي وقت سابق، وصف محسن حاجي ميرزايي، مدير مكتب بزشكيان، هجوم إسرائيل على اجتماع المجلس بأنه "مخطط مدروس" لاغتيال الرئيس، مشيرًا إلى أنّ صاروخًا أحدث فجوة في الخرسانة مكّنت الحاضرين من الهرب.
"عملية نارنيا" واستهداف العلماء النوويين
أضاف التقرير أنّ إسرائيل، منذ عام 2021، حوّلت تركيزها من تخريب أجهزة التخصيب إلى ما يُعرف بـ "مجموعة السلاح"، وهي عبارة عن فريق من العلماء النوويين، الذين يُعتقد أنهم يعملون على تطوير آلية تفجير نووي. وقد أطلقت إسرائيل في الأيام الأولى للحرب عملية سمتها "نارنيا" للقضاء عليهم.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد ذكرت في 30 يونيو الجاري، أن هذه العمليات قد نُفذت بشكل متزامن تقريبًا، لمنع المستهدفين من الاختباء.
صفوي: ثغرة أمنية وجودية
ونقلت "نيويورك تايمز" عن حمزة صفوي، نجل القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، يحيى رحيم صفوي، والمستشار العسكري للمرشد الإيراني، علي خامنئي، قوله: "التفوق التكنولوجي الإسرائيلي يمثل تهديدًا وجوديًا لإيران".
وأضاف أن بلاده "مضطرة لإجراء مراجعة شاملة للأمن والبروتوكولات واعتقال ومحاكمة الجواسيس رفيعي المستوى"، مؤكدًا أن "لا شيء أكثر إلحاحًا من سدّ هذه الثغرة".
اعتقالات داخلية واسعة
أفاد التقرير بأن السلطات الإيرانية تعتبر هذه الثغرة جزءًا من "اختراق" أوسع، وقد وضعت "عشرات" من العسكريين والأمنيين والموظفين الحكوميين قيد الاعتقال أو الإقامة الجبرية بشبهة التجسس لصالح إسرائيل.
في المقابل، قال مسؤولون إسرائيليون إن فريقًا يدعى "مجموعة قطع الرأس" بدأ منذ نهاية 2024 بمراجعة ملفات 400 عالم على صلة بالمشروع النووي الإيراني، وقلّص القائمة إلى 100 اسم أساسي.
وبحسب الرواية الإيرانية، فقد قُتل 13 عالمًا نوويًا في الأيام الأولى للحرب. وفي موازاة ذلك، كانت إسرائيل تُحضّر لعملية سُمّيت "الزفاف الدموي" استهدفت قيادات رفيعة، وكان "الهدف الأول" منها قائد القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده، الذي قُتل مع عدد من القادة في "ضربة دقيقة استهدفت الملجأ".

مرَّ أكثر من شهرين على اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران. ورغم أن تل أبيب أعدّت لهذه المواجهة منذ ما يقارب عشرين عامًا وحققت مكاسب عسكرية مهمّة، من بينها استهداف منشآت نووية إيرانية، إلا أن هذه الحرب خرجت سريعًا من دائرة الاهتمام العام.
وبحسب تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فقد تمكّن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، خلال هذه المواجهة من كسب دعم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، غير أن الخسائر الداخلية وتداعيات صواريخ النظام الإيراني على الجبهة الداخلية الإسرائيلية حالت دون ترجمة هذه الإنجازات العسكرية إلى نجاح سياسي.
وفي الأثناء، شهد يوم الخميس 28 أغشطس |(آب) تطورًا جديدًا: إذ أعلنت دول "الترويكا" الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، وهي جميعًا من الدول الموقّعة على اتفاق 2015 النووي مع إيران، نيتها تفعيل "آلية الزناد". وهذه الخطوة تعني إعادة فرض العقوبات الأممية السابقة على إيران بشكل تلقائي، وذلك ردًا على رفض طهران العودة إلى مفاوضات اتفاق جديد مع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ومنعها المفتشين الدوليين من الوصول إلى منشآتها النووية.
فصل جديد: الحوثيون و"الكروز" العنقودي
ذكرت صحيفة "هآرتس" أن استخدام الحوثيين صواريخ مزودة برؤوس عنقودية يفتح فصلاً جديدًا في المواجهة بين إيران وإسرائيل.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي ومركز بلفر بجامعة هارفارد، إلي لوفيت، قوله: إن "آلية الزناد" صُممت لتعليق العقوبات مع الإبقاء على إمكانية إعادتها. وأضاف: "في حال تفعيلها، ستُفرض العقوبات مجددًا خلال شهر واحد فقط، وهو ما يترك نافذة زمنية قصيرة للحوار بين الأطراف".
وأوضح لوفيت أن المفاوضات الأخيرة تركزت بالأساس على تمديد مهلة تنفيذ الآلية. وقدمت روسيا مقترحًا إلى مجلس الأمن الدولي يقضي بتأجيل تطبيق العقوبات ستة أشهر إذا تمت الموافقة عليه.
كما أشار إلى أن القلق الرئيس لدى الغرب يتمحور حول 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، يُعتقد أنها مخزنة داخل أنفاق بموقع أصفهان، وهو الموقع الذي جرى سدّ مداخله في الهجمات الجوية الإسرائيلية الأخيرة. ويقضي المقترح بمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية حق الوصول إلى هذه المنشآت مقابل تأجيل العقوبات.
جبهات أخرى
في موازاة ذلك، تواصل إسرائيل مواجهة شبكة النفوذ الإقليمي لإيران. ورغم أن الحكومة السورية الجديدة أخذت مسافة ما عن طهران، فإن دمشق لا تزال تحتفظ بكميات كبيرة من الأسلحة. ووفق تقارير، فقد شنّت وحدة خاصة من الجيش الإسرائيلي هجومًا على قاعدة عسكرية جنوب دمشق ثم انسحبت من دون خسائر. ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على العملية.
وعلى جبهة اليمن، تستمر هجمات الحوثيين الصاروخية نحو إسرائيل. وذكرت "هآرتس" أن الكثير من الإسرائيليين يعتبرونها إزعاجًا محدود الأثر، إلا أن هذه الصواريخ ترغم إسرائيل على استخدام منظومة اعتراض باهظة الكلفة ومحدودة المخزون.
وزاد الحوثيون مؤخرًا من خطورة هجماتهم عبر إطلاق صواريخ برؤوس عنقودية يصعب اعتراضها، مستهدفين بشكل متكرر مطار بن غوريون. وأي ضرر يلحق بمدرجه قد يؤدي إلى تعطيل رحلات شركات الطيران الأجنبية إلى إسرائيل مجددًا، وهي رحلات لم تتعافَ بالكامل بعد الحرب مع إيران.
احتمالات مستقبلية
وفي ختام تقريرها، حذرت "هآرتس" من أنه في حال شعرت إيران بأنها وصلت إلى طريق مسدود، فلإنها تستأنف مشروعها النووي وربما تشرع في تطوير سلاح نووي. ويأتي هذا السيناريو في وقت تدخل فيه الأسرة الدولية مرحلة جديدة من الضغوط الدبلوماسية والسياسية على طهران.

أصدر ثلاثة مشرّعين بارزين في الولايات المتحدة، بعد عودتهم من زيارة نادرة إلى دمشق، ولقائهم مسؤولين سوريين، بيانًا دعوا فيه إلى وقف فوري للهجمات الإسرائيلية، مؤكدين أن "تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا هو الطريق الوحيد للتخلص من نفوذ النظام الإيراني والتصدي لتهديد داعش".
وجاء في البيان، الصادر عن السيناتورة الديمقراطية، جين شاهين (العضوة البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ)، والسيناتور الجمهورية، جاني إرنست، وعضو مجلس النواب الجمهوري، جو ويلسون، أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي السورية "تزعزع الاستقرار"، وأن استمرارها يُضعف فرص إعادة الإعمار والمصالحة في سوريا.
وأشاروا، في معرض حديثهم عن لقائهم الأخير مع الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، ومسؤولين آخرين في دمشق، إلى أن "الرسالة التي تلقيناها كانت أن سوريا بحاجة إلى فرصة لإعادة الإعمار حتى تتمكن من تجاوز 14 عامًا من العنف والصراع. لكن الهجمات الإسرائيلية تجعل هذا الطريق أكثر صعوبة".
وخلال الفترة الأخيرة شنّت إسرائيل ثماني غارات جوية استهدفت معسكرات في محيط دمشق.
كما تضمن البيان إشادة بقرار إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، برفع العقوبات عن سوريا في مطلع هذا العام، وأشار إلى أن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لشؤون سوريا، توم باراك، نجح في التوسط لعقد لقاء تاريخي بين حكومتي سوريا وإسرائيل.
ودعا المشرّعون الأميركيون إسرائيل إلى اغتنام "اللحظة التاريخية" المتاحة من أجل السلام، والإسراع في إنهاء الاشتباكات، محذّرين من أن "فرصة الحوار مع سوريا قد تضيع قريبًا".
وفي القسم الأخير من البيان، جرى التركيز على دور النظام الإيراني في سوريا، حيث شدّد المشرّعون على أن "سوريا مستقرة وآمنة هي الطريق الوحيد للتصدّي لنفوذ النظام الإيراني في المنطقة. أما استمرار حالة عدم الاستقرار فلن يؤدي إلا إلى فتح المجال أمام توسّع نفوذ طهران ونشاط جماعاتها الوكيلة".
تأتي هذه المواقف في وقت وسّعت فيه إسرائيل، منذ عدة أشهر، نطاق غاراتها الجوية على الأراضي السورية، مؤكدة أن الهدف منها هو مواجهة تمركز قوات ومعدات تابعة للحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله اللبناني داخل سوريا.

انتشرت تقارير تفيد بأن وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران أصدرت تعميماً سرياً موجهاً إلى مديري ورؤساء تحرير وسائل الإعلام، تطالب فيه بفرض قيود صارمة على طريقة تغطية موضوع تفعيل آلية الزناد وإعادة فرض العقوبات الأممية.
وقد جاء ذلك بعد إرسال الدول الأوروبية الثلاث رسالةً إلى مجلس الأمن بشأن بدء هذه العملية.
وهذا التعميم، الذي تكشف لهجته عن تدخل مباشر من السلطات في استقلالية الإعلام، تضمّن ستة محاور رئيسية قُدّمت على أنها "توصيات"، لكنها في الواقع تمثل توجيهاً إلزامياً ورقابة واضحة.
وجاء في التعليمات أن على وسائل الإعلام، مع "الحفاظ على الهدوء النفسي للمجتمع"، الامتناع عن نشر أي عناوين أو تحليلات "انفعالية، مسببة للأزمات" أو "تحريضية" عند تغطية الأخبار المتعلقة بآلية الزناد، كما طُلب منها أن تكون عناوينها "هادئة ومتوازنة"، وأن لا تُبرز أو تُضخّم "المشاكل الاقتصادية"، بحجة أن ذلك قد يؤدي إلى "زيادة التوقعات التضخمية" أو "ارتفاع أسعار الصرف والذهب والعملات المعدنية".
كذلك دُعيت وسائل الإعلام إلى الاستعانة بخبراء إقليميين وتقديم تحليلات تؤكد على "ضعف أوروبا" و"اعتمادها على الولايات المتحدة"، بحيث تُدار الساحة الإعلامية بطريقة تُبرز "قدرة إيران على مواجهة العقوبات". كما حُظر نشر تحليلات ترسم "صورة قاتمة عن المستقبل".
وفي الجزء الأخير من التعميم، طُلب صراحةً من وسائل الإعلام انتقاد سياسات وإجراءات الغرب وتسليط الضوء على التناقضات والأزمات الداخلية في أوروبا والولايات المتحدة.
يأتي هذا القرار بينما نشرت بعض وسائل الإعلام الإيرانية خلال الأسابيع الماضية تقارير عن التداعيات المحتملة لعودة عقوبات الأمم المتحدة، من بينها احتمال تراجع قيمة العملة المحلية، وتزايد صعوبة تصدير النفط، وفرض قيود جديدة على الوصول إلى الأصول الأجنبية. إلا أنه يبدو الآن أن السلطات الإيرانية تسعى إلى السيطرة المشددة على الرواية الإعلامية الخاصة بهذا الحدث الدولي ومنع تشكل فضاء نقدي أو ردود فعل شعبية.
ويبرز التدخل المباشر لوزارة الإرشاد في المحتوى الإعلامي ــ وهو ما تكرر مراراً في السابق ــ مجدداً قضية الرقابة المنهجية في إيران. فبالرغم من الادعاءات المتكررة للنظام الإيراني بشأن "حرية التعبير في إيران"، إلا أن المؤسسات الرسمية تسلب عملياً استقلالية وسائل الإعلام من خلال أدوات مختلفة مثل التحذيرات، قرارات الإيقاف، والحجب، وفرض خطوط حمراء رسمية وغير رسمية.
وهذا التعميم الجديد لا يقتصر على تقييد حرية الإعلام في تغطية أحد أهم التطورات الدبلوماسية في السنوات الأخيرة، بل يكشف أيضاً عن عجز السلطة في التعامل مع الأزمات الدولية، مفضلةً قمع المعلومات بدلاً من الشفافية وإقناع الرأي العام.

ذكرت صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" أن حكومة أستراليا أجلت إعلان قرارها بطرد السفير الإيراني حتى خروج الدبلوماسيين وموظفي سفارة أستراليا من إيران، خوفًا من أي إجراءات انتقامية محتملة من قبل الحكومة الإيرانية.
وأضافت الصحيفة، يوم الخميس 28 أغسطس (آب)، أن سجل إيران في اعتقال المعارضين السياسيين والمحتجين والمواطنين الأجانب على أساس تهم ملفقة كان دائمًا أحد أهم مخاوف المجتمع الدولي، ومن ذلك يمكن الإشارة إلى فترة الاحتجاز الطويلة لكايلي مور-غيلبرت، الباحثة الأسترالية-البريطانية، بتهمة التجسس.
وأشارت الصحيفة: "مع أخذ خلفية الاحتجاجات الشعبية الطويلة في إيران، والوضع السياسي المشتعل الحالي، ونطاق نفوذ وقمع الحرس الثوري، وتجربة احتلال سفارة الولايات المتحدة عام 1979 في الاعتبار، قامت الحكومة الفيدرالية [الأسترالية] قبل الإعلان عن قرارها بإخراج جميع الدبلوماسيين من إيران وتعليق عمل السفارة".
وأعلن أنتوني ألبانيز، رئيس وزراء أستراليا، في 27 أغسطس (آب)، أنه عقب إثبات دور الحكومة الإيرانية في ما لا يقل عن هجومين معادين للسامية، تم طرد سفير إيران من البلاد، وتعليق عمل سفارة أستراليا في طهران، وأن الحكومة تنوي إدراج الحرس الثوري ضمن قائمة الجماعات الإرهابية.
وقالت مور-غيلبرت، التي كانت محتجزة في سجن إيفين بين عامي 2018 و2020 لمدة 804 أيام، في مقابلة مع صحيفة "الغارديان" في 27 أغسطس، إنها ترحب بقرار الحكومة الأسترالية ضد إيران، وأضافت أن عناصر الحرس الثوري في السنوات الماضية راقبوا المعارضين الإيرانيين في أستراليا، ولهذا يعيش الإيرانيون المقيمون في هذا البلد منذ سنوات في ظل التهديد والمطاردة والتخويف.
هل سيعود الدبلوماسيون الأستراليون إلى طهران؟
وأضافت "سيدني مورنينغ هيرالد" أن هذه هي المرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أشهر التي يضطر فيها الدبلوماسيون الأستراليون لمغادرة إيران.
ووفقًا للتقرير، خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، غادر موظفو السفارة الأسترالية إيران عن طريق البر واتجهوا إلى جمهورية أذربيجان.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد التطورات الأخيرة، غادر ستة موظفين من سفارة أستراليا واثنان من أفراد عائلاتهم في 25 أغسطس (آب)، أي قبل يوم واحد من الإعلان الرسمي عن إجراء كانبيرا ضد الحكومة الإيرانية، متجهين إلى مطار طهران، وسافروا بأول رحلة إلى "دولة مجاورة" لم يُكشف عن اسمها بعد من قبل المسؤولين الأستراليين.
وذكرت الصحيفة أن احتمال عودة موظفي السفارة الأسترالية إلى طهران هذه المرة يُقيَّم بأنه أقل من فترة التطورات المرتبطة بالحرب التي استمرت 12 يومًا.
ووصف عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، في 26 أغسطس (آب)، رئيس وزراء أستراليا بأنه "سياسي ضعيف"، وقال إن كانبيرا يجب أن تعلم أن محاولتها لإرضاء إسرائيل "ستجعل نتنياهو ومن على شاكلته أكثر جرأة".
مخاطر العمل في سفارة أستراليا بطهران
وقال أحد السفراء السابقين لأستراليا في مقابلة مع "سيدني مورنينغ هيرالد" إن سفارة بلاده في طهران كانت دائمًا من بين أكثر البعثات الخارجية خطورة خلال العقود الماضية.
وأضاف: "لطالما كانت طهران موقعًا يمكن أن يتحول في أي لحظة إلى وضع حرج وغير متوقع، وهو أمر نادر الحدوث في أماكن أخرى. على سبيل المثال، كان من الممكن أن يرسل الحرس الثوري فجأة آلاف المحتجين إلى داخل مبنى السفارة".
وأوضح أن تعيين موظفين لمثل هذه البعثات يتطلب اختيارًا دقيقًا، وفي بعض الحالات، تخضع هذه التعيينات لتقييمات نفسية.
وأشار الدبلوماسي السابق، الذي فضل عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، إلى أن العديد من الملفات فائقة السرية والمعدات الاتصالية المستخدمة في سفارة أستراليا بطهران ربما تم تدميرها مسبقًا خلال خروج الدبلوماسيين الأستراليين إثر حرب الأيام الاثني عشر، لتجنب الوقوع في أيدي السلطات الإيرانية، مما سهل عملية تعليق عمل السفارة مؤخرًا.
وأفادت الصحيفة أنه على الرغم من عدم معرفة مكان إقامة الدبلوماسيين الأستراليين بعد مغادرتهم إيران، إلا أنه من المرجح أن يظلوا في المنطقة ويواصلوا أنشطتهم عن بعد.