ومن بين ذلك، الهجوم الذي وقع في 16 يونيو (حزيران)، على مكان انعقاد اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي في طهران، والذي أدى إلى مقتل عدد من هؤلاء الحراس.
وذكرت الصحيفة الأميركية، في تقرير نشرته يوم السبت 30 أغسطس (آب)، نقلًا عن خمسة مسؤولين إيرانيين كبار، بينهم عنصران في الحرس الثوري، إضافة إلى تسعة مسؤولين عسكريين وأمنيين إسرائيليين: "إنّ الاستخدام المتهوّر للهواتف المحمولة من قِبل الحراس، بما في ذلك نشرهم على شبكات التواصل الاجتماعي، لعب دورًا محوريًا في تعقب قادة البرنامج النووي الإيراني والقيادات العسكرية في الأسبوع الأول من الحرب".
الهجوم على اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي
في 16 يونيو الماضي، عُقد اجتماع للمجلس الأعلى للأمن القومي بحضور الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ورئيسي السلطتين القضائية والتشريعية، ووزير الاستخبارات، إضافة إلى كبار القادة العسكريين، داخل ملجأ في غرب طهران. ووفق "نيويورك تايمز"، فقد دخل المشاركون دون هواتفهم المحمولة، لكن "المقاتلات الإسرائيلية قصفت سقف الملجأ بست قنابل واستهدفت مداخل ومخارج المبنى بعيد بدء الاجتماع".
وبحسب مصادر إيرانية، شوهدت جثث عدد من الحراس لدى خروج أعضاء المجلس من الملجأ، ليتبيّن لاحقًا أن إسرائيل توصلت إلى مكان الاجتماع عبر "اختراق هواتف الحراس الذين كانوا بانتظار المسؤولين خارج المبنى".
وأوضح النائب السابق للشؤون السياسية في مكتب الرئاسة الإيرانية، ساسان كريمي، للصحيفة الأميركية أنّ "القادة الكبار لم يكونوا يحملون هواتف، لكن حراسهم وسائقيهم كانوا يحملونها.. وهكذا جرى تعقب الكثير منهم".
تحذيرات من الاغتيال قبل الحرب
كشف مسؤولان إيرانيان للصحيفة أن محمد جواد أسدي، قائد قوة "أنصار المهدي" المكلفة بحماية المسؤولين والعاملين في البرنامج النووي، كان قد حذّر "قبل شهر على الأقل من اندلاع الحرب" من خطر الاغتيالات، وطالب بتشديد الإجراءات الأمنية.
وأوضحا أن حظر الهواتف لم يكن يشمل الحراس في البداية، لكن بعد موجة الاغتيالات تغيّر القرار، وأضافا: "الحراس أصبحوا مطالبين باستخدام أجهزة اللاسلكي فقط، ولا يُسمح بحمل الهواتف إلا لقادة الفرق الذين لا يرافقون المسؤولين في تنقلاتهم".
ومع ذلك، نقلت الصحيفة، عن مصادر مطلعة على اجتماعات أسدي، أنّ "أحدهم خالف التعليمات وأدخل هاتفًا إلى اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي".
وفي وقت سابق، وصف محسن حاجي ميرزايي، مدير مكتب بزشكيان، هجوم إسرائيل على اجتماع المجلس بأنه "مخطط مدروس" لاغتيال الرئيس، مشيرًا إلى أنّ صاروخًا أحدث فجوة في الخرسانة مكّنت الحاضرين من الهرب.
"عملية نارنيا" واستهداف العلماء النوويين
أضاف التقرير أنّ إسرائيل، منذ عام 2021، حوّلت تركيزها من تخريب أجهزة التخصيب إلى ما يُعرف بـ "مجموعة السلاح"، وهي عبارة عن فريق من العلماء النوويين، الذين يُعتقد أنهم يعملون على تطوير آلية تفجير نووي. وقد أطلقت إسرائيل في الأيام الأولى للحرب عملية سمتها "نارنيا" للقضاء عليهم.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد ذكرت في 30 يونيو الجاري، أن هذه العمليات قد نُفذت بشكل متزامن تقريبًا، لمنع المستهدفين من الاختباء.
صفوي: ثغرة أمنية وجودية
ونقلت "نيويورك تايمز" عن حمزة صفوي، نجل القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، يحيى رحيم صفوي، والمستشار العسكري للمرشد الإيراني، علي خامنئي، قوله: "التفوق التكنولوجي الإسرائيلي يمثل تهديدًا وجوديًا لإيران".
وأضاف أن بلاده "مضطرة لإجراء مراجعة شاملة للأمن والبروتوكولات واعتقال ومحاكمة الجواسيس رفيعي المستوى"، مؤكدًا أن "لا شيء أكثر إلحاحًا من سدّ هذه الثغرة".
اعتقالات داخلية واسعة
أفاد التقرير بأن السلطات الإيرانية تعتبر هذه الثغرة جزءًا من "اختراق" أوسع، وقد وضعت "عشرات" من العسكريين والأمنيين والموظفين الحكوميين قيد الاعتقال أو الإقامة الجبرية بشبهة التجسس لصالح إسرائيل.
في المقابل، قال مسؤولون إسرائيليون إن فريقًا يدعى "مجموعة قطع الرأس" بدأ منذ نهاية 2024 بمراجعة ملفات 400 عالم على صلة بالمشروع النووي الإيراني، وقلّص القائمة إلى 100 اسم أساسي.
وبحسب الرواية الإيرانية، فقد قُتل 13 عالمًا نوويًا في الأيام الأولى للحرب. وفي موازاة ذلك، كانت إسرائيل تُحضّر لعملية سُمّيت "الزفاف الدموي" استهدفت قيادات رفيعة، وكان "الهدف الأول" منها قائد القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده، الذي قُتل مع عدد من القادة في "ضربة دقيقة استهدفت الملجأ".