ونقلت الصحيفة، يوم الأحد 24 أغسطس (آب)، عن مسؤولين في النظام الإيراني قولهم: "إن طهران تميل إلى التراجع عن موقفها المتشدد، لتجنب المزيد من الهجمات من إسرائيل والولايات المتحدة، وأيضًا للحيلولة دون تفعيل آلية الزناد".
وبحسب التقرير، فإن لاريجاني، الذي عُيّن مؤخرًا أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، يقود جهود إقناع القيادة بخفض مستوى تخصيب اليورانيوم من 60 إلى 20 في المائة.
وكانت هناك تكهنات بأن مستوى تخصيب اليورانيوم في إيران يقترب من 90 في المائة، أي عند عتبة إنتاج السلاح النووي، وهو ما أثار مخاوف دولية واسعة بشأن نوايا طهران.
وكان مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، لورنس نورمان، قد ذكر، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، أن عدة مصادر مطلعة تعتقد أن إيران ربما بدأت بالفعل تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90 في المائة في منشأة "فوردو".
وستُعتبر العودة المحتملة إلى نسبة 20 في المائة تراجعًا ملحوظًا مقارنة بقدرات إيران الحالية، لكنها لا تزال أعلى بكثير من سقف 3.67 في المائة المحدد في الاتفاق النووي السابق (2015).
وقال مسؤول إيراني رفيع للصحيفة البريطانية: "إن لاريجاني يحاول إقناع النظام الإيراني بخفض مستوى التخصيب لتجنب حرب جديدة؛ حيث يخشى أن يؤدي عدم التراجع أو عدم الاستجابة لمطالب الغرب إلى أزمة كبيرة للنظام نفسه".
وأضاف أن جهود لاريجاني تواجه معارضة قوية من مؤسسات وشخصيات مرتبطة بالنظام والحرس الثوري، لكن يبدو أن علي خامنئي يميل إلى الموافقة على هذا التوجه، والدخول مجددًا في تواصل مع القوى الغربية.
ما هي "آلية الزناد" ولماذا تعود للواجهة؟
كانت دول "الترويكا" الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) قد هددت بإعادة تفعيل "آلية الزناد" ضد إيران، وهو ما يعني فرض عقوبات الأمم المتحدة تلقائيًا، ما لم تبدأ طهران المفاوضات النووية قبل نهاية أغسطس الجاري.
وينتهي بند "إعادة فرض العقوبات تلقائيًا" بالاتفاق النووي السابق في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ما يدفع الأوروبيين للتحرك بسرعة قبل انتهاء المهلة. وبعد هذا الموعد، لن تُفرض أي عقوبات جديدة إلا بقرار من مجلس الأمن، وهو ما قد تعرقلـه روسيا أو الصين بحق النقض "الفيتو".
وأجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في 22 أغسطس الجاري، محادثات هاتفية مع نظرائه الأوروبيين؛ لبحث تجنب عودة العقوبات، وتم الاتفاق على لقاء هذا الأسبوع.
وتصاعد القلق الأوروبي بعد أن علّقت طهران كل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب حرب الـ 12 يومًا بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي، مما جعل المجتمع الدولي عاجزًا عن معرفة وضع برنامج إيران النووي ومخزون اليورانيوم لديها.
وكتبت "التلغراف" أن الضغوط الداخلية على خامنئي تكشف عن خلاف داخل النظام حول "كيفية التعامل مع الغرب"، وأن المرشد يواجه خيارًا مصيريًا بين الطموحات النووية وبقاء النظام.
"المصاصات" مقابل اللآلئ المتدحرجة
أشارت "التلغراف" إلى أن نهج لاريجاني الدبلوماسي اليوم يتناقض مع موقفه المتشدد سابقًا. ففي عام 2003، حين وافق فريق حسن روحاني على تعليق التخصيب مؤقتًا، كان لاريجاني (رئيس هيئة الإذاعة آنذاك) من أبرز المنتقدين قائلًا: "قدمنا لؤلؤة متدحرجة وأخذنا في المقابل مصاصة".
وقال أستاذ علوم سياسية إيراني للصحيفة إن نظام طهران يعيش مرحلة حرجة بين "إرضاء أنصاره في الداخل والتعامل مع الغرب"، معتبرًا أن النظام "يسعى للبقاء، وقد يعني ذلك تقليص التخصيب، ولو كخطوة لشراء الوقت فقط".
وأضاف: "في الماضي كانوا يسعون للتقدم. اليوم يحاولون فقط العودة إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل الهجمات الأميركية".