وبحسب هذه المعلومات، فقد أبلغت مدارس تابعة لسفارات أوروبية في طهران أولياء الأمور بأنها ستؤجل انطلاق العام الدراسي الجديد، على خلاف ما كان مقررًا سابقًا.
في هذا السياق، كان عباس علي آبادي، وزير الطاقة الإيراني، قد وعد يوم الاثنين 18 أغسطس (آب) بانتهاء انقطاعات الكهرباء بنهاية الصيف، لكن المخاوف من تأثير هذه الانقطاعات المستمرة والواسعة امتدت الآن إلى التعليم والطلاب وأسرهم والمعلمين.
أما علي فرهادي، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، فقد نفى يوم الاثنين 18 أغسطس ما وصفه بـ"الشائعات" حول افتتاح المدارس من منتصف سبتمبر (أيلول)، وقال: "هذا العام سيبدأ العام الدراسي بشكل طبيعي تمامًا، والمدارس ستفتح أبوابها حضوريًا في أجواء هادئة ومنظمة".
في الوقت نفسه، أظهرت تقارير وصلت إلى "إيران إنترناشيونال" أن بعض المدارس في المناطق (1 إلى 3) بطهران أبلغت أولياء الأمور باحتمال بدء العام الدراسي الجديد عبر الإنترنت ومن خلال التعليم عن بُعد.
وأضاف فرهادي أن الوزارة تضع أمامها ثلاثة سيناريوهات: التعليم الحضوري، والتعليم الافتراضي (المجازي)، والنظام المدمج، مؤكدًا: "في أي ظرف لن يتم إهدار وقت التعليم".
كما شدّد على أنه "في الحالات الخاصة مثل البرد القارس أو تلوث الهواء أو عدم التوازن في الطاقة، يمكن أن يستمر التعليم افتراضيًا لكنه لن يتوقف أبدًا".
أوضاع خاصة تتكرر
ويبدأ العام الدراسي الجديد فيما تواجه إيران أزمة غير مسبوقة في مجالي المياه والكهرباء
فهذا العام بدأت الانقطاعات المبرمجة والمنتظمة للمياه والكهرباء أبكر من الأعوام السابقة، أي منذ مايو (أيار) الماضي.
وتُظهر آخر إحصاءات شركة إدارة الموارد المائية في إيران أن 12 سداً رئيسياً مخصّصة لمياه الشرب والزراعة، أصبحت تحتوي على أقل من 10 بالمائة من مخزونها.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أرسل مئات المواطنين رسائل إلى "إيران إنترناشيونال" تحدثوا فيها عن تعطل حياتهم بسبب الانقطاعات المتكررة والواسعة للمياه والكهرباء.
وفي حال استمرار ما تسميه السلطات "الجفاف" وانعدام المياه، فإن التعليم الحضوري سيواجه مشكلات صحية خطيرة.
أما على صعيد تلوث الهواء، فقد أظهرت تقارير أن سكان طهران لم يتنفسوا خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 سوى 6 أيام فقط من الهواء النقي.
ومع حلول فصل الشتاء وظهور ظاهرة الانقلاب الحراري (الانحباس الحراري الموضعي)، سيؤدي الاستخدام المتزايد لوسائل التدفئة وكثرة حركة المرور إلى تفاقم التلوث في المدن الصناعية الكبرى.
تعليم افتراضي بلا كهرباء ولا إنترنت؟
وتحدث المتحدث باسم وزارة التربية عن خيار التعليم الافتراضي، لكن العديد من المواطنين اشتكوا في رسائلهم إلى "إيران إنترناشيونال" من الانقطاعات المتكررة وضعف سرعة الإنترنت، وأكدوا أن هذا الوضع زاد من معاناتهم بجانب الأزمات الأخرى مثل انقطاع الكهرباء والمياه، وارتفاع الأسعار، والبطالة.
وكان علي رضا رفیعي، المدير التنفيذي لشركة "إيرانسل"، قد حذر مؤخرًا قائلاً: "إذا لم تُرفع التعرفة بنسبة 70 في المائة، فسيكون انقطاع الإنترنت لثلاث ساعات يوميًا أمرًا حتميًا".
جدير بالذكر أن التعليم الافتراضي الشامل ظهر في إيران لأول مرة خلال جائحة كورونا، لكنه واجه مشكلات كثيرة.
فقد أظهرت دراسة نشرت في العدد الأول من السنة التاسعة لمجلة "تدريسي- بجوهشي" أن التعليم عن بُعد في تلك الفترة أدى إلى: انخفاض المستوى الدراسي، تدهور الصحة النفسية، إرهاق المعلمين، تفاقم عدم المساواة في الوصول إلى الموارد (كالإنترنت والأجهزة)، ضعف التقييم، وتراجع التفاعل الاجتماعي والإنساني بين الطلاب.
وأثار احتمال التحول إلى التعليم غير الحضوري بسبب نقص المياه والكهرباء جدلاً واسعًا في شبكات التواصل حول الرسوم المرتفعة للمدارس الخاصة.
ويرى كثيرون أن التعليم عن بُعد في هذه المدارس لا يختلف كثيرًا عن التعليم في المدارس الحكومية، وبالتالي لا يبرر الرسوم الباهظة.
ومع استمرار تسجيل الطلاب، قد يؤدي احتمال التعليم الافتراضي إلى عزوف بعض الأسر عن إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة.
وتُستخدم الرسوم في المدارس الخاصة (النموذجية، الأهلية، والمتفوقين) عادةً لتغطية رواتب ومزايا المعلمين والإداريين، والإيجارات، والخدمات التعليمية والأنشطة الإضافية.
ويُحذّر مختصون من أن تراجع تسجيل الطلاب قد يدفع هذه المدارس إلى أزمة مالية خطيرة في تغطية نفقاتها، خصوصًا في دفع رواتب المعلمين.
وكانت منظمة المدارس غير الحكومية قد أعلنت العام الماضي أن إدارات هذه المدارس ممنوعة من تحصيل كامل الرسوم عند التسجيل الأولي، وأنه في حال انسحاب الطالب- لأي سبب- يتوجب إعادة المبلغ كاملًا إلى أولياء الأمور.