وهي المرة الأولى، التي يتحدث فيها مسؤول كبير في الحرس الثوري الإيراني صراحةً عن احتمال استهداف مدن، مثل برلين وباريس ولندن وحتى واشنطن ونيويورك، بالصواريخ.
وادعى حيات مقدم، الذي يمتلك خبرة 10 سنوات كنائب قائد القوة الجو-فضائية للحرس الثوري، مشيرًا إلى القدرات الصاروخية للنظام الإيراني: "لقد تحطمت هيبة الحرب مع أميركا وإسرائيل بالنسبة لنا، وقد أطلقنا صواريخ على حيفا وتل أبيب. وربما يهبط الصاروخ التالي في واشنطن".
وأضاف أن الحرس الثوري قادر على استهداف مدن أميركية بالصواريخ من مسافة ألفي كيلومتر، وأن القوة الجو-فضائية للحرس تعمل على هذا الموضوع منذ 20 عامًا.
كما أكد حيات مقدم أن جميع الدول الأوروبية باتت الآن في مرمى صواريخ إيران، وأن هذه القدرة يمكن تنفيذها بالصواريخ الحالية.
خلفية حيات مقدم
أمير حيات مقدم، البالغ من العمر 62 عامًا، هو أحد القادة القدامى في الحرس الثوري الإيراني، ولديه خبرة تزيد على أربعة عقود في مناصب قيادية مختلفة.
ويترأس حاليًا مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة الدفاع الوطني العليا، وسبق له أن تولى مسؤوليات، مثل رئاسة هيئة أركان القوة البرية للحرس الثوري، ونائب التدريب العام، وقائد كلية القيادة والأركان (دافوس) للحرس الثوري، ورئاسة هيئة أركان مقر الدفاع الجوي "خاتم الأنبياء". كما شغل منصب محافظ محافظة خوزستان في فترة معينة.
ردود الفعل والتداعيات
لاقت تصريحات حيات مقدم صدى سريعًا على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام الدولية، ومن بينها، نشر حساب "أوبن سورس إنتليجنس"، على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، الذي يتابعه نحو 700 ألف شخص، هذه التهديدات كخبر عاجل.
وفي ظل بقاء أقل من أسبوعين فقط على انتهاء مهلة الدول الأوروبية الثلاث لاتخاذ قرار بشأن تفعيل آلية الزناد، قد تؤدي هذه التهديدات إلى تصعيد التوترات بين إيران وأوروبا.
وقد تجعل هذه التصريحات مواقف فرنسا وألمانيا وبريطانيا تجاه إيران أكثر تشددًا، وتدفعهم نحو إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
وحتى الآن، دعمت الدول الأوروبية سياسة "تغيير السلوك" بدلاً من "تغيير النظام" تجاه إيران، لكن تكرار التهديدات العلنية من قادة الحرس قد يغيّر النظرة التقليدية لأوروبا، وربما يقرّبها أكثر من مواقف الولايات المتحدة وإسرائيل.
وإلى جانب الملف النووي، أصبح برنامج الصواريخ ودعم إيران لروسيا في حرب أوكرانيا عاملاً آخر لقلق وغضب الأوروبيين، إذ يُعتبر إرسال الطائرات المُسيّرة والصواريخ إلى روسيا، من وجهة نظر أوروبا، تهديدًا مباشرًا لأمنها.
احتمال رد فعل أميركي
من جهة أخرى، قد يؤدي تهديد مباشر لمدن، مثل واشنطن ونيويورك من قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني، بشن هجوم صاروخي، إلى رد فعل حاد وحاسم من الولايات المتحدة. وتُظهر السوابق أن فريق ترامب يتابع مثل هذه التصريحات بدقة ويأخذها بعين الاعتبار على المستوى الأمني والعسكري العالي.
مؤشرات على تدهور العلاقات
في إشارة أخرى إلى تصعيد التوترات، أُغلقت السفارة الألمانية في طهران بسبب "الظروف الأمنية"، ويستعد سفيرها لمغادرة إيران. وقد حدث ذلك قبل أسبوعين فقط من انتهاء مهلة الأوروبيين للنظام الإيراني، مما قد يعكس قلق ألمانيا من رد فعل محتمل من إيران على إعادة فرض العقوبات.
وفي الوقت نفسه، وردت تقارير عن انفجارات وحرائق متعددة في مراكز صناعية وحساسة في إيران، ونسبها البعض إلى هجمات تخريبية.
وهذه الأحداث، إلى جانب تهديدات قادة الحرس الصريحة، جعلت الأجواء السياسية والأمنية في المنطقة أكثر توترًا.
وتشير تهديدات الحرس الثوري الصاروخية ضد عواصم أوروبية وواشنطن ونيويورك إلى أن إيران تتبنى نهجًا أكثر حدة في مواجهة أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل. وهو نهج قد يقود إيران والإيرانيين نحو حرب ثانية غير مرغوب فيها، والتي قد تعرّض، في حال وقوعها، وجود وبقاء النظام الإيراني لخطر جدي.