وحذر وزراء خارجية هذه الدول الأوروبية الثلاث، المعروفة باسم "E3"، في رسالتهم إلى الأمم المتحدة يوم الثلاثاء 12 أغسطس (آب)، أنه في حال عدم تحرك إيران، فإن العقوبات ستعود تلقائياً.
وأكدوا أنهم منحوا طهران مهلة حتى نهاية أغسطس (آب) الجاري لتجنب هذا الإجراء.
وقالت "فايننشال تايمز"، التي اطلعت على نسخة من هذه الرسالة، إن نصها تضمن ما يلي: "لقد أوضحنا أنه إذا لم تكن إيران مستعدة للتوصل إلى حل دبلوماسي بحلول نهاية أغسطس (آب) أو لم تستفد من فرصة التمديد، فإن مجموعة E3 مستعدة لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات تلقائياً".
وتم توجيه هذه الرسالة إلى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، ووقعها جان نويل بارو وزير الخارجية الفرنسي، ويوهان وادفول وزير الخارجية الألماني، وديفيد لامي وزير الخارجية البريطاني.
ويأتي هذا الإجراء بعد أكثر من شهرين من الهجوم الأميركي والإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وقبل أقل من شهرين على انتهاء مهلة هذه الدول الثلاث لتفعيل آلية الزناد بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 .
ولم تصدر بعثة النظام الإيراني في الأمم المتحدة أو مسؤولو الحكومة الإيرانية أي رد على هذه الرسالة حتى الآن.
وكانت أميركا قد انسحبت عام 2018، في الولاية الأولى لدونالد ترامب، من الاتفاق النووي الذي وقعه باراك أوباما مع طهران والقوى العالمية، والذي كان يفرض قيوداً صارمة على البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات.
ومن المقرر أن تنتهي عقوبات الأمم المتحدة في 18 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ما لم تُفعّل إحدى الدول الأطراف المتبقية، وهي بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا أو روسيا أو الصين، آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات تلقائياً.
وفي الشهر الماضي، عرضت الدول الأوروبية الثلاث خلال مفاوضات في تركيا على النظام الإيراني أنه إذا وافقت طهران قبل سبتمبر (أيلول) على استئناف الحوار مع أميركا والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنها ستمدد مهلة نهاية أغسطس.
ووصف دبلوماسي غربي هذه المحادثات بأنها "صعبة"، وأعلنت الدول الأوروبية الثلاث يوم الثلاثاء 12 أغسطس (آب) أن عرضها لم يلقَ ردًا.
وأكد وزراء الخارجية الأوروبيون في رسالتهم إلى الأمم المتحدة أن التمديد المحدود للمهلة يمنح وقتاً أطول للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، مع بقاء إمكانية إعادة فرض العقوبات لمنع الانتشار النووي قائمة.
وبعد اجتماع إسطنبول في يوليو (تموز)، حذر عباس عراقجي، وزير خارجية النظام الإيراني، في مقابلة مع "فايننشال تايمز" من أن أوروبا "لا تملك أي أساس قانوني أو أخلاقي" لتفعيل آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات، وأنه إذا أقدمت على ذلك، فإن طهران ستستبعد القوى الأوروبية من أي مفاوضات مستقبلية.
وقال: "آلية إعادة فرض العقوبات لم تعد ذات أهمية كبيرة".
وكان مسؤولون مختلفون في النظام الإيراني قد أصروا خلال الأسابيع الماضية على أن تنفيذ آلية الزناد له تأثير نفسي أكثر من كونه عملياً.
ومع ذلك، فقد حذرت وزارة الاستخبارات الإيرانية، في رسالة سرية حصلت "إيران إنترناشيونال" على نسخة منها، أرسلت يوم الاثنين 11 أغسطس إلى الوزارات والشركات الكبرى، من أن تفعيل آلية الزناد سيؤدي إلى وقف بيع النفط الإيراني، ووقوع أزمات اقتصادية وأمنية كبيرة، وزيادة البطالة، وتصاعد السخط الاجتماعي في البلاد.
وفي الإشارة إلى التحركات الأخيرة لأميركا والدول الأوروبية الثلاث، طلبت الوزارة من المؤسسات الاقتصادية "الحساسة" الاستعداد الكامل لمواجهة سيناريو تفعيل هذه الآلية.
وشدد وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث في رسالتهم على أن لديهم، من الناحية القانونية، "حقاً واضحاً وبلا لبس" في إعادة فرض العقوبات، لأن النظام الإيراني "عمداً" ومنذ عام 2019 قد تخلّى عن التزاماته في الاتفاق النووي.
من جانبها، أعلنت طهران أنها ما زالت مستعدة للحوار مع إدارة ترامب.
وقال محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس الإيراني، يوم الثلاثاء 12 أغسطس، إن النظام الإيراني مستعد، "في الظروف المناسبة"، حتى للتفاوض المباشر مع أميركا.
وأضاف عارف: "أبلغنا الطرف المفاوض أننا على استعداد لبناء الثقة، لكنه يبدو وكأنه يتغافل عن الأمر. طهران في الظروف المتوازنة مستعدة للتفاوض، لأن التفاوض من أجل الحفاظ على مصالح الطرفين، ولا ينبغي أن يكون أمراً مفروضاً".
وكان عراقجي قد صرح سابقاً أن النظام يريد ضمانات من واشنطن بعدم مهاجمة إيران خلال المفاوضات المقبلة، وكذلك "إجراءات لبناء الثقة" من بينها تعويض الخسائر الحربية من قبل أميركا.
كما أعلن مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية في النظام الإيراني، أن طهران مستعدة، في حال رفع العقوبات، لقبول القيود النووية "لفترة محددة".
وقال تخت روانجي في مقابلة مع وكالة "كيودو" اليابانية إن النظام الإيراني مستعد، مقابل رفع العقوبات الأميركية، للموافقة على قيود "مؤقتة" على برنامجه النووي، لكن وقف التخصيب بشكل كامل يعد خطاً أحمر لطهران.
وأضاف أن طهران يمكن أن تُبدي "مرونة" بشأن طاقتها وسقف التخصيب كجزء من "اتفاق عادل ومربح للطرفين".
وكان النظام الإيراني قد أعلن في يونيو (حزيران) وقف تعاونه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وخلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بينه وبين إسرائيل، وسحبت الوكالة مفتشيها المتبقين من إيران.
وغادر ماسيمو أبّارو، نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، طهران يوم الاثنين بعد محادثات مع مسؤولي الحكومة الإيرانية بشأن "كيفية تعامل الوكالة والنظام الإيراني في الظروف الجديدة"، ولم تُدلِ الوكالة حتى الآن بأي تصريح حول نتائج هذه الزيارة.
ومع ذلك، قال عباس عراقجي، قبل يوم واحد من زيارة أبّارو إلى طهران، إنه ستُجرى خلال هذه الزيارة مفاوضات حول إطار جديد للتعاون استناداً إلى قانون البرلمان الإيراني.
وأكد عراقجي أنه حتى تتوصل إيران والوكالة إلى إطار جديد، لن يكون هناك أي برنامج للتفتيش وزيارة المنشآت النووية الإيرانية.