ولا يزال تعيين علي لاريجاني أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، يثير التفاعلات في الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية بين مرحب ورافض، ففي صحيفة "دنياى اقتصاد" الأصولية، أثنى جبار کوجكی نجاد، عضو تكتل محافظي الولاية، على القرار، معتبرًا أن وجود لاريجاني قد يعزز التنسيق الوطني ويساهم في اتخاذ قرارات عقلانية، خاصة في ظل الوضع الحرج الذي تمر به إيران.
وبحسب صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد على خامنئي، فإن "تعيين لاريجاني لا يعني إقصاء جليلي كما يدّعي البعض، بل قد يشكّل وجود لاريجاني إضافة تعويضية لبعض الثغرات في حكومة بزشكيان، إذ إن سجله الحافل في مؤسسات الدولة، ومواقفه المتباينة من الملف النووي، تعكس برغماتية سياسية قابلة للتأويل من مختلف الأطراف. من ثم قد يعزز وجوده جهود التنسيق الوطني، خاصة إذا تم الفصل بين العمل المؤسسي والمناكفات السياسية".
وبحسب صحيفة "آرمان أمروز" الإصلاحية، انتقد منصور حقيقت بور الناشط السياسي، التيارات المتشددة التي تسعى- كما قال- لإقصاء الأصوات المستقلة، مؤكدًا أنها فقدت تأثيرها الشعبي، وأن المرحلة المقبلة تتطلب عقلانية ومصالحة وطنية لا تستطيع تلك التيارات تحقيقها.
وبعد ساعات قليلة من تعيين علي لاريجاني أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، نشر سعيد جليلي عضو المجلس الأعلى للأمن القومي ومجلس تشخيص مصلحة النظام، تغريدة شبه فيها الدعوات إلى التفاوض بـ"عبادة عجل السامري".
وتنقل صحيفة "عصر رسانه" عن يوسف بزشكيان نجل الرئيس الإيراني قوله: "القرار بشأن التفاوض له جهة مختصة، والمسؤولون بتوجيه من القيادة يتخذون أي قرار ونحن نقف خلفه.
لكن مقارنة التفاوض بعبادة العجل غير مناسبة. عبادة العجل هي إنكار مطلق، أما التفاوض فلا حكم عليه. الأصل هو مصلحة إيران".
من جهته، انتقد غلام رضا صادقيان، رئيس تحرير صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري، لهجة جليلي واعتبرها "غير مناسبة"، محذرًا من خطورة التصريحات الانفعالية التي تثير الانقسام وتضعف وحدة الصف، مؤكدًا أن القرار النهائي بيد المرشد.
وعبر صحيفة "مردم سالاري" الإصلاحية، ردّ محسن برهاني الخبير القانوني، بالقول: "انتخابات العام الماضي أنقذت إيران من بلاء ثقيل" في إشارة إلى هزيمة جليلي في الانتخابات.
كما نقلت الصحيفة تعليق محمد جواد أذري جهرمي، وزير الاتصالات السابق: "أخي العزيز، إن كنت تملك معجزة كمعجزة موسى، فاضرب بعصاك الأرض وخلص الجميع، ولا تتوانَ. وإلا اقتدِ على الأقل، في هذا الظرف الحساس، بسلوك هارون، ولا تزرع الخلاف بين الناس، ولا تتقدم على الآخرين! القرارات الكبرى، كالتفاوض، تُتخذ ضمن سلسلة من الحلقات، وأنت جزء من هذه السلسلة، والأفضل أن تُطرح اعتراضاتك ضمن هذا الإطار، فهذا أقرب إلى الخير".
في المقابل تعجب سيد محمد عماد أعرابي، في مقال بصحيفة "كيهان" المقربة من المرشد على خامنئي، من قبول الخارجية الإيرانية دور المتهم في المفاوضات مع أميركا والثلاثي الأوروبي، في حين أسست إسرائيل برنامجها العسكري بدعم غربي كامل قبل قيام ثورة 1979.
في المقابل، أجرت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، حوارًا مع ماجد شريفي، أستاذ مساعد في قسم العلاقات الدولية بجامعة خوارزمي، حيث أكد على أهمية تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتفادي التصعيد، لأن "التوتر بين إيران والغرب حول الملف النووي وصل إلى مرحلة خطرة قد تؤدي لمواجهة عسكرية".
في السياق ذاته، انتقد الخبير في الشؤون الدولية أصغر زارعي، عبر صحيفة "سياست روز" الأصولية، مبادرة محمد جواد ظريف المعروفة إعلاميًا باسم "منارة" بدعوى خطورتها ومخالفتها رؤية النظام والشعب الإيراني، كونها تمثل امتدادًا لأخطاء الاتفاق النووي، وتهدد الإنجازات الوطنية. كما حذّر من إعادة تجربة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
على صعيد آخر، أكد مجید سلیمي بروجنی في مقال بصحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية، أن جفاف الأنهار وتدهور البيئة، والاحتجاجات الشعبية، تعكس فشل النظام الحالي في التعامل مع الموارد المائية، وأن الحل يتطلب إصلاحات جذرية تشمل تقنيات ري حديثة، وتسعير المياه، ونقل الصناعات كثيفة الاستهلاك إلى مناطق أكثر ملاءمة.
بدوره حذر مهدي زارع، عالم الجيولوجيا والأستاذ في معهد الزلازل الدولي للهندسة الزلزالية، من تفاقم ظاهرة الهبوط الأرضي نتيجة السحب المفرط للمياه الجوية، حسبما نقلت صحيفة "شرق" الإصلاحية، وقال: "هذه الظاهرة تهدد البنية التحتية والأمن القومي".
ودعا إلى تنفيذ حلول شاملة تشمل وقف الحفر العشوائي، والتوسع في تحلية مياه البحر، ونقل السكان إلى المناطق الساحلية لتفادي كارثة مستقبلية.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"جهان صنعت": مستقبل صناعة الفولاذ "مظلم"
أعدت صحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية، تقريرًا عن أزمات صناعة الفولاذ في إيران نتيجة نقص الكهرباء والغاز، جاء فيه: "تعطل الإنتاج مدة 110 أيام خلال عام واحد، مما أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج والصادرات وخسائر مباشرة بمليارات الدولارات. وقد تفاقمت الأزمة هذا العام مع بدء انقطاعات الكهرباء مبكرًا وشمولها حتى للقطاعات المنزلية، وهو ما يؤكد هشاشة البنية التحتية للطاقة في إيران".
وأضاف التقرير: "رغم إنشاء شركات الفولاذ محطات طاقة خاصة لتخفيف الضغط على الشبكة، فقد أُجبرت على تسليم إنتاجها من الكهرباء إلى الدولة، مما زاد الوضع سوءًا. هذا القرار أثار اعتراض وزارة الصناعة والتجارة التي اعتبرته مخالفًا للقوانين الداعمة، خاصة أن الصناعة تعتمد بنسبة 73 بالمائة على الكهرباء المنتجة ذاتيًا، ورغم ذلك لا تُمنح الأولوية في التوزيع".
ووفق التقرير: "فقد أطلقت جمعية منتجي الفولاذ ناقوس الخطر معلنة اقتراب هذه الصناعة الحيوية من الإفلاس، متهمة صناع القرار بالاعتماد على معطيات قديمة تتجاهل الظروف الاقتصادية الراهنة من ركود، وارتفاع تكاليف الطاقة، والقيود التسويقية. وإذا استمر الوضع على حاله دون حلول جذرية، فإن الفولاذ يواجه خطر الانهيار الكامل".
"جوان": ممتلئون بالمعرفة الذكية... فارغون من القرار الذكي!
بحسب تقرير صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري فإن "إيران تمتلك كفاءات بشرية وإنتاج علمي جيد في مجال الذكاء الاصطناعي، مع هذا تعاني غياب خارطة طريق واضحة واستراتيجية وطنية قابلة للتنفيذ؛ حيث تثبت التقارير وقوع إيران تحت المتوسط الإقليمي بسبب ضعف البنية التحتية، وغياب التنسيق بين الجهات، وعدم وجود سياسات فعالة لتحويل المعرفة إلى قوة تكنولوجية".
وعدد التقرير تحديات هذا القطاع، وتشمل: "ضعف الحوكمة، ونقص الاستثمار، وضعف الربط بين الجامعة والصناعة، وهجرة الكفاءات، وعجز البنية التحتية التقنية، وغياب الدعم المالي والتنظيمي. في ظل ذلك، تتحوّل الإنجازات الأكاديمية إلى مقالات علمية لا تنعكس على واقع الابتكار والإنتاج".
ووفق التقرير: "يتطلب التحوّل الحقيقي، إصلاحات عاجلة، تشمل تبني استراتيجية وطنية شاملة، وتحديث التشريعات، وبناء بنية تحتية متطورة، وضمان بيئة محفزة للكفاءات والاستثمار. وإلا فقد تتراجع إيران أكثر في مؤشرات الذكاء الاصطناعي العالمية".
"دنياي اقتصاد": تأثير التوترات على الأسواق المالية
أشارت صحيفة "دنياي اقتصاد" الأصولية، إلى أن الأسواق المالية الإيرانية شهدت مؤخرًا تقلبات حادة نتيجة تصاعد التوترات السياسية، حيث أكد نیما نائینیان، محلل الأسواق المالية، أن هذا المناخ المضطرب خلق بيئة غير مستقرة للمستثمرين، وزاد من الغموض بشأن مستقبل الاقتصاد الإيراني، مما ساهم في ارتفاع التضخم وضغط على سعر الصرف".
وأضاف: "تأثرت بورصة طهران بشدة بخروج رؤوس الأموال، ورغم محاولات الدعم من خلال صناديق السيولة، لم تستطع وقف تراجع المؤشر العام. ومع انخفاض القيمة الدولارية للسوق، يتوقع بعض المحللين أن المؤشر سيبلغ القاع إذا استقر الدولار عند 100 ألف تومان، لكن استمرار التوترات السياسية سيبقي السوق في اتجاه هبوطي".
وتابع: "يُنظر إلى الذهب كخيار استثماري أكثر أمانًا بسبب طبيعته العالمية وارتباطه بسعر الصرف، في حين تشهد أسواق العقارات والسيارات ركودًا نتيجة تراجع الطلب والقدرة الشرائية. وتوصى الاستراتيجية الاستثمارية الحالية بالتحوّط والاهتمام بالأصول الآمنة، مع مراقبة التطورات السياسية لتحديد اتجاه السوق في المرحلة المقبلة".