بعد توقيف ابنه في قضية فساد.. الكشف عن "الشبكة المالية" لخطيب جمعة طهران

كشف موقع إيراني عن عدد من الشركات التي يملكها أبناء كاظم صديقي، خطيب جمعة طهران المؤقت، والمُشكلة بمشاركة قائد من الحرس الثوري ورئيس مجلس إدارة شركة "سايبا" ومسؤولين في قطاع النفط والغاز.

الشركة التي استولت على بستان "أزغول" تم حلها السنة الماضية تحت إشراف شخص يحمل لقباً مشابهاً للرئيس الحالي للسلطة القضائية الإيرانية.

وتأتي هذه التطورات بعد اعتقال ابن وعروس خطيب جمعة طهران رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث لا تزال ردود الفعل السياسية والإعلامية مستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكد أصغر جهانغير، المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، يوم الأربعاء 10 يونيو (حزيران) أن حوالي 10 أيام مضت منذ اعتقال ستة أشخاص فيما يتعلق بهذه القضية، ومن بينهم ابن وعروس صديقي.

وصف جهانغير التهم الموجهة ضد هؤلاء الأفراد بأنها "مالية"، وأضاف: "من خلال التحقيقات التي تقوم بها السلطة القضائية يتم كشف مزيد من تفاصيل الملف. التحقيق الأولي ما زال جارياً، ولا يمكننا الإفصاح عن تفاصيل أكثر حالياً".

ورد المتحدث باسم السلطة القضائية بالنفي على سؤال حول ما إذا كان أبناء صديقي ينتمون للسلك الديني (رجال الدين).

في الأيام الأخيرة، انتشرت صور لصديقي إلى جانب رجلين شابين أحدهما يرتدي زي رجال الدين، تحمل تعليقًا بأنهما أبناه.

وأشار جهانغير إلى أن السلطة القضائية "لا تضع أي خطوط حمراء في مكافحة الفساد"، مؤكداً أن صديقي نفسه أعلن خضوعه للقانون.

ومع ذلك، فقد أشار مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الأخيرين في مواقفهم إلى الفساد النظامي داخل هيكل النظام الإيراني، واعتبروا هذه الاعتقالات ليست دليلاً على العدالة، بل "صراعاً سياسياً داخلياً".

وكتب موقع "رويداد 24": "لقد فات الأوان على طاعة خطيب جمعة طهران المؤقت للقانون. تشير الأدلة إلى أن ملف أبنائه كان تحت المجهر الإعلامي والقضائي منذ سنوات، وفي النهاية ومع بعض المقاومة، وصلت الأمور القانونية إلى مرحلة التنفيذ بفضل ضوء أخضر من أعلى المستويات".

تفاصيل جديدة عن الملف المالي لأقارب صديقي

نشر موقع "رويداد 24" يوم الأربعاء تفاصيل جديدة حول هذا الملف، وأشار إلى أن ابن كاظم صديقي شريك في شركة "طلايه داران باد وخورشيذ" مع محمد رضا موسوي، مدير شركة سايبا سيتروين، وإحسان باقريان، عضو اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات الإيرانية ومدير شركة بترو بالايش مهان.

وبحسب التقرير، فإن باقريان لديه شركة أخرى مع ابن صديقي في مجال التجارة والتوزيع باسم "ريحانه كستر راه ابريشيم".

كان الصحفي ياشار سلطاني قد كشف في مارس (آذار) 2024 أن صديقي وأبناءه استولوا على بستان "أزغول" الذي يقدر بمليارات التومانات، وذلك عبر شركة عائلية باسم "بيروان انديشه‌ های قائم"، وكان البستان تحت سيطرة مؤسسة علمية تابعة لإدارة صديقي.

وقد أسس نفس الشركة في عام 2023 كل من محمد حسين ومحمد مهدي، الابنين، ورضوانه قوام، عروس صديقي، برفقة جواد عزيزي، رئيس سابق لإدارة أملاك بلدية طهران خلال فترة عمدة محمد باقر قاليباف.

ولم تكن تلك الشركة الوحيدة التي تملكها عائلة صديقي.

فأبناء صديقي لديهم نشاطات في شركات أخرى مثل "آريا معادن برغاس" وشركتين تعملان في مجال الفنادق.

وبحسب تقرير "رويداد 24"، فإن شركة تعدينية في شارع ميرداماد بطهران تعد من الأعمال التجارية الأخرى لهذه العائلة، وقد تم تأسيسها في 2012 بترخيص من وزارة التعدين بمشاركة ابني صديقي وحسام الدين مهدوي أبهري، عضو سابق في البرلمان.

وأضاف الموقع أن محمد حسين صديقي أكثر نشاطاً من أخيه محمد مهدي، وقد أسس عدة شركات أخرى بأسماء مثل "طلايه داران اقلیم بارسه" و"تجارت طلایی ساميّار إيرانيان" بين عامي 2010 و2022 بالتعاون مع حميد شكيب مهر، القائد السابق للحرس الثوري في قم وعائلته.

وأشار التقرير إلى أنه بناءً على بيانات نشرتها الجريدة الرسمية، تم حل شركة "بيروان انديشه‌ های قائم" في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وعين شخص باسم "محمد علي محسني إيجه إي" كـ"مدير تصفية"، وهو المسؤول عن الإشراف على إنهاء الشؤون المالية والقانونية للشركة.

وشدد موقع "رويداد 24" على أن العلاقة بين محمد علي وغلام حسين محسني إيجه إي، رئيس السلطة القضائية، غير واضحة، لكن من الواضح أن عملية التحقيق في مخالفات عائلة صديقي والتي بدأت قبل ثمانية أشهر قد وصلت إلى نتيجة، وأن تنفيذ الأحكام بدأ بالفعل.

وأضاف الموقع: "السؤال هنا هو لماذا استغرق اعتقال أبناء صديقي كل هذا الوقت؟"
وطلب بعض الشخصيات القريبة من النظام الإيراني، مثل أمير حسين ثابتی، عضو البرلمان الإيراني ومن المقربين من سعيد جليلي، بالإضافة إلى المنتقدين داخل النظام الإيراني، إقالة أو استقالة صديقي رسمياً.

علي شریفي زارجي، الأستاذ الجامعي السابق في جامعة شريف الذي تم فصله منها، علق على منشور لثابتی على موقع "إكس" يطالب فيه بإعلان براءة صديقي من جرائم أسرته قائلاً: "إعلان البراءة؟! صديقي نفسه وقّع ووضع بصمته على الوثيقة الخاصة باستيلاء عائلته على بستان أزغول البالغ قيمته مليارات التومانات، ثم يريد أن يُعلن براءته ويتم تبييض سمعته؟!"

وكتب أحد مستخدمي الإنترنت: "اعتقال أبناء صديقي خبر جيد، لكننا نأمل ألا يعودوا أقوى مما كانوا كما فعل بابك زنجاني، الذي يمثل نموذجاً للاقتصاد الريعي".

يُتهم زنجاني بأنه المتورط الرئيسي في أكبر قضية فساد نفطي في تاريخ إيران، وبعد مرور 11 عاماً على اعتقاله، تستمر الصحف بنشر صور له خارج السجن وأخبار عن استئناف نشاطاته الاقتصادية.

وكتب أحد المعلقين ساخراً من إنكار خطيب جمعة طهران لجريمة الاستيلاء على الأراضي بعد فضيحة الفساد المالي في 2024: "صديقي يبكي قائلاً: "هؤلاء ليسوا أولادي، لقد تم تزوير هويتي".

في 17 مارس (آذار) الماضي، أعلن صديقي في رسالة إلى مدعي عام طهران أنه لم يكن لديه علم بنقل البستان إلى الشركة العائلية، وأن توقيعه قد تم تزويره بواسطة أحد المقربين منه، ولكن في أبريل (نيسان) 2024، اعترف حسن مرادي، مدير حوزة الخميني، بجريمة الاستيلاء على الأرض التي قام بها صديقي.

وكتب أحد المستخدمين مشيراً إلى أن أقارب صديقي اعتقلوا بعد عام كامل من فضيحة الفساد ورفض النظام الإيراني الاعتراف بها: "علينا أن نرى ماذا فعل صديقي ولماذا اعتقل أبناؤه، هل حرموا شخصاً من حصته، أم أنهم دخلوا دون إذن منطقة نفوذ أحد زعماء المافيا؟"

وعلق موقع "إمتداد"، مشيراً إلى تقرير صحيفة "جوان" حول أن هذه الاعتقالات تدل على "مكافحة الفساد في النظام الإيراني"، بأن الصحيفة لا توضح كيف استطاع هذان الشخصان، لو لم يكونا على علاقة بسيد صديقي، أن يحققا هذا المستوى من الفساد والاستيلاء.

وكتب مواطن آخر مشيراً إلى منصب صديقي ورئاسته لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: "لو أن الهيئة بدل التركيز على غطاء رؤوس النساء والفتيات، كانت تراقب رئيسها وترسل له رسائل نصية تمنعه من السرقة، لما كنا اليوم شهوداً على فساد المسؤولين وأبناء المسؤولين".

وكان بعض المواطنين قد أعادوا نشر تصريحات صديقي من فبراير (شباط) 2017، حيث أكد فيها أن العائلات يجب أن تحافظ على أطفالها من الفساد وتمنع تواصلهم مع الأشخاص الفاسدين والشبكات الشريرة.

وكتب مواطن في هذا السياق: "كيف لشخص لا يستطيع تربية أبنائه أن يدّعي أنه قادر على توجيه المجتمع وتعليمه؟ هذا هو نظام الجمهورية الإسلامية".