دراسة حديثة: "مناهج التعليم" الإيرانية فشلت في تحقيق أهداف النظام وأنتجت "طلابا مضطربين"

تشير نتائجُ دراسةٍ جديدة أُجريت في إيران إلى أن الأهدافَ الغامضة لـ"الحياة الطيبة" وتربية "الإنسان المؤمن" الواردة في الوثائق العُليا للنظام التعليمي للنظام الإيراني أدّت إلى إرباك الطلاب، وفي نهاية المطاف إلى مقاومتهم، مما أسفر عن نشوء "ذاتٍ مضطربة".
وبحسب هذه الدراسة، فإن النظام التعليمي للنظام الإيراني، نتيجة افتقاده للاستقلال عن السياسات الحاكمة وفرضه أهدافاً غامضة مثل تحقيق "الحياة الطيبة" وتربية "الإنسان المؤمن"، لا يربّي أفراداً متّزنين، بل يُنتج طلاباً مُرتبكين ينتهجون في النهاية مقاومةً لهذه التعاليم.
وقد أُنجزت هذه الدراسة بمشاركة كلٍّ من إلهام زارع، بابك شمشيـري، محمد حسن كريمي، وشهرزاد شاهساني، الباحثين في جامعة شيراز، وتناولت التناقضات العميقة القائمة في وثائق "التحوّل الجذري في التعليم والتربية".
أهداف غير عملية وغامضة
وتشير نتائج الدراسة، التي نُشرت في العدد الأخير من مجلة "دراسات استراتيجية الثقافة"، إلى أن الوثائق العُليا للنظام التعليمي، ومنها "وثيقة الأسس النظرية للتحوّل الجذري في التعليم والتربية"، و"وثيقة التحوّل الجذري في التعليم والتربية"، و"وثيقة المنهاج الوطني"، حدّدت تحقيق "الحياة الطيبة" كهدف نهائي.
ووفقاً لنتائج الدراسة، تحتوي وثيقة المنهاج الوطني على نحو 100 مفهوم ضمن 30 بنداً، تتراوح بين مفاهيم مثل "الولاء للولاية"، و"المجاهد"، و"المنتظِر"، إلى ريادة الأعمال، والبهجة، والإبداع، في حين تغفل قضايا أساسية مثل حقوق المواطنة والديمقراطية.
فجوة عن واقع الحياة
أحد أبرز نتائج هذه الدراسة هو وجود فجوة عميقة بين ما تنص عليه الوثائق التعليمية وما يجري في الواقع اليومي لحياة الطلاب.
وقد أدّى هذا الانفصال إلى تحوّل المدرسة إلى "جزيرة معزولة" عن محيطها الاجتماعي.
وحذّر الباحثون من أن النظام التعليمي للنظام الإيراني، في صياغته لأهدافه، لا يأخذ في الحسبان خصائص النمو لدى الأطفال، بل يتعامل معهم كأنهم "راشدون صغار"، وهي نظرة تفرض توقّعات غير واقعية على الطلاب في مراحل عمرية مختلفة.
فرض "النظام القيمي الإسلامي" وإهمال التنوع الثقافي
ومن بين الانتقادات الأخرى التي أُثيرت في الدراسة، الاستخدام الواسع لمفهوم "النظام القيمي الإسلامي" في الوثائق التعليمية؛ وهو مفهوم يُستخدم كمعيار موحّد لتقييم وتوجيه جميع الأنشطة التعليمية.
ويرى الباحثون أن هذا التوجّه يُقيّد حرية الطلاب ويحبسهم ضمن قوالب جاهزة. وهذه المقاربة لا تتعارض مع مبدأ حرية الاختيار فحسب، بل تعيق أيضاً نمو الإبداع والتفكير النقدي.
كما كشفت الدراسة أن الوثائق التعليمية للنظام لا تولي اهتماماً كافياً للتنوع القومي والثقافي في إيران، وتسعى إلى فرض ثقافة واحدة.
وقد أدّى هذا النهج إلى تهميش المجموعات المختلفة وخلق شعور بالاغتراب لدى الطلاب.
ويرى الباحثون أن معالجة هذه التناقضات تستلزم إعطاء الأولوية للجوانب النمائية، واحتياجات، واختلافات الطلاب الفردية عند وضع البرامج الدراسية.
ومن بين التوصيات الأخرى الواردة في الدراسة: ضرورة أخذ القوميات المختلفة والثقافات الفرعية للطلاب في الاعتبار عند إعداد المناهج، توفير فرص متساوية للجميع للمشاركة في عمليات اتخاذ القرار، إرساء العدالة في الوصول إلى الإمكانات التعليمية، واحترام الفروقات والخصائص الفردية لكل طالب.
وفي الختام، شدّدت الدراسة على أن القضاء على العنف الرمزي في النظام التعليمي يتطلّب تحوّلات جذرية في نظرة وسلوك القائمين على التعليم، حتى تصبح المدارس أدواتٍ لتحقيق العدالة التعليمية بدلاً من كونها وسيلة لإعادة إنتاج اللامساواة.