ما الذي يفعله وزير مدان في جلسة النائب الأول للرئيس الإيراني؟

مراد ويسي
مراد ويسي

محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

نُشرت، يوم الثلاثاء 27 مايو (أيار)، صور من جلسة محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، مع مجموعة من الوزراء السابقين والحاليين في النظام الإيراني، عبر وكالات الأنباء الإيرانية.

ومن بين الحاضرين في هذه الجلسة، لفت انتباه الحضور وجهٌ يثير التساؤلات بحضوره، نظرًا لإدانته النهائية بالسجن؛ رضا فاطمي أمين، وزير الصناعة السابق في حكومة إبراهيم رئيسي.

في مارس (آذار) الماضي، ووفقًا لإعلان رسمي من القضاء الإيراني، أُدين فاطمي أمين بالسجن لمدة عام واحد بتهمة دوره في قضية الفساد الاقتصادي المعروفة بـ"شاي دبش".
تُعد هذه القضية، التي يُقال إنها شهدت فسادًا ماليًا يتجاوز 3.7 مليار دولار، أكبر قضية فساد اقتصادي في تاريخ إيران المعاصر.

كان الحكم الأولي للمحكمة يقضي بالسجن خمس سنوات لفاطمي أمين ووزير الزراعة آنذاك، سيد جواد ساداتي نجاد، لكن الحكم خُفّف لاحقًا إلى عام واحد له وسنتين للآخر.

لكن اللافت للانتباه هو عدم تنفيذ حتى هذا الحكم المخفف؛ إذ تُظهر الصور الرسمية من وكالات الأنباء الداخلية أن فاطمي أمين ليس في السجن، بل يشارك في جلسات رسمية بحضور نائب رئيس الجمهورية.

إن حضور شخص مدان في جلسة رسمية دون أي توضيح أو شفافية يثير تساؤلات عديدة. لماذا يظهر شخص حُكم عليه بالسجن بحرية في مستويات عليا حكومية؟ إذا كانت الأحكام القضائية تُهمل بهذا الشكل بالنسبة للمسؤولين السابقين، فكيف يمكن الحديث عن مكافحة الفساد؟

حتى هذه اللحظة، لم تُبدِ أي من وسائل الإعلام الرسمية في البلاد أو المسؤولين الحاضرين في الجلسة أي رد فعل تجاه هذا الحضور. هذا الصمت، في ظل إدانة المواطنين العاديين بعقوبات قاسية لمخالفات أصغر بكثير، يعكس نوعًا من الظلم المؤسسي.

سوابق متكررة

الأمر المقلق الآخر هو وجود سوابق مماثلة لهذا النوع من التعامل مع المسؤولين المدانين.

محمد علي نجفي، وزير التربية والتعليم الـأسبق، الذي أُدين بقتل زوجته وحُكم عليه أولاً بالقصاص، ثم خُفف الحكم بعد ضغوط وتسوية إلى 6.5 سنوات سجن، شوهد مؤخرًا في جلسة رسمية مع محمد رضا عارف، النائب الأول لبزشكيان.

التقطت صورة لهما يقفان جنبًا إلى جنب في أبريل (نيسان) من هذا العام، مما يُظهر أن دعوة المسؤولين المدانين إلى الجلسات الرسمية قد أصبحت عادة متكررة.

هل هذه هي مكافحة الفساد التي وُعد بها؟

لقد أكد علي خامنئي، مرشد النظام الإيراني، مرات عديدة على ضرورة مكافحة الفساد، وفي يوم الأربعاء، 28 مايو، أدلى بتصريحات مفادها أن "الفساد في إيران ليس هيكليًا".

لكن عندما يرى الشعب أن الوزراء المدانين لا يواجهون العقوبة فحسب، بل يظهرون في الجلسات الرسمية الحكومية وتنعكس صورهم في وسائل الإعلام، يصعب تصديق هذه الادعاءات.

تأتي تصريحات المرشد الإيراني، يوم الأربعاء، حول عدم وجود مشكلة خاصة في البلاد في وقت تواجه فيه إيران أزمات متعددة: من إضرابات سائقي الشاحنات في أكثر من 130 مدينة، إلى أزمة إمدادات المياه، انقطاع الكهرباء المتكرر، ارتفاع أسعار الخبز، تلوث الهواء، وهبوط الأرض. كل هذه علامات على أزمات اقتصادية وبيئية وحوكمة عميقة يواجهها الناس يوميًا.

في خضم كل هذه المشكلات والأزمات، فإن تجاهل تنفيذ الأحكام القضائية بحق المسؤولين الكبار المدانين لا يزيد سوى من تأصيل عدم ثقة الشعب بالنظام.

إذا كان شخص يحمل مثل هذه السجلات لا ينفذ حتى حكمه المخفف، بل يُقدم كشخصية محترمة إلى جانب نائب رئيس الجمهورية، فهذا يعني أن المسؤولين، على الرغم من ادعاءاتهم، ليس لديهم إرادة حقيقية لمكافحة الفساد أو احترام القانون.

يبدو أن هناك في إيران مبدأ غير مكتوب لكنه راسخ: إذا كنت من "الأنصار"، فلن يشكل حتى فساد بمليارات الدولارات أو القتل العمد عائقًا أمام عودتك إلى الساحة السياسية.

هذه العادة ترسل رسالة إلى المسؤولين الآخرين: إذا سرقت أو ارتكبت مخالفة، يمكنك تجاوز العواقب عبر النفوذ والعلاقات. كن مخلصًا؛ كن فاسدًا.