رغم دعوة طهران مواطنيها في الخارج للعودة.. النرويج تؤكد اعتقال إحدى مواطناتها في إيران

أكدت وزارة الخارجية النرويجية اعتقال إحدى مواطناتها في إيران، وأعلنت أنه لا يمكن الكشف عن مزيد من التفاصيل لأسباب تتعلق بالسرية.

أكدت وزارة الخارجية النرويجية اعتقال إحدى مواطناتها في إيران، وأعلنت أنه لا يمكن الكشف عن مزيد من التفاصيل لأسباب تتعلق بالسرية.
وفي ردّ على "إيران إنترناشيونال"، وشدّد المتحدث باسم وزارة الخارجية النرويجية مجددًا على توصية حكومة بلاده لمواطنيها بالامتناع عن السفر إلى إيران.
وجاء ذلك رغم أن حكومة الرئيس الإيراني، برئاسة مسعود بزشكيان، كانت قد دعت الإيرانيين في الخارج للعودة إلى الوطن، إلا أن هؤلاء المواطنين يتفاجؤون عند عودتهم بتعرضهم للاعتقال، سواء في المطارات أو بمقار إقامتهم، أو فرض حظر سفر عليهم.
وكان موقع "هرانا" الحقوقي قد أفاد بأن شهين محمودي، وهي مواطنة إيرانية- نرويجية مزدوجة الجنسية، اعتُقلت يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) بعد استدعائها هاتفيًا إلى دائرة الاستخبارات في مدينة سقز، ثم نُقلت إلى مركز احتجاز تابع لاستخبارات سنندج.
وبحسب الموقع ذاته، ومع مرور ثمانية أيام على اعتقالها، فلا تزال محمودي قيد الاحتجاز ووضعها غير محسوم، فيما لم تتلقَ عائلتها حتى الآن أي معلومات حول أسباب اعتقالها أو التهم المحتملة الموجهة إليها أو وضعها الصحي.
وذكر الموقع أن محمودي سافرت من النرويج إلى إيران في 28 نوفمبر (تشرن الثاني) الماضي، وتبع ذلك اعتقالها وفتح ملف قضائي ضدها.
ويأتي هذا التقرير بعد أيام قليلة من تأكيد السويد اعتقال أحد مواطنيها في إيران، بعد أن كشفت السلطة القضائية الإيرانية عن تفاصيل قضية مواطن إيراني- سويدي متهم بالتجسس لصالح إسرائيل.
أكدت وزارة الخارجية السويدية، في ردّها على "إيران إنترناشيونال"، اعتقال أحد مواطنيها في طهران، وهو مواطن سويدي- إيراني مزدوج الجنسية، وقالت إن السفارة ووزارة الخارجية السويدية على تواصل مع عائلة هذا المعتقل.
وكان مساعد حقوق الإنسان والشؤون الدولية في وزارة العدل الإيرانية، عسكر جلاليان، قد قال استنادًا إلى دراسات حكومية "علمية وفنية"، إن "أقل من 2 في المائة، وتحديداً 1.8 في المائة" من الإيرانيين المقيمين خارج البلاد لديهم "ملفات سياسية أو أمنية".
وأوضح جلاليان، في مقابلة نشرتها وكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية يوم الأحد 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن الجالية الإيرانية في الخارج "ليست مجتمعًا إشكاليًا"، مؤكداً أن أكثر من 98 في المائة منهم "لا يواجهون أي مشكلات".
وأضاف أن نسبة "أقل من 2 في المائة" ممن لديهم ملفات أمنية أو سياسية "لا تشكل رقماً ذا دلالة"، مشددًا على أنه "لا ينبغي النظر إلى الإيرانيين في الخارج كتهديد". واعتبر أن مصدر القلق الحقيقي هو "مشروع إيرانوفوبيا" الذي قال إن "معاندين ومناهضين وأعداء البلاد يروجون له دوليًا وإعلاميًا".
تأتي تصريحات هذا المسؤول رغم توثيق حالات عديدة خلال السنوات الماضية لإيرانيين عادوا إلى البلاد، فتمّ اعتقالهم أو سجنهم أو فرض حظر سفر عليهم. ومن بين هؤلاء: آفرين (معصومة) مهاجر، وهي إيرانية-أميركية تبلغ 70 عاماً، ورضا وليزاده، وهو أيضاً إيراني-أميركي، إضافة إلى نسرين روشن، مواطنة إيرانية-بريطانية، والصحفي كيانوش سنجري. وقد ساهمت هذه الحالات، إلى جانب تقارير عن ضغوط أمنية ومنع من السفر، في تعميق مخاوف الجالية من العودة.
"اطلبوا العفو من خامنئي"
وحول التعامل مع الإيرانيين في الخارج الذين يملكون ملفات "سياسية أو أمنية"، قال جلاليان إن الجهات المختصة مثل النيابة العامة ووزارة الاستخبارات والشرطة "تتعامل وفق طبيعة الجرائم والملفات". وأضاف: "مسار من يواجه قضايا أمنية أو استخباراتية واضح ومحدد".
ووصف قانون "دعم الإيرانيين في الخارج" بأنه "قانون مهم"، مشيرًا إلى أن مادته السادسة تُلزم السلطة القضائية بإطلاق منصة إلكترونية تتيح لأي إيراني حول العالم تقديم الشكاوى والدعاوى والاعتراضات ومتابعتها عن بُعد.
وأشار إلى أن الإيرانيين المقيمين في الخارج والذين يواجهون أحكاماً قضائية داخل البلاد يمكنهم تقديم طلبات للاستفادة من "عفو المرشد ".
وكان جلاليان قد قال سابقًا في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن الذين غادروا إيران لأسباب سياسية "يمكنهم العودة"، لكنه أقرّ بأن احتمال معاقبتهم "قائم".
الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع
وعلى الرغم من التأكيدات الرسمية بعدم التعامل الأمني مع المهاجرين، تشير تجارب عديدة ونتائج أبحاث اجتماعية إلى واقع مختلف. ففي دراسة بعنوان "هجرة الإيرانيين: الأسباب والدوافع" نُشرت في ديسمبر 2024 وشملت أكثر من 12 ألف مشارك، قال نحو 19 في المائة إنهم يعيشون خارج البلاد، ولم يبدِ سوى خمسهم رغبة في العودة. كما أظهرت الدراسة أن 16 في المائة فقط من الإيرانيين لا يفكرون في الهجرة.
وتعكس هذه المعطيات، إلى جانب التباين الواضح بين الخطاب الرسمي والمخاوف الأمنية التي يعيشها الإيرانيون في الخارج، أحد أهم أسباب استمرار فقدان الثقة في إمكانية العودة الآمنة إلى البلاد.