ونُشر المقال المشترك لظريف وطالب كلية الدراسات العالمية في جامعة طهران، أميربارسا كرمسيري، يوم الاثنين 22 ديسمبر (كانون الأول)، في مجلة "فورين أفيرز".
ويغلب على هذا المقال تكرار المواقف الرسمية للنظام الإيراني، ومن بينها التأكيد على فشل سياسات أميركا تجاه طهران، والقول إن "الولايات المتحدة وأوروبا زادتا من التوترات الإقليمية والعالمية، دون أن تحققا أيًّا من أهدافهما المعلنة".
وأشار ظريف، في تلميح غير مباشر إلى الهجمات الأميركية والإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، إلى أن "على الولايات المتحدة أن تدرك أنها لا تستطيع تدمير القدرات الكبيرة لإيران، لأن معظم هذه القدرات محلية وقابلة لإعادة البناء".
وجاء نشر هذا المقال في وقت تصاعدت فيه خلال الأيام الأخيرة التكهنات بشأن احتمال شن هجوم جديد من قِبل أميركا وإسرائيل على إيران.
الإصرار على التخصيب داخل الأراضي الإيرانية
تطرق ظريف إلى آفاق المفاوضات بين إيران وأميركا، قائلاً: "يمكن للبلدين الاتفاق على هدفين مشتركين: ألا تصنع إيران أبدًا سلاحًا نوويًا، وألا تهدد الولايات المتحدة إيران بحرب عسكرية أو اقتصادية، أو تُقدم على شنها".
وأضاف أنه لتحقيق هذين الهدفين "يمكن لإيران أن تقترح مزيدًا من الشفافية، وفرض قيود على التخصيب، وإمكانية إنشاء آلية إقليمية مثل كونسورتيوم للتخصيب. وفي المقابل، يجب على الولايات المتحدة رفع عقوباتها والسماح برفع عقوبات الأمم المتحدة أيضًا".
وعلى هذا يمكن فهم طرح ظريف موضوع "القيود على التخصيب" على أنه إصرار من طهران على استمرار تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، وهو الملف الذي دفع المفاوضات السابقة مع واشنطن إلى طريق مسدود.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد شددت مرارًا، خلال المفاوضات النووية، على أنه لا بد من خفض تخصيب اليورانيوم الإيراني إلى "الصفر".
التفاوض لاحتواء الخلافات لا لإقامة علاقة ودّية
دعا ظريف، في مقاله، إلى "حوار مباشر جديد" بين طهران وواشنطن، مؤكدًا في الوقت نفسه أن هدف هذه المفاوضات ليس "إقامة علاقة ودّية" بين الطرفين.
وكتب: "إن إيران والولايات المتحدة لديهما خلافات متجذرة وغير قابلة للحل في الهوية والأيديولوجيا، ولا يستطيع أيٌّ منهما أن يستسلم فعليًا".
وأضاف وزير الخارجية السابق أن طهران لا يمكنها في مثل هذه المفاوضات سوى اتباع سياسة "إدارة واحتواء الخلافات مع أميركا".
ويأتي طرح ظريف لفكرة التفاوض المباشر بين طهران وواشنطن في وقت كان المرشد الإيراني، علي خامنئي، قد رفض، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي الحوار المباشر، مؤكدًا أن "جوهر القضية هو عداوة أميركا"، وأن هذه العداوة "غير قابلة للحل" عبر أدوات من قبيل التفاوض.
اقتراح اتفاق نووي جديد
اقترح ظريف التوصل إلى "اتفاق نووي مُحدّث" بين إيران وأميركا، يمكن في إطاره أن يخطو الطرفان خطوات نحو معالجة "قضايا صعبة أخرى، مثل الأمن الإقليمي، وضبط التسلح، ومكافحة الإرهاب".
وكتب: "على سبيل المثال، قد يُطلب من إيران أن تتعهد بعدم شن هجوم على أميركا أو حلفائها الإقليميين؛ وفي المقابل، تقدم أميركا وشركاؤها ضمانات متبادلة".
وجاء في موضع آخر من المقال: "قد تلتزم طهران أيضًا، على أساس تعهد متبادل، بألا تستخدم قدراتها العسكرية إلا في إطار الدفاع عن النفس في مواجهة هجوم مسلح".
واعتبر ظريف أن "الوجود التهديدي للولايات المتحدة حول إيران، والتدفق غير المسبوق للأسلحة الأميركية المتطورة إلى المنطقة"، يشكلان "هواجس أمنية" للنظام الإيراني، داعيًا واشنطن إلى أخذ مخاوف طهران في هذا الشأن بعين الاعتبار.
تكرار الاتهامات ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية
كرر ظريف، في مقاله، الاتهامات، التي وجّهها مسؤولو النظام الإيراني، خلال الأشهر الأخيرة، إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكتب: "المسؤولون الإيرانيون محقّون في قلقهم من أن أي معلومات تُقدّم إلى الوكالة قد تُستخدم لأغراض الاستهداف العسكري".
وأضاف، مكررًا المواقف السابقة لحكومة إيران، أن "المعلومات السرية" المتعلقة بالبرنامج النووي لطهران "تسرّبت في السابق من الوكالة إلى الخارج".
ومع ذلك، أكد ظريف أن النظام الإيراني يمكنه، من خلال "مزيد من الشفافية" بشأن برنامجه النووي، و"التعاون المناسب" مع الوكالة، تسهيل مسار التوصل إلى اتفاق.
وبعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، تحولت مسألة مخزونات اليورانيوم المخصّب التابعة لإيران إلى تحدٍّ جدي أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، قد قال يوم السبت 20 ديسمبر (كانون الأول)، إن طلب الوكالة تفتيش المنشآت النووية الإيرانية التي تعرّضت للقصف "غير معقول".