وقد طرحت "إكس" مؤخرًا ميزة جديدة تُبيّن عنوان الـ"IP" الذي أُنشئ منه الحساب، والدولة التي يتصل منها المستخدم حاليًا، وكذلك الطريقة التي يستخدمها للدخول إلى حسابه.
ولكن في إيران، فإن منصة "إكس"، مثل كثير من شبكات التواصل الأخرى، خاضعة منذ سنوات للفلترة، التي يفرضها النظام، ولا يستطيع المستخدمون الوصول إليها إلا عبر "VPN" أو أدوات تجاوز الحجب الأخرى.
ولهذا السبب، لا يظهر مكان الاتصال داخل إيران في الميزة الجديدة لدى معظم المستخدمين، لأنهم يدخلون إلى المنصة عبر اتصالات غير مباشرة ومن خوادم خارج البلاد.
وما أثار حساسية الرأي العام الإيراني هو أن حسابات عدد من المسؤولين الحكوميين والنشطاء السياسيين والإعلاميين المقرّبين من النظام لا تزال تُظهر أن موقع الاتصال ومكان الحساب هو إيران.
ويقول المنتقدون إن هذا يدلّ على أنهم يستخدمون إنترنت بلا قيود، يُعرف باسم "الإنترنت الطبقي" أو "الشرائح البيضاء"، وهي شرائح غير خاضعة للفلترة.
غضب شديد من امتيازات الإنترنت للمستخدمين الحكوميين
كتب مستخدم باسم "حامد" على "إكس": "حين رأيت هذا الظلم في الإنترنت الخاص بذوي الشرائح البيضاء، تذكّرت رواية مزرعة الحيوان: الحيوانات متساوية، لكن بعض الحيوانات أكثر مساواة من غيرها".
وكتب مستخدم آخر باسم "محمد" منتقدًا أحد المروجين للنظام: "من أشدّ مؤيدي الفلترة، لكنه يمتلك شريحة بيضاء (إنترنت طبقي). من حق الناس أن يكرهوكم".
وتناول أحد المواطنين البيانات المتعلقة بحساب أمير حسین ثابتي، عضو البرلمان الإيراني وأحد أشد المدافعين عن الحجاب الإجباري والفلترة، وقال بسخرية عن استخدامه هاتف آيفون: "هاتف أميركي، تطبيق أميركي، إنترنت أبيض.. ونصيحته للشعب: اقتصاد مقاوم".
وكتب مستخدم آخر في "إكس": "هذه الأيام لم تعد الحقيقة تُخفى؛ فهي تخرج من بين تفاصيل المواقع لتفضح من يتنفسون في ظل الشريحة البيضاء، ومن يُخنقون داخل قفص الفلترة".
وأضاف: "هؤلاء أصحاب الامتياز يظهرون بوجه هادئ قائلين: كان ذلك ضروريًا، احتجناه للعمل، ولأجل الأمن. لكن الحقيقة أن هذه الضرورة رائحة ريع، وهذا الأمن جدار أعلى حول الناس".
ويقول المنتقدون إن "الشريحة البيضاء" تُقدّمها وزارة الاستخبارات وجهاز استخبارات الحرس الثوري للعاملين المرتبطين بالنظام، حتى يستخدموا الإنترنت بلا قيود لصالح النظام الإيراني.
ومِن ثمّ، حتى عند حصول قطع أو اضطراب واسع في الإنترنت، تظل هذه الشرائح متصلة بشبكة غير مُفلترة، ولا تواجه أي قيود، بخلاف الشرائح العادية.
وبعد تصاعد الانتقادات، أكّد الناشط الإعلامي المقرّب من النظام، أمیر تنها: "الكثير من الأصدقاء منذ بداية الحرب (بين إسرائيل وإيران) فُعّلت لهم خطوط بيضاء، عن قصد أو بدون قصد، وهي مستمرة".
الإنترنت الطبقي في إيران.. ظاهرة جديدة أم امتياز قديم؟
قال الصحافي المقيم في ألمانيا، مسعود كاظمي، لـ "إيران إنترناشيونال"، إن موضوع "الإنترنت غير المُفلتر" كان موجودًا منذ منتصف عام 2017 على الأقل، بالتزامن مع تولّي محمد جواد آذري جهرمي وزارة الاتصالات في حكومة الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني.
وأضاف كاظمي: "في تلك الفترة، حصل المقرّبون من الأجهزة الأمنية وبعض الناشطين السياسيين والصحافيين الموثوقين لدى جهرمي على هذا الامتياز، لكن مع اندلاع حرب الـ 12 يومًا يبدو أن الأمر أصبح أكثر تنظيمًا، وأن النظام منح هذا الريع لعدد أكبر من الأشخاص الذين يثق بهم".
وأوضح أن الهدف، وفق الأدلة المتوفرة، كان بناء "سردية كبرى حول قومية مرغوبة لدى النظام وإظهار وحدة وطنية."
تساؤلات حول دقة ميزة "إكس" الجديدة
يرى البعض أن ميزة تحديد موقع المستخدم في منصة "إكس" ليست موثوقة بالكامل، وأن أخطاء أو تناقضات تظهر أحيانًا في تحديد الموقع.
وذكّرت صفحة "الإنترنت الحر للجميع" أنه إذا استخدم المستخدمون بروتوكولات مثل Warp"" أو "Mask" أو لجأوا إلى "الكونفيغ (مصطلح يُستخدم غالبًا في مجال تقنية المعلومات للإشارة إلى ملفات التكوين التي تخزن إعدادات مثل إعدادات النظام أو اللغة أو الشبكة) الخالي من الخادم" لتجاوز حجب "إكس"، فقد تظهر إيران في قسم "حول حسابك".
وأضافت الصفحة أن السبب هو أن عنوان الـ"IP" في تلك الحالات يظهر كأنه من إيران، أو أن العنوان الأصلي يُسجّل في حالة الاتصال الخالي من الخادم.
وجاء في التوضيح: "هذا لا يعني بالضرورة أن لديك إنترنت أبيض أو طبقيًا، لكنه قد يكون أحد عوامل تقييم الحساب، إلى جانب سلوك المستخدم، وتاريخ نشاطه، والألوان السياسية التي غيّرها في اللحظات الحساسة، وعدد تغييرات اسم المستخدم."
كما أشارت مستخدمة باسم "إلهه" إلى أن جزء Account based in "قابل للتغيير من قبل المستخدم، لذا لا يمكن الوثوق به كثيرًا".
وذكرت صحيفة "ذا فيرج" الأميركية أن شكاوى عديدة ظهرت حول عدم دقة هذه الميزة.
ووفق التقرير، فإن أسباب عدم الدقة متعددة؛ المستخدمون الذي يسافرون كثيرًا أو المؤسسات الإعلامية التي يعمل موظفوها في بلدان مختلفة قد يظهرون في مواقع غير حقيقية بشكل مؤقت.
كما أن استخدام "VPN" أو عناوين IP"" قديمة قد يؤدي أيضًا إلى خطأ في تحديد الموقع.
وأكّد رئيس قسم المنتجات في "إكس"، نيكيتا بير، أن الهدف من الميزة هو "زيادة الشفافية"، وأوضح أنها قد تحتوي في البداية على "بعض الأخطاء الصغيرة".
وأضاف مؤكدًا دعمه لها: "هذه خطوة مهمة للحفاظ على صحة وموثوقية ساحة النقاش العالمية. نريد توفير طرق أكثر للمستخدمين للتحقق من أصالة المحتوى الذي يرونه في إكس".