وأفادت حملة النشطاء البلوش بأن عدة عائلات، بعد الإعلان عن صدور الحكم النهائي بحق المتهمين بإطلاق النار، في 30 سبتمبر (أيلول) 2022، والوعود بدفع الدية، واجهوا "الإهانة وغياب الرد التام" خلال مراجعاتهم المتكررة للمحكمة العسكرية ومكتب المحافظ والجهات ذات الصلة.
وقالت عدة عائلات لهذه الحملة: "لا أحد يجيب، والوعود بقيت مجرد كلام فقط".
وتحدثت سبع عائلات مع هذه الحملة واشتكت من تجاهل "علماء الدين، وزعماء القبائل، والمسؤولين المحليين" في متابعة أوضاع الضحايا حقوقيًا أو علاجيًا.
وكان رئيس جهاز القضاء في بلوشستان إيران، علي موحدي راد، قد أعلن، في 21 سبتمبر الماضي، صدور أحكام بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات بحق المتهمين ودفع دية القتلى، وادّعى أنه "تمت تلبية مطالب المواطنين والعائلات".
وبعد نشر هذا الخبر، قوبل حضور موحدي راد ومسؤولي الأمن في مسجد مكّي في زاهدان ومحاولتهم لتهدئة بعض العائلات باحتجاج من المواطنين وأقارب الضحايا.
ويُذكر أنه في 30 سبتمبر 2022، وفي ذروة احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية"، التي أُطلق عليها "انتفاضة مهسا أميني"، فتح عناصر أمنيون النار على المصلّين في زاهدان، الذين كانوا يحتجون على اغتصاب قائد في شرطة لفتاة بلوشية تبلغ 15 عامًا.
في هذا الهجوم، قُتل أكثر من 100 شخص، بينهم 17 طفلًا، وأصيب ما لا يقل عن 300 شخص بجروح خطيرة مثل قطع النخاع الشوكي وبتر الأعضاء.
وقد شكّل هذا الحدث بداية احتجاجات واسعة ضد النظام الإيراني في العديد من مدن محافظة بلوشستان. وعلى مدى أسابيع، كان المصلون يتجمعون في احتجاجات بعد صلاة الجمعة.
وبعد نحو شهر من "الجمعة الدامية" في زاهدان، ارتكبت القوات الأمنية مجزرة مشابهة في مدينة خاش.
وأعلن رئيس جهاز القضاء في بلوشستان، علي موحدي راد، في 12 يناير (كانون الثاني) 2025، أن العناصر المتهمين بإطلاق النار، في 30 سبتمبر 2022، تمت تبرئتهم من تهمة القتل العمد، ولم تصدر ضدهم إلا عقوبة السجن لمدة 10 سنوات.
وأوضح أنه خلال النظر في القضية طُرحت تهمة القتل العمد، لكن "لم يتضح مطلقًا من هو الشخص الذي أطلق الرصاصة الأخيرة وبأي سلاح"، وبناءً على ذلك تم إسقاط القصاص واستبداله بالدية.
ومع ذلك، أكدت عائلات الشهداء والجرحى، في حديثها مع الحملة، أنّ أي جهة لا ترد على مراجعاتهم المتكررة.
وتقول العائلات إن سلوك المسؤولين مهين، وحتى الوعود المتعلقة بدفع الدية أو تحديد وضع الجرحى كـ "معاقين جراء الخدمة" لم تُتابَع بفاعلية.
وترى عائلات قتلى زاهدان وخاش أن الأحكام الصادرة تجسد "غياب الإرادة الجدية لتحقيق العدالة"، وطالبت المنظمات الحقوقية بإجراء تحقيقات مستقلة حول كيفية التعامل مع هذه القضية.
وكان خطيب أهل السُّنة في زاهدان، مولوي عبد الحميد، قد طالب سابقًا بمحاكمة "الآمرين والمنفذين" لإطلاق النار، لكن تصريحات الجهاز القضائي تشير إلى أن التحقيق اقتصر فقط على منفذي إطلاق النار دون النظر في طبقات القيادة. كما قال إن المسؤولين القضائيين المشرفين على القضية يتعرضون لضغوط.
ورغم عشرات القتلى ومئات الجرحى في زاهدان وخاش، فلم يُحاسب أي مسؤول عسكري أو أمني حتى اليوم، ولا تزال العائلات تعيش حالة من الغموض واللاعدالة.
ونقلًا عن حملة نشطاء البلوش، فإن الجهاز القضائي، من خلال إصدار أحكام مخففة والادعاء بأنه أدى التزاماته فيما يتعلق بالدفع، يسعى إلى تقليل مسؤولية القوات العسكرية.
وبحسب قول العائلات، فإن هذا النهج يعزز "الحصانة البنيوية للقوات الأمنية" ويمنع تحقيق حقوق الضحايا.