وفي كلمته، يوم الاثنين 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بمناسبة إحياء ذكرى اقتحام السفارة الأميركية عام 1979، حثّ خامنئي النساء على تذكير من حولهن بضرورة الالتزام بالزيّ الإسلامي.
وقال: "ذكّروا النساء حولكن بأن ينظرن إلى الحجاب كمسألة دينية وإسلامية وزهرائية وزينبية"، في إشارة إلى رائدات الأسرة في الإسلام المبكّر.
وكان اختيار الكلمات حذرًا ودقيقًا، لكنه أكثر من كافٍ للجمهور المقصود.
وبعد الخطاب، قال رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني ايجئي، للمدعين العامين والمواطنين: "إنّ عليكم واجبًا في إقامة (الواجب الديني) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، واعدًا بدعم قضائي كامل لمثل هذه الإجراءات.
وسرعان ما تداولت الأصوات المحافظة تعليقات خامنئي على وسائل التواصل الاجتماعي، وصوّرت تلك التصريحات على أنها إذن بمواجهة النساء غير المحجبات.
وكتب أحد المتشددين المتطرفين على منصة "إكس": "هل يعني أمر قائدنا العزيز شيئًا سوى جهاد التبيين والأمر بالمعروف؟ لِيَصمُتْ أولئك الذين يدّعون أنه تراجع عن الشريعة والحجاب!".
ونشر آخر: "تدخل مرة أخرى المرشد بنفسه، مذكّرًا بواجب الأمر بالحجاب ومنع الفسق، سواء بطرق إيجابية أو وقائية".
وفسّر الكاتب الإيراني، محمد نیك بخت، التصريحات بأنها إشارة إلى نهج أكثر ليونة ومن الأسفل إلى الأعلى، معتبرًا أن خامنئي يقصد أن يبدأ تطبيق الحجاب داخل الأسر "وليس عبر شرطة الآداب أو تشريع أو غرامات أو اعتقالات".
تدخّل نادر
نادرًا ما تناول خامنئي موضوع الحجاب مباشرة خلال العام الماضي. ففي أبريل (نيسان) 2023 اتهم أجهزة استخبارات أجنبية بتحريض النساء الإيرانيات على رفض "الحجاب الإجباري"، ووصف مثل هذا التمرد بأنه "حرام دينيًا وسياسيًا".
وأثار ذلك التصريح حملة رسمية مؤقتة لاستعادة السيطرة عقب احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية".
ولم يعدّ خامنئي إلى الموضوع علنًا حتى الآن، وفي وقت سابق هذا العام بدا كأنه تملص من سؤال نائب برلماني متشدد حول سبب عدم تنفيذ القانون.
تعثُّر القانون
قام البرلمان الإيراني بإقرار "قانون الحجاب والعفاف" في سبتمبر (أيلول) 2024، وهو يفرض قيودًا واسعة جديدة. لكن المجلس الأعلى للأمن القومي علّق تنفيذَه بهدوء؛ خشية تجدد الاحتجاجات.
وقد اعتُبر ذلك القرار على نطاق واسع بمثابة موافقة ضمنية من خامنئي، إلا أن تصريحاته الأخيرة تُفسّر الآن من قِبَل المتشددين بأنها إشارة لاستئناف تنفيذ القانون.
وفي أواخر مارس (آذار) الماضي، فرّقت الشرطة الإيرانية نحو عشرين متطوّعًا مؤيدًا للحجاب كانوا قد نَصَبُوا مخيّمًا أمام البرلمان لأكثر من 45 يومًا؛ ولم ترد أنباء عن اعتقالات.
وعبرت مستخدمة باسم "سيدة" على الإنترنت بمرارة: "كم شخصًا نستطيع أن نحذر؟ كم من الوقت يمكننا أن نسير في الشوارع؟ الانكشاف قد انتشر في كل مكان كالجراد. يا الله، خُذ انتقامنا من هؤلاء المسؤولين الخائنين غير المكترثين الذين لا شرف لهم!!".
انقسام سياسي وتصاعد التمرد
يخشى المسؤولون أن يؤدي إحياء "دوريات الإرشاد" أو تشديد قواعد الحجاب، في ظلّ الضائقة الاقتصادية، إلى إشعال احتجاجات جماهيرية من جديد.
وقد أكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أنه لا يملك القدرة على فرض القانون، مشددًا على أن الحوار وحده يمكن أن يُقنع النساء، وهو ما تعتبره التيارات المحافظة سببًا لحالة الشلل في تنفيذ التشريعات.
وبدوره وبّخ حسن نيا، القائد البارز في الحرس الثوري، الرئيس الإيراني، هذا الأسبوع قائلاً: "لن يصلح الحوار المشكلة. هناك حاجة لإجراءات حازمة. إذا أذن المرشد، سنمزّق جلد رؤوسهن".
وفي الوقت نفسه، يستمر التمرد في الانتشار، حتى في المدن الدينية، مثل "قم" و"مشهد".
وفي طهران، أصبحت النساء غير المحجبات الآن أكثر عددًا من المحجبات في كثير من الأحياء، وتمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بمشاهد تجمعات مختلطة، وموسيقى، ورقص، ونساء يرتدين أزياء تكشف البطن.
وقال النائب المحافظ السابق لرئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري، في نقاشه مع بزشكيان: "نعم، نقول إنه لا ينبغي الإفراط في استخدام الشرطة، لكن من الذي يُفترض أن يوقف امرأة تتجول وبطنها مكشوف؟".